يعد التمويل إحدى الحلقات الهامة التي يتنافس عليها التنظيمان الأبرز، جبهة النصرة وتنظيم الدولة المولودان من رحم تنظيم القاعدة والعاملان في سوريا، وقد سقط ضحية ذلك التنافس آلاف القتلى من الطرفين وخصوصاً خلال معارك السيطرة على محافظة دير الزور بما تحتويه من حقول نفط كانت تنتج أكثر من 74 بالمائة من نفط سوريا.
عند ظهور جبهة النصرة في وقت متأخر من عام 2011 لم يكن ظاهراً إلى العلن الخلاف بين تنظيم القاعدة الأم وبين تنظيم الدولة في العراق آنذاك وإنما ظهرت الجبهة كفرع سوري للفرع الإقليمي الرئيس للقاعدة في العراق والتزم الجميع ببيعة أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، ولكن مع اشتداد عود الجبهة وبروزها كأقوى فصيل على الساحة السورية وسيطرتها على العديد من مصادر الثروات الطبيعية والمناطق الصناعية الكبيرة ظهرت إلى العلن خلافات حادة حول الأحقية بالقيادة والبيعة تطورت فيما بعد لاقتتال عنيف يرجع العديد من المراقبين جذوره الرئيسية لأسباب اقتصادية بحتة حيث أراد كل من الطرفين السيطرة على مصادر التمويل ما يضمن له القوة المطلقة وجذب المقاتلين وتطوير القدرات العسكرية.
وفي هذا السياق فإن أنصار تنظيم الدولة يؤكدون على أن جبهة النصرة تم تأسيسها ودعمها وإرسالها إلى (الشام) بأمر من “أبو بكر البغدادي” زعيم التنظيم والذي تمت مبايعته فيما بعد (خليفة للمسلمين)،ويدللون على كلامهم باعتراف “أبو محمد الجولاني” أمير جبهة النصرة بأن البغدادي أمده (بشطر مال الدولة) أي بنصف مقدرات تنظيم الدولة .
وبحسب مصدر مقرب من الشيخ (أبو ماريا القحطاني) الشرعي السابق لجبهة النصرة وأحد أهم رموزها الذين قادوا الصراع العسكري والفكري ضد تنظيم الدولة فإن المبلغ الذي وصف بأنه(شطر مال الدولة) كان سبعين ألف دولار أمريكي فقط ..وفي هذا السياق يؤكد المصدر والذي رافق القحطاني منذ دخوله لدير الزور وحتى خروجه منها أن جبهة النصرة قد سددت فعليا عند افتراق التنظيمين عن بعضهما وقبل نشوب الاقتتال ما قيمته مليون وثمانمائة ألف دولار ماعدا المعدات العسكرية التي استولى عليها تنظيم الدولة في محافظتي إدلب وحلب في العام ٢٠١٣، بالإضافة إلى ما لا يمكن عده وحصره على حد تعبير المصدر من أموال ومعدات عسكرية وصناعية وضع تنظيم الدولة عليها يده منذ اندلاع النزاع المسلح بين التتنظيمين السلفيين الذي لايزال مستمراً حتى يومنا هذا وأدى لتداعيات خطيرة على جغرافية سوريا وخريطة القوى العسكرية المعارضة للنظام.