بعد فترة طويلة من الإعداد أبصرت النور تجربة قناة العربي التي تبث من العاصمة البريطانية لندن، المشروع الإعلامي الضخم الذي تموله دولة قطر لاقى العديد من ردود الفعل والتي جاءت في سياقات المواقف السياسية من قطر وقيادتها.
القناة التي يشرف عليها بشكل مباشر المفكر العربي عزمي بشارة – كما تصفه قناة الجزيرة القطرية- طُرحت كبديل (يساري) عن الجزيرة.. بشارة الذي عمل كمستشار خاص للشيخ تميم بن حمد ، أشرف خلال إقامته في قطر على العديد من الأعمال البحثية والاعلامية حيث يدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، بالإضافة إلى شركة (فضاءات ميديا) التي تشرف على الكثير من وسائل الإعلام الممولة من قطر.
وفي حين وصفت وسائل إعلامية قريبة من أبو ظبي المنافس الإقليمي اللدود للدوحة افتتاحَ القناة بأنه جاء في إطار تحسين صورة قطر التي شوهتها الجزيرة.. يشير مراقبون إلى أن هذا المشروع الإعلامي يأتي في سياق احتواء وترويج التيار اليساري العروبي الذي يتبناه بشارة أو يحاول صناعته في الشارع العربي بعدما أثبتت الثورات اجتياح التيارات الإسلامية بمختلف اتجاهاتها للأوساط الشبابية العربية، وأن الدعم القطري لتوجه الدكتور عزمي بشارة يأتي ضمن السياسة القطرية العامة التي تعتمد على تبني خيارات الشارع العربي ولكن هذه المرة وفق منظور جديد يبتعد عن الإسلام السياسي ويحاول الترويج لتيار مدني يساري شبابي يعكف الدكتور عزمي بشارة على طرحه بديلاً عن التوجه الإسلامي ولو من الناحية الإعلامية مبدأياً.
وفي الاتجاه نفسه تسير السياسة التحريرية لموقع العربي الجديد منذ انطلاقته في شهر آذار الماضي والذي كان لبنةً لشبكة التلفزيون العربي، حيث اعتمد الموقع على كتاب يساريين أو ليبراليين لإدارته وتقديم مواده الإعلامية حتى في مقالات الرأي، وكان إسلام لطفي الرئيس التنفيذي لشبكة التلفزيون العربي قد صرح في وقت سابق أن الجزيرة طرف في معركة سياسية، لكننا لسنا كذلك”. وتابع قائلا “حتى اللحظة، لم تتدخل قطر في سياستنا التحريرية”، وهو إعلامي منشق عن جماعة الإخوان.. أما وائل قنديل رئيس تحرير العربي الجديد فإنه يعد من الكتاب الليبراليين المقربين من عزمي بشارة والمناهضين الضمنيين للتيارات الاسلامية.
تركز قناة العربي على الثورة المصرية من بين ثورات الربيع العربي، وتحاول ضمن هذه التغطية إبراز مشاركة الشباب المدني أو الديمقراطي وكل تلك الأوصاف ينطقها بحرفيتها الدكتور عزمي بشارة كما يؤكد مقربون منه
بحسب مراقبين فقد تشكل قناة العربي تجربة إعلامية مميزة بسبب وجود الرؤية والهدف الإعلاميين من جهة وتوافر دعم مادي عملاق من جهة أخرى، لكنها لن تخرج عن سياقات الإعلام الموجه والذي يعد من أهم أدوات القوة الناعمة للدول وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط التي تعج بالصراعات البينية الصغيرة.