براميل النظام لم تقف حاجزاً أمام إبداع أطفال مدينة حلب فالطفل ” محمد قطيش ” ابن الثلاثة عشر ربيعاً استطاع و بدعم من أمه و أبيه، أن ينشأ مجسماً لمدينة حلب من الورق المقوى كما يرها في المستقبل المشرق بعد انتصار الثورة، فصمم أبراجاَ و ناطحات سحاب و ملاعب راقية و جسور عملاقة، يحاكي بها الدول المتقدمة .
كما لم ينسَ محمد في عمله الفني إنشاء مجسمات لمدينة حلب القديمة بعد ترميمها وإعادة الحياة إليها كما بنى مجسمات لجامع حلب الكبير و مدارس المدينة.
معرض محمد المتواضع في منزل أهله في حي سيف الدولة أحد الأحياء المحررة، يكتظ بالزوار و المتابعين الذين يأتون لمشاهدة ما قام محمد بصنعه، حيث استطاع لفت أنظار الجميع بتركيزه على التفاصيل الدقيقة في صنع المجسمات الكرتونية لمدينة المستقبل في سوريا الحرة الحديثة .
يحلم محمد أن يصبح مهندساً معمارياً في المستقبل، و عن تجربته الحالية يقول محمد لموقع ” مرآة سوريا ” : ساعدني والدي في إنجاح هذا المعرض و قدم لي الأوراق و السيليكون و كل مستلزماتي، و كنت أعمل في أوقات الفراغ , و يضيف محمد ” كل طفل لديه وقت فراغ فليستخدمه بما هو مفيد كالأعمال الفنية و غيرها، لأنه يخدم في بناء البلد ” .
و لأن التربية السلمية تنتج طفلاً مبدعاً فكان للأهل دور كبير في تنمية مواهب و إبداعات ابنهم الصغير محمد، و لم يقفوا مكتوفي الأيدي أو محبطين لمحاولاته في بناء المجسمات الورقية للأبنية الشاهقة، يقول والد محمد لموقع ” مرآة سوريا ” ابني كان من صغره موهوب، و كان هادئاً جداُ، و هو يحب الرسم بشغف و والدته مدرّسة فنون، و تتقن الرسم بامتياز، فساهمنا جميعاً في تنمية موهبة محمد، و خلال الأوضاع التي نعيشها أصبح خروج محمد للشارع قليل جداً، مما جعله يستغل وقته في صناعة المجسمات و أبدع فيها، و كان واجبنا أن نقف معه و نسانده و نقدم له ضمن إمكانياتنا ما نستطيع .
إحدى الجمعيات الخيرية زارت معرض محمد، وقدمت له هدايا رمزية و وعدته بتقديم ما يحتاجه في سبيل تطوير و استمرار عمله الإبداعي .
قصة محمد ليست القصة الوحيدة في مناطق حلب المحررة، ومحمد ليس الطفل الوحيد الذي استطاع أن يخرج من رحم المعناة و القصف إبداعاً رائعاً، ولكنه من الأطفال الذين حاولوا تقديم إبداعاتهم لكي يطّلع الناس عليها فيعجبون بها أو ينتقدوها .