رغم كل الظروف القاسية التي يعيشها اللاجئون السوريون في بلاد اللجوء , إلا أن شهر رمضان المبارك يحمل لهم الكثير من المعاني ويحظى بأهمية ومكانة مميزة لدى العائلات الغنية والفقيرة على حد سواء.
ومع قرب انتهاء اليوم الثالث من شهر رمضان الكريم لازال السوريون ينتشرون في الأسواق والبازارات , يستدركون ما ينقصهم ويشترون احتياجات عائلاتهم لصيام ذلك الشهر للعام السابع على التوالي وعلامات الألم ترتسم على وجوههم والدمعة بأعينهم على فراق أحد أفرادهم إما أن يكون شهيداً اغتالته آلة الإجرام الأسدية أو مغترباً في إحدى الدول الغربية او أن يكون من المعتقلين لدى النظام السوري ولسان حالهم يقول: الفرج يا الله.
محمد علي اليوسف (43 عاماً) التقيناه في أحد الأسواق الشعبية أو ما تعرف بـ «البازار» في ولاية هاتاي وهو يشتري حوائج المنزل التي اتفق عليها مع زوجته أم علي التي كتبتها على ورقة وأعطته إياها .
مدن وبلدات ولاية هاتاي جنوب تركيا تغص بالسوريين وبمحلاتهم الغذائية وغيرها ما يجعل الأجواء الرمضانية في هذه المدينة تشبه الأجواء السورية في رمضان وإن اختلفت في بعضها في ظل وجود مئات العائلات السورية على اختلاف مشاربهم ومستوياتهم بحسب ما قال محمد علي لموقع مرآة سوريا الإخباري.
ويشير اليوسف الذي فر من القصف بالصواريخ على حيهم السكني في ريف دمشق عام 2015 إلى أن أسواق أنطاكية باتت مليئة بالسوريين الذين افتتحوا محلات من كافة أنواع البضائع والأغذية والمطاعم والكافيتيريات الخاصة وأصبحوا يقدمون الأكلات الشامية والمشروبات الشهيرة كالعرق سوس وشراب التمر هندي والحلويات الشامية الشهية كالمعروك وعش البلبل وحلاوة الجبن.
يرفع صالح الحموي يديه إلى السماء قائلاً:” يالله أكرمنا بالفرج , وخلصنا من بشار الأسد صاحب اللسان الأعوج” ,ثم يتابع الحموي ابن الخمسين عاماً ,والذي اضطر لهجران بيته في ناحية الحمرا بريف حماة الشرقي:”رمضان في ريف حماة له معان كبيرة , يكفي أنك تشم هواء سورياً ,وتنام القيلولة تحت سقف منزلك ,وحولك أولادك جميعاً ,بالطبع ستكون الأجواء أفضل برأيي”.
أما رنيم عيسى الطالبة الجامعية التي اختارت مدينة غازي عنتاب لتسكن فيها مع والدتها وأختها الصغرى فتقول لـ موقع مرآة سوريا :”إن الحياة في غازي عنتاب أصبحت عادية , الكل تأقلم مع الأوضاع الجديدة , رغم أن الكثير لا يريد أن ينسى حلب أو حتى أي بقعة من سوريا , لكن المدة الزمنية التي أجبرنا على بقائها هنا في تركيا جعلتنا نشعر بشيء من الاعتيادية أو التعايش مع المجتمع الذي وجدنا فيه”.
وتضيف رنيم قائلة: “كل ما تشتهيه نفسك, المساجد في كل حارة وفي كل بقعة , الأذان يرفع بانتظام والصلاة تقام وكافة الشعائر الدينية وهذا بديهي فالبلد إسلامي , إضافة لوجود عشرات المحلات السورية المشتهرة بالبهارات ومستلزمات الطعام والمطاعم المتنوعة التي تقدم المأكولات السورية المشهورة إلى جانبها دكاكين العصائر الطبيعية وعرق السوس والتمر الهندي ومحلات الحلويات السورية والقطايف , ماذا تريد أن أحصي لك و كل ما هو سوري وكل ما تعودنا عليه في سوريا نراه موجوداً على موائدنا وفي أسواق تركيا”.
ومنذ أيام ظهرت الأجواء الرمضانية المبكرة بنكهتها الشامية، فالمحلات المتنوعة عرضت بضائعها بكثرة ووفرت كل المستلزمات الرمضانية التي اختلطت بين المنتجات التركية والسورية التي يتم جلبها بواسطة التجار من داخل الأراضي السورية إلى مدينة إسطنبول.
وكانت المحلات السورية والمطاعم المتنوعة والشهيرة في إسطنبول وأنقرة وغازي عنتاب وأورفا وباقي المدن التي تكتظ بالسوريين قد استقبلت شهر رمضان المبارك بتقديم إعلاناتها وعروضها الرمضانية الجديدة حيث عملت قبل دخول الشهر الكريم بتجهيز صالاتها وزينتها وتحضيراتها لتقديم أشهى وألذ المأكولات والمشروبات.
بينما سارعت محلات الحلويات والمعجنات لصناعة الحلويات السورية المعروفة والكعك بأنواعه وكل ما هو خاص بشهر رمضان.
ويضطر نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري للتعايش مع الطقوس الرمضانية في تركيا رغم أن عادات السوريين وتقاليدهم القديمة لا تزال راسخة في أذهانهم رغم أن بعضهم مارس تلك العادات في رمضان غربتهم هذا العام والأعوام التي سبقتها.
يذكر أن البلديات التركية تمتاز بتقديم برامج رمضانية منوعة وإفطارات جماعية يومية في ساحات ومناطق شهيرة كمدينة إسطنبول إلى جانب إحياء الأمسيات الفنية والدينية.