ودّعت الثورة السورية عامها الرابع ، عامٌ حمل في طياته العديد من التطورات الميدانية الهامة لعلّ أبرزها التوسع الفارسي واستباحة الميليشيات الشيعية للأراضي السورية بشكل معلن عبر تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين على رأسهم مستشار القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين همداني الذي صرّح مؤخراً بأن القادة العسكريين الإيرانيين قد استعادوا السيطرة على 85 % من الأراضي السورية التي وقعت بيد المعارضة سابقاً ، كما كشف عن تشكيل 42 لواء و 138 كتيبة تقاتل في سوريا لصالح الأسد معظم عناصرها ينتمون إلى الطائفة الشيعية ويتلقون دعمهم وتسليحهم من إيران بشكل مباشر .
هذه التطورات بدت واضحة المعالم من خلال المعارك الدائرة في جنوب البلاد وشمالها حيث تم أسر العديد من الضباط والعناصر من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني ، كما تخلى النظام عن مواقعه في ريف حماة الشرقي لصالح لواء الرضا الذي شُكّل حديثاً من أبناء المنطقة الذين ينتمون للطائفة الشيعية حصراً مدعوماً بعناصر أفغان وإيرانيين تم نقلهم إلى المنطقة باستخدام طائرات هبطت في مطار حماة العسكري ومنه تم توزيعهم على 20 حاجزًا ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺣﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﻤﺨﺮﻡ ﺍﻟﻔﻮﻗﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﺤﺘﺎﻧﻲ ﻭﺃﻡ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻓﻲ ﺭﻳﻒ ﺣﻤﺺ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ، ﻭﺣﻮﺍﺟﺰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺮّﻱ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻭصولاً إﻟﻰ ﻗﺮﻳﺔ ﻧﻮﻯ ﻓﻲ ﺭﻳﻒ ﺣﻤﺎﺓ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ، أما بالنسبة لجبهة الساحل فقد قام النظام مؤخراً بتسليم أهم المراصد الواقعة على قمم الجبال الشمالية الشرقية لمدينة اللاذقية لعناصر من الحرس الثوري الإيراني حيث تطل هذه المراصد على أجزاء واسعة من الأراضي السورية المحررة في ريف اللاذقية وحلب وإدلب .
فكيف ينظر السوريون إلى هذه التطورات الميدانية الهامة التي أدخلت ثورتهم في منعطف جديد أصبحوا مطالبين من خلاله بمتابعة ثورتهم من أجل إسقاط نظام الأسد ومقاومة الاحتلال الإيراني لبلادهم في آن معاً
في هذا السياق يقول خالد أبو سعيد ( المنسق العام لألوية وكتائب سيوف الحق ) لموقع مرآة سوريا : علينا في بلدنا الحبيب أن ندرك أننا جزء من هذا العالم لكن الله أكرمنا بمنزلةٍ وموقعٍ مهم على الخارطة الجغرافية ، العالم الذي نتكلم عنه الآن في حقيقته عالم اقتصاد وتنمية ومصالح مشتركة ..عالم ينظر لمنطقة الشرق الأوسط التي نحن جزء منها على أنها كنز الثروات وخزّان المال الذي يجب أن يبقى ليمد شعوبهم بالبقاء .
ويردف قائلاً : لا يختلف اثنان على أن أعدى أعداء المسلمين هم الشيعة الروافض ( الإثني عشرية ) وهؤلاء يحاربوننا حرب كره وحقدٍ وغلٍ ، ونقرأ منذ زمن في كتبنا عنهم وعمّا يكنّونه في صدورهم لنا ويصل إلى التقرب إلى الله بذبح النواصب ( أهل السنة والجماعة ) لذلك وجب وضع هؤلاء كعدوٍ أول وترك فراغات عدة خلفهم لنذكر بعدها العدو الثاني ( على الأقل حالياً ) ، ويضيف : نكون مخطئين إن ظننا أن العالم ستدمع له عين حتى وإن ارتقى من بلدنا ملايين الشهداء ولا بأس عنده أن يكون القتل بيد عدونا الأول ( الصفويون ) وأكون صادقاً إن قلت لا تستطيع إيران أن تحرك أحداً من شيعتها باتجاه بلدنا دون أمرٍ من العالم الذي ذكرت أو أضعف الإيمان غضّ الطرف عما سيكون وهذا ما حصل خلال الأشهر والأسابيع الماضية .
ويختم حديثه موضحاً : إن ثورتنا كشفت زيف أكبر شعار لإيران وحزب الزميرة وهو ( الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل ) وواقع الحال يقول الموت لسوريا ، الموت للعراق ، الموت للمسلمين .
وترى منال ( ناشطة في مجال حقوق الإنسان ) : أن إيران قوة احتلال تحتل سوريا وذلك بحسب المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907 التي تنص على ما يلي: ” تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو ” وهذا ما ينطبق تماماً على الوضع في سوريا ، حيث تبسط إيران سيطرتها العسكرية على مساحات واسعة من الأراضي السورية عبر حرسها الثوري وميليشياتها الطائفية .
وتضيف : نظام الأسد يمضي قُدماً في بيع سوريا للإيرانيين مقابل بقائه في سدة الحكم ، ويلعب الأسد الآن دور المتابع لما يجري على الأراضي السورية بين معارضيه وقوة الاحتلال الفارسي التي يدعمها ويمهد لها الطريق لتدوس على ما تبقى من أبناء شعبه .
أما الشاب عمرو ( صف ضابط منشق ) فيقول : بعد إعلان إيران عن تواجدها الصريح في سوريا وأنها السبب في بقاء دمشق صامدة حسب تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين ، وبعد سيطرتها على أربع عواصم عربية ( بغداد وبيروت وصنعاء ودمشق ) أخذت بالمضي قدماً لإعادة امبراطورية فارس ، ومن أجل أن يتحقق هذا الحلم على إيران السيطرة المطلقة على سوريا حيث تلعب إيران على وتر الطائفة الشيعية وقد استطاعت أن تحقق 60 % من مشروعها بالتعاون مع الغرب وأمريكا وبضوء أخضر من إسرائيل .
ويؤكد أن إيران وصلت بسوريا إلى التقسيم على مبدأ طائفي فتركت الجزيرة السورية والبادية للسنة وتعمل على جعلها إمارات صغيرة متناحرة فيما بينها والهدف هو الحصول على الساحل والمنطقة الوسطى مع تأمين خط بري يربطها بالعراق وكذلك تأمين منفذ بحري على البحر المتوسط ، في النهاية إن خسارة إيران في سوريا تعني تبدد حلم الإيرانيين بإقامة الامبراطورية الفارسية لذلك تقاتل إيران في سوريا على مبدأ نكون أو لا نكون .
من جهته يقول الناشط الإعلامي أبو مازن الحمصي : عندما عجز نظام الأسد عن القضاء على الثورة العسكرية وأصبح وضعه بخطر لجأ إلى إيران التي دفعت بدورها حزب الله للدخول مباشرة لمناصرة الأسد عسكرياً ، ومع ذلك لم يستطع لا الحزب المدعوم بأسلحة فتاكة ولا النظام المدعوم بأسلحة روسية متطورة من حصار الثورة وإخمادها ، فلجأت إيران لمليشيات عراقية وأفغانية لقمع ثورة الشعب السوري ، ورغم ضعف الامكانيات لدى الجيش الحر بسبب تقاعس من ادعى صداقة الشعب السوري عن الدعم المباشر إلا أن الثورة بقيت قوية ومتماسكة ، فما كان من إيران إلا أن قررت النزول مباشرة إلى أرض المعركة بجنود إيرانيين مدربين ومدججين بأسلحة متطورة ، وذلك خوفاً على مشروعها الذي تعمل عليه منذ سنوات طويلة وهو الوصول إلى شاطئ البحر المتوسط وتشييع المنطقة واستعادة نفوذ امبراطوريتها الفارسية القديمة التي صرفت مليارات الدولارات لاستعادتها ولم تفلح حتى الآن .
ويختم أبومازن حديثه ” لموقع مرآة سوريا ” بقوله : إن الأراضي السورية الآن تقع تحت الاحتلال الإيراني المباشر وفي حال لم تتحرك الدول العربية والإقليمية على رأسها السعودية وتركيا وقطر لدعم الثورة السورية بما تحتاج إليه من عدة وعتاد ، فمن الممكن أن نرى قريباً رايات الثأر للحسين تُرفع فوق الكعبة المشرفة ، فالمخطط الإيراني لن يتوقف إلا بالسيطرة الكاملة على كامل المنطقة العربية وإخضاعها للنفوذ الفارسي .