جبهات النظام وصمودها وعدم الاكتراث لنقص العنصر البشري فيها.

من اللافت للنظر و المفاجئ في غالب الأحيان و بعد أربع سنوات على بداية الثورة السورية عدم استنفاذ جيش النظام للعناصر و المجندين فيه، ففي العامين الأولين للثورة عانى النظام من الخسائر البشرية الكبيرة في صفوفه في المدن و البلدات السورية، إما من موضوع الانشقاقات و الهروب من جهة أو القتل أثناء المعارك من جهة أخرى، فكانت هذه الأسباب من أهم عوامل فقدان النظام السوري للسيطرة على العديد من المدن و المناطق السورية التي تخضع اليوم لسيطرة كتائب المعارضة، و أدّت تلك الأسباب لترجيح كفّة المعارضة قليلاً و فرض وجودها أمام المجتمع العالمي كأحد أطراف الثورة السورية على أرض الواقع .
فسارع النظام حينها و على إثر تلك التطورات إلى بدء عدة حلول طارئة لتفادي تلك المعضلة الهامّة، و كانت أولى و أهم القرارات الصادرة عن وزارة الدفاع السورية حينها هو إيقاف تسريح العناصر المجندين و من كافة الرتب العسكرية لتفادي موضوع النقص العددي في العناصر، لكن هذا القرار لم يكن المخلّص لأزمة الجيش نظراً للخسائر التي تلقاها في المعارك من جهة و حالات الهروب و الانشقاقات من جهة أخرى، فكان لابد من إيجاد حلول جذرية لتلك القضية الهامة، فبادر النظام للاستعانة بالميليشيات الموالية له و المتمثلة بحزب الله اللبناني و جيش التحرير الفلسطيني و ميليشيا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من جهة و إعلان حالة الطوارئ لأبناء المناطق الساحلية من الطائفة العلوية الحاكمة من جهة أخرى.
فأقيمت عدة مكاتب و مقرات لتطويع الشبان في المناطق الساحلية السورية بالغرض و الهدف الذي غرروا به و هو الحفاظ على العائلة أو الطائفة الحاكمة و الخطر عليها من الثورة و ثوارها، حيث بدأت تلك المكاتب بالطابع التطوّعي للعمل، لكن و مع امتداد رقعة المعارك الجغرافية و الزمنية و الخسائر التي تعرضت لها تلك الميليشيات و حالات التقهقر و التململ من فقدان تلك العائلات لأبنائها و شبابها دون أي هدف واضح، الأمر الذي أدّى إلى حالات عصيان و لا مبالاة من بعض تلك المناطق المحسوبة على قادة و مسؤولي النظام السوري، فكان لابد من إيجاد حل آخر لتفادي خطر النقص البشري في الجيش و جبهاته.
فسارعت قيادة الجيش إلى الإعلان عن السوق الاحتياطي في العديد من المناطق السورية من جهة و فتح باب التطويع من جهة أخرى، و كان باب التطويع هو العامل الأبرز و المفيد للنظام فبدأ بتشكيل ميليشيات و كتائب كالأمن و الدفاع الوطنيين و التي تتبع إدارياً لقيادة الجيش السوري و عملياً لضباط مسرّحين من أصحاب الخبرة و سماسرة من أهالي المناطق التي تخضع لسيطرة النظام، و أنشأت العديد من المكاتب التابعة لتلك الميليشيات في شتى المدن السورية و فتح باب التطوّع المأجور فيها و برواتب عالية من جهة و أصدرت عدة قرارات تخص السوق الاحتياطي من جهة أخرى، و لعل من أهم الأمور التي ساعدت في الإقبال الكبير على تلك الكتائب هو تغرير الشباب المبلغين بالاحتياط بالخدمة على الحواجز المنتشرة في مناطقهم و كون معظم أولئك الشباب يعيشون تحت ظرف معيشي سيء جداً نظراً للظروف التي تحل بسورية، الأمر الذي أدى التطوع في تلك الميليشيات و الطمع بالمردود المادي من ورائها.
لكن وبعد فترة قصيرة تفاجأ أولئك المتطوعين من أمر زجّ العديد منهم على جبهات النظام الساخنة ومعاركه اليومية ليصبحوا في عداد المجندين الرسميين التابعين للجيش السوري الحكومي.

أضف تعليق