ذهب حوران وتكالب النظام

مرَّ موسم الشتاء هذا العام في سوريا متميزاً مما شجع الفلاحين في حوران على المغامرة هذا الموسم وتعويض المواسم السابقة ، وخصوصاً بعد أن أصبحت معظم هذه الأراضي في مأمن وبعيدة عن مراكز الاشتباكات والمعارك الدائرة ، وتعتبر محافظة درعا إحدى أهم المحافظات في إنتاج المحاصيل الموسمية وعلى رأسها القمح الذي يعتبر أهم هذه المحاصيل وقُدِّرت كمية القمح المنتجة في المحافظة وحدها عام 2011 بأكثر من 120ألف طن كما يتميز القمح الحوراني عن باقي أنواع القمح بجودته والذي يدخل في عدة صناعات غذائية منفرداً عن باقي أنواع القمح في العالم ، و تقدر الإحصائيات هذا العام بوصول الإنتاج إلى 80 ألف طن من الحبوب .

وقد ظهرت بشكل ملفت مساعي النظام لشراء المحصول هذا العام مع علمه يقيناً أن المحصول بات خارج السيطرة شأنه شأن الأرض التي زُرع بها والتي يسيطر الثوار على ما يقارب 95% منها ، وقد ظهرت هذه المساعي من خلال الوحدات الارشادية المنتشرة في قرى حوران والتي تتبع تنظيمياً للنظام حيث قامت هذه الوحدات بعرض أسعارٍ مغرية لشراء القمح وتوريده لمناطق سيطرة النظام .

وفي آخر اجتماع لرؤساء هذه الوحدات مع محافظ درعا طلب الأخير بأنه يجب على الوحدات الارشادية الحصول على الموسم كاملاً وصّرح قائلاً بالحرف الواحد: (أريد قمح بأي وسيلة كانت ولا أقبل أي مبررات أخرى) . علماً أن هذه الوحدات لم تقدم أي مساعدة أو دعم للمزارعين في المحافظة خلال سنوات الثورة .

ومع يقين النظام الكامل بعجزه عن الحصول على هذه المحاصيل والتي بدأ موسم جنايتها ؛بدت أعماله الانتقامية واضحة وجلية حتى أصبحت هي الحدث المهم واللافت للنظر فقد عملت قواته على استهداف السهول القريبة من أماكن سيطرته بشتى أنواع القصف حتى تشتعل هذه السهول بالنيران التي يعجز أبناء المناطق المحررة عن إطفائها بسبب عدم توفر المعدات الخاصة بإطفاء الحرائق في هذه المناطق .

وقد صرّح لنا أبو ابراهيم وهو أحد المزارعين الذي قام بزراعة القمح بأرضه القريبة من أحد حواجز النظام والتي تبلغ مساحتها (100) دونم حيث قال : لقد تم استهداف الحقول بمضادات الطيران بشكل جنوني حتى اشتعلت النيران والتهمت أكثر من (300) دونم وسط وقوفنا عاجزين عن عمل أي شيء لإيقاف النار .

وبذلك تستمر الحياة اليومية للأهالي الذين تأملوا خيراً بداية الموسم ويقفون عاجزين أمام المخاطر التي تتعرض لها محاصيلهم والتي كانوا يعولون عليها كثيراً حتى أصبحت تحت رحمة النظام الذي يسعى للقضاء على قوت يومهم وتضييق سبل معيشتهم ، وهم بدورهم لم يبقَ لهم إلا أن يرفعوا أيديهم بالدعاء إلى الله أن يعجّل فرجه عليهم وأن يمر الموسم بأقل الخسائر الممكنة .

أضف تعليق