عملت معظم فصائل جيش الفتح منذ تحرير إدلب على طمأنة سكانها بحياة طبيعية آمنة ومنظمة بعيداً عن القصص التي يسمعونها من إعلام نظام الأسد وبعيداً أيضاً عن بعض المشاكل التي تعيشها المناطق المحررة في شمال سوريا، وفي سياق طمأنة الأهالي كان لا بد من طمأنة المسيحيين الذين يشكلون مكوناً أصيلاً من مكونات الشعب السوري عبر مئات السنين.
وفي هذا السياق وضمن اجتماع تحدث فيه بعض عناصر جبهة النصرة لطمأنة المسيحيين استخدموا لفظة “إخواننا النصارى” الأمر الذي تلقفه العديد من النشطاء على أنه تغيير “ثوري” في الخطاب الشرعي للجبهة.
ولكن لم تمض أيام على ذلك الاجتماع حتى تم تحويل عنصري الجبهة إلى القضاء الشرعي، وقد ورد في كتاب الإحالة إلى القضاء والذي حصلت “مرآة سوريا” على نسخة منه وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي (إحالة كل من “أبو قدور” و “أبو حيدر” لمكتب القضاء الشرعي لمساءلتهما قضائياً حول بعض التصريحات التي أدليا بها فيما يتعلق بنصاري إدلب).
وقد أثار هذا الكتاب العديد من ردود الأفعال في صفوف أهالي إدلب ونشطاء الثورة على حد سواء، فـ “أبو أمين” وهو مواطن إدلبي قال لموقعنا : بداية مخيفة..إذا كان مجرد قول إخواننا يسبب قضاء يعني كلام ..ماالفرق عن حكم الأسد؟
وعن الحكم الشرعي لهذه الكلمة أجابنا أحد علماء إدلب والذي فضل عدم ذكر اسمه “ نصارى إدلب إخواننا…هم ليسوا إخوة في الدين ولكن إخوة في الوطن والإسلام لم ينف هذه الأخوة بل ثبتها في القرآن الكريم حين قال عز من قائل : وإلى عاد أخاهم هوداً كما أن مقولة يا أخا العرب استمرت من قبل الإسلام وظلت تقال للكافر والمسلم فلم يثبت أن حرمها الله”
مرآة سوريا لم تتمكن من التواصل مع دار القضاء الشرعي التابع للجبهة لاستجلاء رأيه، ولكن مصدراً في الجبهة فضل أيضاً عدم ذكر اسمه أجاب عن تساؤلات الموقع حول الموضوع.
ففي الوقت الذي أكد فيه المصدر “حرمة” هذه اللفظة كونها تخالف عقيدة “الولاء والبراء” فإنه أكد أن سبب محاسبة عنصري الجبهة هو إدلاؤهما بالتصريحات وليس طبيعة التصريحات، حيث أن ليس من مهامهما الإدلاء بهذا النوع من التصريحات وعليه فإن سبب الإحالة إلى القضاء “إداري” بحت وليس سبباً “شرعياً” بحسب المصدر.
وعند سؤالنا هل سيحاسب مواطن سوري إذا ما قال “إخواننا النصارى” أجاب المصدر بالنفي، حيث ورغم تبني الجبهة لعدم جواز التلفظ بها بسبب أن هذا الرأي هو “رأي أهل السنة والجماعة” حول المسألة كما قال، إلا أن هذا اللفظ “ من الألفاظ الخفية فى ظل سياسة تمييع الدين والعقيدة فلا تستوجب الكلمة قضاءاً لان هناك من يتأول قول الله وإلى مدين أخاهم شعيبا وشعيب نبي وقومه كفار فهنا اخوة الوطن او القبيلة او العشيرة ” .
وبحسب العديد من المراقبين فإن الفتوى الصادرة عن الطرفين غير مختلفة بتاتاً حيث أثبت كلاهما أن هناك أخوة في الوطن لكنها تختلف عن أخوة الدين، لكن الاختلاف يكمن في عدم رغبة كل من الطرفين سماع الطرف الآخر في ظل الاتهامات التي تتراوح بين التطرف والتفريط.