(خاص -مرآة سوريا) يتابع موقع مرآة سوريا كشف المزيد من خفايا إحدى أهم الأسر العلوية النافذة والتي تدير دفة أجهزة الاستخبارات من وراء حجاب “مجلس الملّة” الحاكم الفعلي والحقيقي لسوريا .
فقد أشرنا في مقال سابق عن دور أسرة العامودي العلوية في استصدار أمر من مجلس الملّة باغتيال كل من الدكتور فيصل القاسم والمعارض ماهر شرف الدين بعد حلقة الاتجاه المعاكس الأخيرة والتي تناولت مصير العلويين في سوريا بعد سقوط النظام.
أسرة قوية:
تنحدر هذه الأسرة من منطقة (جبل محسن) ذات الأغلبية العلوية في مدينة طرابلس اللبنانية والتي كانت مسقط رأس الشيخ حامد العامودي أحد أهم شيوخ الطائفة وأكثرهم غموضاً والذي أنجب أربعة أبناء من الذكور وهم منير وحسن وحسين (توفي عام 2010) وحسام يديرون مع أبنائهم اليوم أهم ملفات الحكم في سوريا.
ورث الابن الأوسط (الدكتور حسن العامودي) المشيخة الدينية عن أبيه، ولم يكن يخطر ببال أحد من أهل حمص أن هذا الطبيب الذي يشارف عقده الثامن على الانتهاء والذي كان يقطن في حي (الكاردينيا) ذي الأغلبية السنية أن جارهم (الطيب) يعد من أهم صقور الطائفة والمحرضين على استخدام الحل الأمني الباطش منذ انطلاق التظاهرات السلمية بداية العام 2011م.
نفوذ مجلس الملة العلوي في تركيا:
أما فيما يتعلق بموضوع تغلغل “مجلس الملّة” في تركيا، ففي أواسط التسعينيات من القرن الماضي أوفد الدكتور حسن العامودي ابنه الأكبر رامي (وهو طبيب أسنان تولد عام 1968م) إلى تركيا للإقامة حيث أكمل اختصاصه في الجامعات التركية لينال الجنسية التركية بعد عدة سنوات والتي أضيفت إلى الجنسيتين اللبنانية والسورية اللتين يحملهما أصلاً.
ومنذ ذلك التاريخ أقام الدكتور رامي العامودي في إقليم هاتاي ذي الأغلبية العلوية، وبسبب المكانة التي احتلها والده وجده في صفوف الطائفة فقد استطاع ومن خلال حملات متعددة من تأطير العلويين في تركيا وأوروبا ضمن الكيانات السياسية والعرقية التي ينتمون إليها.
وبتوجيهات من والده الذي يمثل “مجلس الملّة” لم يكن لرامي العامودي أي دور في الأحداث الأمنية التي شهدتها تركيا خلال سنوات الثورة السورية، وإنما اقتصر نشاطه على الجوانب السياسية والخيرية البحتة ضمن صفوف الطائفة العلوية.
مجلس الملة وحزب الشعب الجمهوري:
ازداد نشاط “العامودي” السياسي داخل تركيا خلال سنوات الثورة السورية، حيث نفذ سياسات “مجلس الملّة” العلوي في توجيه حزب الشعب الجمهوري نحو “العلونة السياسية” الكاملة عن طريق الاستحواذ على قراره بالسيطرة المالية على رئيس الحزب كمال قلشتار أوغلو .
وعن طريق علاقة “العامودي” بـ “علي دوغان” الأمين العام للطائفة العلوية في ألمانيا ، استطاع “مجلس الملّة” جمع ملايين الدولارات من رجال أعمال أتراك علويين وتوجيهها داخل تركيا لتحقيق الهدف الرئيسي خلال الانتخابات النيابية القادمة وهو حصول النواب العلويين على 70-75 مقعداً داخل البرلمان التركي من خلال حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي الكردي والذي أشرك ولأول مرة عشرات المرشحين الأكراد العلويين ضمن لوائحه الانتخابية.
وتكمن المفارقة في اعتماد “مجلس الملّة” على حزبين ذوي اتجاهين متصارعين تاريخياً، فحزب الشعب الجمهوري هو الحزب الذي ارتكب عدة مجازر بحق الأكراد والعلويين خلال فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك وخلفه عصمت إينونو، كما أنه يعارض اليوم عملية السلام الداخلي والتي تفضي لمنح الأكراد مزيداً من الحقوق تحت سقف الدولة التركية.
إلا أن الورقة التي استطاع من خلالها “مجلس الملّة” تحقيق هذا النفوذ داخل الحزبين المذكورين هي توظيف المال السياسي بالإضافة لدور المشيخة العلوية في تعزيز الانتماء المذهبي لدى العلويين الأتراك والأكراد على حد سواء، حيث يعرّف نواب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي أنفسهم على أساس أنهم “علويون” قبل كونهم أكراداً، كما أن التأثير السالف ذكره لـ “مجلس الملّة” على قلشتار أوغلو أرغمه على جعل لوائحه الانتخابية تبدو وكأنها لوائح حزب “علوي” وليس حزب يساري علماني كما يصف الحزب نفسه.
ويفسر نفوذ “مجلس الملّة” على حزب الشعب الجمهوري الوعود المتكررة لحد الابتذال والتي قطعها زعيم الحزب قلشتار أوغلو بطرد اللاجئين السوريين من تركيا حال فوزه بالانتخابات النيابية.
وبالنظر لخارطة التحالفات الإقليمية والدولية، فإنه يظهر للعيان أن نظام الأسد يعد حكومة حزب العدالة والتنمية العدو الحقيقي والوحيد والذي يصر على جعل إسقاط هذا النظام شرطاً وحيداً لأي حل سياسي في سوريا، الأمر الذي جعل “مجلس الملّة” يرمي بكل أوراقه الخفية لإسقاط حكم هذا الحزب مهما كان الثمن.