أصدرت المديرية العامة للآثار و المتاحف بدمشق قراراً مستعجلاً و موجهاً إلى دائرة آثار تدمر يفيد بنقل كافة المحتويات و الأوابد و القطع الأثرية الموجودة في متحف تدمر الوطني في مدة حددتها على أن لا تتجاوز الأيام القليلة القادمة.
حيث تم إبلاغ إدارة و القائمين على المتحف بضرورة تجميع و تغليف كافة محتويات المتحف, ليتم نقلها إلى العاصمة دمشق كما هو موضح في القرار الصادر عن المديرية, و يتابع موظفي المتحف عملهم ضمن المهام الموكلة إليهم كما هو وارد في القرار السابق منذ عدة أيام, نظراً لكون متحف تدمر يحتوي على آلاف القطع الأثرية المعروضة منها و أخرى كثيرة مخزنّة في مستودعاته, لعدم وجود صالات كافية في أروقة المتحف لعرضها .
و يشار بالذكر بأن متحف تدمر, يعتبر من أهم المؤسسات الأثرية في الشرق الوسط و الذي كان يتسابق على زيارته أشهر شخصيات و سياح العالم الغربي و الآسيوي, حيث و قبل بدء الثورة السورية كان المتحف لا يخلى بكل أوقات اليوم من الزوار و السياح, نظراً لأهمية المدينة أثرياً و تاريخياً و لما يحتويه المتحف من قطع أثرية و أوابد تاريخية تعود إلى آلاف السنين .
و بالنظر إلى محتويات المتحف من تماثيل ونقود معدنية ولوحات فنية وعن محتويات كل قاعة من القاعات الست التي يتألف منها المتحف:
القاعة الأولى : وهي مخصصة لعرض نماذج من الكتابات التدمرية الدينية والنذرية والتذكارية وأهمها كتابة تأسيس “معبد بل”، وكتابة تأسيس مدفن أسرة الملك “أذينة”، وكتابة تكريم الأمير “حيران بن الملك أذينة”.
القاعة الثانية: تضم مجسماً لـ”معبد بعل” (كبير آلهة تدمر والرافدين وسيد السموات والأرض).
القاعة الثالثة : وتضم مجموعة هامة من تماثيل ومنحوتات دينية ومدنية كانت تزين المباني التدمرية وشوارعها وأروقتها ومعابدها تخليدا لشيوخ “تدمر” ورؤساء قبائلها وقوافلها والرواد البارزين من أبنائها.
القاعة الرابعة : فيها مجموعة من المنحوتات الجنائزية المكتشفة في المدافن التدمرية.
القاعة الخامسة : فيها منحوتات جنائزية لأسرة سسن بن ملأ وأسرة بولبرك و منحوتة تمثل ربة النصر المجنحة تحمل الإكليل وقرن الخصب.
القاعة السادسة : فيها مجموعة من المنحوتات الجنائزية والتي يظهر فيها واضحاً أثر الرخاء الاقتصادي والترف والبذخ .
إضافة إلى هذه القاعات الست يوجد أيضاً بهو واسع يحتوي على كهف يحتوي على تماثيل للإنسان البدائي وأسلوب عيشه , و يحتوي المتحف أيضاً على رواق تُشاهد فيه مجموعة من تماثيل غرفة المومياء
الآلهة التدمرية مجتمعة ومنفردة، وهي ترمز إلى قوى الطبيعة وقد صوّرت بأشكال إنسانية وحيوانية. كما تضم أيضا مجموعة من الأواني الزجاجية المستخدمة في حفظ العطور والماء المبارك خلال الطقوس الدينية، وهناك والنقود الذهبية والفضية والبرونزية التي تعود لمختلف العهود التدمرية- الرومانية-البيزنطية-الإسلامية. أما الطابق الأول في الوقت الحاضر قيد الإنجاز وإعادة العرض. وقد عرضت في إحدى قاعاته مجموعة هامة من الزخارف الجصية المصنوعة بالقالب والمستخدمة في تزيين النوافذ والأدراج والدرابزينات والمكتشفة في “قصر الحير الغربي” من القرن الثامن الميلادي الذي بناه الخليفة “هشام بن عبد الملك”، إضافةً إلى بعض الزخارف الجصية من “قصر الحير الشرقي” ومن البيوت التدمرية في قاعة أخرى .
بالإضافة إلى آلاف القطع الأثرية غير المعروضة و المخزّنة في مستودع المتحف, لعدم وجود صالات كافية لعرضها .
و في ظل الثورة و بدء العمل المسلح فيها, و بعد اقتحام جيش النظام لمدينة تدمر و أثناء تواجد عدة مجموعات مسلحة تتبع للمعارضة السورية, اتخذت قوات النظام في المدينة و نظراً لموقع المتحف في وسط المدينة و قربه من فرع المن العسكري, اتخذت المتحف كموقع لاستهداف أماكن تواجد تلك المجموعات في بساتين المدينة و القريبة من المتحف, فتم حينها نصب عدة مدافع هاون و راجمة صواريخ صغيرة على سطح المتحف و تم ايضاً إنشاء حاجز للجيش لا يبعد سوى أمتار قليلة عن حرم المتحف, و لا يزال متواجد إلى يومنا هذا.
و في تلك الأوقات و أثناء تمركز جيش النظام في المتحف, تم منع موظفي و عمال المتحف من الدوام و الالتزام ببيوتهم بقرار صادر عن جيش النظام إلى إشعار آخر, و استمر الحال إلى شهور طويلة حتى انسحبت مجموعات المعارضة من بساتين المدينة و محيطها, و أصدر حينها قراراً معاكساً بعودة الموظفين لمزاولة دوامهم و عملهم في المتحف, و في تلك الفترة و بعد عودة المظفين لدوامهم المعتاد لوحظت عدة حالات تثير الريبة و الشكوك بما يخص فقدان و تحريك العديد من مقتنيات و القطع الأثرية داخل المتحف, و تم حينها إبلاغ الجهات المعنية بالأمر, دون أي رد أو اتخاذ تدابير فورية لتدارك ما حصل و استعادة ما تم فقدانه او حتى معرفة مصيره .
و بالعودة إلى القرار المذكور أعلاه, فقد وصلت منذ يومين برقية جديدة تفيد بأن محتويات المتحف سيتم نقلها بالطائرات حصراً و بالتنسيق مع فرع الأمن العسكري بتدمر و القصر الجمهوري, دون أي مشاركة او إطلاع من مسؤولي الآثار و المتحف في المدينة, و هذا ما يثير الشكوك و الخوف من عملية و مكان النقل و المرجح أن يكون إلى إحدى الدول الموالية و الداعمة للنظام كإيران و روسيا, حيث تم سابقاً نقل محتويات متحفي دير الزور و إدلب و بذات الطريقة و تفاصيلها, و إلى اليوم لم تعرف الجهة التي استقبلت محتويات تلك المتاحف.