نعم هذه هي الحقيقة.. فطيران التحالف الدولي يدمّر قرية ” بير محلي ” بريف حلب، ويقتل تسعين مدنياً من سكانها، والإعلام العربي والعالمي لا يكترث..
منذ 23 أيلول/سبتمبر 2014 وحتى الآن، يقوم طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وبمشاركة عربية قاعلة، بالتحليق في سماء سوريا والعراق، ويقصف الأرض السورية بشكل شبه يومي، بدعوى أنه يستهدف قوات تنظيم الدولة.. وقد ظن الكثيرون أن التحالف سوف يقضي على التنظيم خلال أسابيع أو أشهر قليلة، وينتهي الأمر..
إلا أن الذي حدث أن طيران التحالف لا يزال يضرب هنا وجاره طيران الأسد يضرب قريباً منه، وكأن تنسيقاً غير معلن يجري بين الطرفين..
وما يهمنا الآن ما يرتكبه طيران التحالف من مجازر ضد المدنيين في الشمال السوري، فبعد أسبوع واحد من انطلاقته في ضرب أهداف التنظيم في سوريا، قام طيران التحالف باستهداف المدنيين في عدة مناطق، ومنها غارتان نفذهما طيران التحالف على مطاحن الحبوب في منبج، والتي تُعد أكبر مستودع للحبوب في المنطقة، وقد شكّلت الضربة أثناء ذلك أزمة خانقة في تأمين رغيف الخبز للمواطنين..
وفي 29 / 11/ 2014 استهدف طيران التحالف مدينة ” حارم ” القريبة من الحدود التركية بست غارات جوية أدّت إلى مقتل أربعة أطفال وجرح آخرين، وخلّف القصف دماراً هائلاً في المباني السكنية والمحلات التجارية..
أما المجزرة الأكثر دموية، فهي التي ارتكبها طيران التحالف الدولي في قرية ” بير محلي ” في ريف حلب الشرقي مساء الخميس الماضي 30 نيسان، والتي أدت، بحسب آخر حصيلة ميدانية، إلى مقتل 90 مدنياً، من بينهم 7 أطفال و9 نساء و13 مفقوداً.. وبحسب الأنباء المتداولة والواردة من هناك، فإن ثلاث عوائل يقدّر عدد أفرادها أكثر من عشرين فرداً، قد أبيدت بالكامل، كما أن من بين الضحايا سبعة أطفال وتسع نساء و13 مفقوداً.. وفي هذا الصدد أكد مصدر طبي في المنطقة أن أعداد القتلى الذين وصلوا إلى مشفى ” منبج الوطني ” تجاوز 50 ضحية..
ومع أن القرية تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة، فإن أحداً من عناصر التنظيم لم يسقط في هذه الغارات التي استهدفت القرية، والسبب أن مسلحي التنظيم يتواجدون خارج القرية، وأن القرية ذاتها ليس فيها إلا المدنيون العزّل..
من المراقبين من يقول: لو سلّمنا جدلاً أن الضربة كانت غير مقصودة، فكيف وقعت طائرات التحالف بهذا الخطأ الفادح..!!؟.. هنا تقول مصادر مطلعة إن طائرات التحالف الدولي حين تريد استهداف مواقع تنظيم الدولة، تعتمد في ذلك على أجهزة الرصد الفضائية أولاً، وعلى معلومات الأدلاء الأرضيين ثانياً، ومعظمهم، كما تقول المصادر، من المقاتلين الأكراد، ويبدو أن طيران التحالف اعتمد على الأدلاء الأرضيين في هذه الضربة..
ويرجح آخرون أن إحداثيات خاطئة تم إعطاؤها لقوات التحالف، فوقعت هذه المجزرة المروّعة بالخطأ كما اعتادت الجهات الأميركية أن تقول في تبرير ذلك..
هذه المجزرة التي ارتكبها طيران التحالف، تُعد جريمة كبرى بكافة المقاييس، ومع ذلك فحتى الآن لم تتحدث الأنباء عن صدور أي تصريح رسمي من قبل التحالف الدولي يعلن فيه ” أسفه ” عن حصول هذه المجزرة المروعة.. حتى الإعلام العربي والعالمي اكتفى بسرد الواقعة ” بقلم ” بارد دون أي إحساس بالمسؤولية تجاه هذه المأساة الإنسانية أو غيرها من المآسي التي يعاني منها الشعب السوري..
وبحسب نشطاء حقوقيين، فإن الولايات المتحدة، بوصفها قائدة التحالف الدولي، ربما ستبرر الضربة بوقوع خطأ غير متعمّد، وربما تَعِد بأنها ستفتح تحقيقاً حول هذا الخطأ غير المتعمّد..!! ضد المدنيين.. وقد فعلت مثل ذلك حين قصف التحالف مطاحن منبج بعد أسبوع واحد من قدومها لمحارية تنظيم الدولة في سورية.. حيث طلبت وزارة الدفاع الأميركية أدلة على وجود قتلى أثناء استهداف تلك المطاحن، وبعد أن توفرت الأدلة، وعدت وزارة الدفاع أن تحقق في الحادثة، وحتى الآن لم يصدر شيئاً عن الموضوع..
ويبقى أن نشير إلى أن أصواتاً عالية بدأت تستنكر بشدة ممارسات طيران التحالف الدولي، وتنظر إليه على أنه طيران معادٍ بكل معنى الكلمة، شأنه في ذلك شأن طيران الأسد، لأنه يستهدف المدنيين من جهة، ويتناغم مع طيران النظام من جهة أخرى، وقد حان الوقت لرفض هذا التحالف الدولي، والدعوة إلى خروجه من الأجواء السورية، من قبل قوى المعارضة كلها، من الائتلاف الوطني، إلى كتائب الثوار على الأرض السورية، وأيضاً من قبل الإعلام الشعبي المعارض.. فالتحالف الدولي والولايات المتحدة، كما يقول معلقون، لم يقدّموا شيئاً للشعب السوري سوى الوعود الكاذبة، وفي الوقت نفسه يتعاونون مع الأسد لضرب المدنيين..