هكذا مضى الشتاء على السوريّين..
هنا في درعا كيف مضى الشتاء ببرده على الناس في ظلّ ارتفاع سعر المازوت، وانقطاع الكهرباء شبه الدائم،..!!؟..
لم يجد الناس شيئاً يخفف عنهم من برد الشتاء القارس غير الحطب، وليته كان متوفّراً أو رخيصاً إذا توفّر..
شادي من قرية أم المياذن يقول لنا: بعد تحرير الحاجز الواقع على طريق جمرك نصيب استغلّ الفرصة كل من لديه منشار حطب وراح يقطع الأشجار التي كانت على أطراف الطريق الدولي بين صيدا والحاجز المحرّر، ليبيع الطن بأربعين ألفاً، لمن يستطيع أن يشتري، ومن لم يستطع فليس أمامه إلّا انتظار الإعانات التي تقدّم من متبرّعين أو جمعيّات خيرية، حيث كانت العائلة الواحدة تحصل على ثلاثة أو أربعة أكياس من الحطب، لا يزن الكيس أكثر من 35 أو 40 كيلو على أقصى تقدير.
علاء من القرية نفسها قال: لم يصلني أيّ شيء من إعانات الحطب باعتباري موظّف دولة وراتبي 26 ألف ، وكما يقولون هناك من يستحقّ الحطب أكثر منّي.. اشتريت 300 كيلو بتسعة آلاف ليرة وصرنا نتدفّأ على أيّ شيء.. نحرق الثياب البالية والاحذية المهترئة، بعد أن نفد الحطب ولم يعد لدينا القدرة على شرائه.
أمّا أبو فادي فاستغنى عن بعض أشجاره التي قام بقطعها وتحطيبها بالإضافة للاستعانة بروث البقرة (الجلّة) التي كان يربّيها كوسيلة قديمة للتدفئة، وكذلك بعض مكعّبات التِّفِل الناتج عن مخلّفات معاصر الزيتون، وقد حصل عليها من إحدى المعاصر القريبة من الصوامع المحررة، وكانت قوات النظام من قبل تمنع الاقتراب منها.
أمّا المدارس فلم تكن أحسن حالاً، بل كانت أكثر سوءاً، حيث كانت الشبابيك بلا زجاج والأبواب أغلبها مكسورة من القصف والقذائف التي سقطت على المدارس أو بالقرب منها، فغطّوها بالنايلون علّها تحميهم من البرد، وحوّلوا مدافئ المازوت إلى صوابي حطب وراحوا يكسرون بعض المقاعد أحياناً ليتدفّؤوا على خشبها، وأحياناً كان يأتي بعضهم بالحطب من بيته.
مدير إحدى المدارس الابتدائيّة في تلك القرية قال لنا: لم تعطنا التربية سوى 200 ليتر مازوت، والمدرسة فيها 16 شعبة، وهذه الكمّيّة لن تكفي أسبوعين إذا أعطينا لكلّ شعبة ليتر واحد يوميّاً،
هكذا كانت التدفئة في الشتاء في درعا وفي غيرها من المناطق.. عناء على الجميع..