بعد أكثر من ” ثلاث سنوات و نصف ” من دخول كتائب ” الجيش الحر ” لمدينة حلب و انقسام المدينة المعروفة تاريخياً ” بأقدم مدينة مأهولة في العالم ” إلى قسمين ” النظامي والحر” نشطت في الجانب الأخير ” جمعيات و منظمات ” كانت لوقت قريب بحاجة لـ ” مصنف من الأوراق الثبوتية وغير الثبوتية ” و ” سباق مراثوني مع الجهات المختصة وغير المختصة ” للحصول على ترخيص لها من قبل ما أطلق عليها ” وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ” .
أما الآن و في ” القسم المحرر من المدينة ” فإنشاء ” جمعية خيرية ” أو ” منظمة اجتماعية ” لا يحتاج لأكثر من شعار ” لوغو ” و ” جهة داعمة ” و مقر ” أحد المنازل المهجورة ” وعدد من ” الشباب و الصبايا ” الناشطين ” و المحبين لفعل الخير .
في ظل تلك ” الظروف المواتية ” و التربة الخصبة انتشرت جمعيات خيرية بشكل ” واضح ” و تعددت ” الأسماء والتوجهات والأهداف ” و بدأت تمارس نشاطها و حيوتيها في محاولة منها التخفيف عن ” معاناة السكان المحليين ” بمختلف شرائحهم الاجتماعية و توجهاتهم السياسية ” ايتام , أرامل , متضررين , نازحين , طلاب , معاقين ” .
و منذ ذلك الوقت بدأت بعض ” الجمعيات و المنظمات ” بالتوسع والانتشار و أثبتت نفسها في خدمة ” المجتمع والمواطن ” فيما كان حال بعضها الآخر الاندثار و الذوبان، فيما لاتزال بعض الجمعيات ” تصارع ” من أجل البقاء و الاستمرار هدفها ” إرضاء المواطن والجهة الداعمة ” على حدٍ سواء.
عبد المجيد : نساهم بمنع تفشي ظاهرة التسول والمساهمة في تحويل المجتمع إلى مجتمع أكثر فاعلية
لتسليط الضوء على واقع الجمعيات و المنظمات ” عن قرب ” والمشاكل و المعوقات التي تعترض عملها في الداخل السوري , و الاقتراب أكثر من هموم ” الناشطين في مجال الإغاثة ” قام موقع ” مرآة سوريا ” بزيارة الأستاذ ” مجدي عبد المجيد ” المدير الإداري في جمعية ” السلام الخيرية ” في حي المشهد في مناطق حلب المحررة وأجرت معه الحوار التالي .
ـ ماهي أهمية انتشار الجمعيات الخيرية في ظل الحروب والثورات؟
ـ الجمعيات الخيرية ظهرت نتيجة الحاجة الملحة من قبل المدنيين الموجودين داخل المدن والأرياف التي تتعرض للقصف وتغطية هذه الاحتياجات من مأكل ومشرب ورعاية صحية عامة وبالعموم هي جهود فردية لسورين تعاونوا من الداخل والخارج على مساعدة أبنائهم في ظل هذه الحرب الجائرة .
ـ هل الانتشار “الكبير” للجمعيات الخيرية بالداخل هي ظاهرة إيجابية أم سلبية؟
ـ طبعاً لا يمكن أن نقول إيجابيا بالمطلق ولا سلبياً بالمطلق , نسبيا إيجابيّتها أكثر من سلبيتها كون الانتشار يؤدي نوعاً ما إلى تقديم المساعدة لأكبر شريحة منتشرة جغرافياً على الاراضي السورية وقد يكون هناك سلبيات لعدم وجود جهات رقابية تراقب عمل معظم الجمعيات وتنظّم وفق قوانين وشروط محددة .
ـ ماهي الصعوبات التي تعيق العمل الإغاثي في الداخل السوري .؟
ـ الصعوبات تختلف من جمعية إلى أخرى لأن كل جمعية لها نظام معين ولها طرق ومصادر تمويل مختلفة ناهيك عن القصف الذي تتعرض له المناطق المحررة من قبل ” قوات النظام ” حيث يجبر السكان على النزوح و قد يؤدي لتغيير مقر و مكاتب و مستودعات الجمعية .
ـ لماذا ينصبّ مجمل أعمال الجمعيات الخيرية على “الأيتام و الارامل ” بينما يتناسى باقي شرائح المجتمع التي عانت من القصف والتهجير.؟
ـ هذا كلام ليس دقيقاً مئة بالمائة فهناك جمعيات تتوجه نحو هذه الشريحة وجمعيات أخرى تتوجه نحو شريحة الفقراء في مشاريعها، لكن هناك مشروع دوري ومستمر هو كفالة اليتيم وهذا هو الذي يعطي هذا الانطباع للرأي العام.
ـ ماهي أهم الخدمات التي تقدمها “جمعية السلام ” للمجتمع في المناطق المحررة .؟
ـ جمعية السلام الخيرية منذ تأسيسها وحتى الآن لديها عدة مشاريع تبدأ بكفالة اليتيم وتنتهي بالمشاريع الموسمية . ونسعى دائما من خلال مندوبين في الدول العربية والغربية إلى التعاون والتنسيق مع جمعيات عالمية ودولية تهتم بالشأن الإنساني وجمع تبرعات إغاثية بناء على عمل الجمعية الشفاف والمؤسسات في الداخل السوري.
ـ ما هو دور المرأة في العمل الإغاثي الإنساني والإرشادي وهل هناك كادر نسائي في جمعيتيكم .؟
ـ طبعاً… للمرأة دور كبير وفعال في العمل الإنساني .وأنا من وجهة نظري أرى أن المرأة تبدع في هذا المجال أكثر من الرجل ولديها طاقاتها للعمل المنظم والإداري ونحن لدينا في جمعية السلام موظفات لهم مهمات إدارية وتواصل مع الايتام وعوائلهم للمساعدة في تنمية المرأة والطفل ضمن مشاريع مطروحة في الجمعيات .
ـ هل كفالة الأيتام “ماديا” كافية لتعويض اليتيم عن عطف ” الاب ” وحنان ” الأم” .؟
ـ لا يوجد شيء يعوض عن حنان الأبوين ان كان ماديا أو معنويا ولكن نحن نقوم بتقديم كفالة مادية لتعوض احتياجات الايتام بالإضافة إلى متابعتهم صحيا وتعليميا ومتابعة تصرفاتهم في الداخل الأسري.
ـ هل العمل الإغاثي بمناطق حلب المحررة يسير في الطريق الصحيح أم أنه سيحول المجتمع لمجتمع “متسول” بدلا من مجتمع ناشط وعامل منتج.؟
ـ حاليآ هناك بعض الجمعيات ومنهم جمعيتنا تقوم بتنفيذ وإعداد مشاريع تنموية داخل مدينة حلب , الأهداف منها منع تفشي ظاهرة التسول والمساهمة في تحويل المجتمع إلى مجتمع أكثر فاعلية.
ـ هل تعتقد أن الجماعات الخيرية اهتمت بإيصال “سلة الإغاثة والنظافة ” اكثر من الاهتمام بتوعية المجتمع وترشيده بطرق الحفاظ على النظافة والوقاية من آثار الحروب .؟
ـ نعم….للأسف هناك قسم كبير من الجمعيات والمنظمات اعتمدت هذا الأسلوب وبدأت تضخ السلل الإغاثية دون خطة لنشر الوعي ولإرشاد المجتمع لهذه لأمور المهمة . والجدير بالذكر أننا بمشروع التدفئة هذا العام تقصدنا استهداف المدارس وكانت لتشجيع الطلاب والكادر على متابعة التعليم ودفع أهالي الطلاب لإرسال أبنائهم إلى المدارس وكانت هناك ضمن المشروع حملة نوعية قام بها موظفون أكفاء بالجمعية وطبعاً مشروع الأيتام الدوري مرفق به بشكل دائم مشروع تنمية الطفل والمرأة لأن هدفنا الأول والأخير هو بناء الإنسان .
ـ برأيك.. ما هو سبب تأخر حملات “التدفئة والألبسة الشتوية ” حتى حصلت حالات وفاة، خاصة بين الأطفال في مناطق حلب المحررة.؟
ـ بصراحة هناك بعض التضخيم الإعلامي بخصوص حالات الوفاة بسبب البرد وهناك شيء آخر وهو أن الإعلام لم يسلط الضوء على قساوة الشتاء إلا بعد مرور العواصف التي هاجمت المنطقة وجميع هذه العوامل تؤثر على المتبرعين للإسراع بإرسال تبرعاتهم, بينما هناك جمعيات أخرى ومنظمات شريك لها بالخارج بدأت بمشروع الإغاثة في فصل الشتاء منذ بدايته فأنا أرى ان المشكلة إعلامية بحتة .
ـ هل تعتقد بوجود تنسيق بين الجمعيات والمنظمات الخيرية العاملة على الأرض في مناطق حلب المحررة أم أن كل جمعية ومنظمة “تغرد وحدها”.؟
ـ بصراحة.. التنسيق وتوحيد البيان وحتى توحيد الدعم هو هدفنا ولكن هناك بعض الأمور مثل تقاطعات الأيتام والتنسيق الفردي أو الارتجالي يعود لرؤية إدارة كل جمعية مع الجمعيات الأخرى .
ـ هل تعتقد أن العمل الأغاثي بحاجة ل”دورات تدريبية ول “ورشات تحضيرية أم أن العمل الإغاثي هو نشاط اجتماعي يستطيع أي شخص القيام به.؟
ـ طبعا نحتاج لدورات تأهيل كوادر قادرة على النهوض بالعمل الإغاثي والإنساني والجماعي معتمداً على متطوعين لديهم حس النشاط الجماعي ليكونوا مكملين لهؤلاء الكوادر.