المعاناة التي يقع فيها الشعب السوري، ولاسيما في الأراضي المحررة، جعلت الكثيرين يبحثون عن عمل يعيشون هم وعائلاتهم من ورائه بكرامة وقناعة، حتى لو اختلف العمل كثيراً عما كانوا يمارسونه في السابق..
مراسلنا في حلب أفادنا بالتالي عن حكاية الأستاذ ” أحمد عرابي “.. يقول المراسل:
قد تختلف قصة الأستاذ ” أحمد عرابي ” المتزوج حديثاً ولديه طفلة، وهو خريج كلية الآداب ــ قسم اللغة الإنجليزية عام 2010 م، والمنشق عن الخدمة الإلزامية في جيش النظام عام 2012م، عن غيرها من القصص الواقعية الأخرى، حيث أن مفردات الحكاية هنا تختلف مع اختلاف ظروف الحياة وتغيراتها التي نعيشها في المناطق المحررة بمدينة حلب .
المدرس ” عرابي ” و الحاصل على معدل 62 % باللغة الإنجليزية لم يجد ما يسد رمقه ورمق عياله في صفوف التدريس، فاضطر لأن يمتهن بيع ” الفروج الني ” مع إخوته بدلاً من امتهان اللغة الإنجليزية مع طلابه الذين يعشق تدريسهم وتعليمهم..
يقول أحمد عرابي لموقع ” مرآة سوريا ” : بعد تخرجي من الجامعة توظفت في مدارس النظام ثم تم سحبي للخدمة الإلزامية، وعندما سنحت الفرصة انشققت عن قوات النظام، ورجعت إلى المناطق المحررة بحلب على أمل أن أجد فرصة عمل أكفي بها نفسي وزوجتي وابنتي، ولكنني تفاجأت بأنه لا يوجد راتب لمن يدرس في المدارس في المناطق المحررة..”..
ويتابع ” عرابي ” بأسى” المشكلة في بعض هذه المدارس أن المشرف على واحدة منها، هو حاصل على شهادة التعليم الأساسية ” التاسع ” ثم أصبح مشرفاً على المدرسة لأنه استطاع تأمين دعم مادي خارجي للمشروع التعليمي في منطقته، وأخذ يتحكم بأصحاب الشهادات الجامعية ” .
ويضيف المراسل قائلاً: ولأن ظروف الحياة لا ترحم، وخاصةً في زمن الحروب والثورات فقد كافح ” عرابي ” مدة سنة و نصف، وواصل التدريس مع العمل بعد دوامه في المدرسة، ولكن ” القدرة لله وحده ” فلم يستطع أن يجمع بين حلمه ومشواره في تعليم الطلاب، وبين تأمين معيشة عائلته, فاختار العمل في بيع الفروج بدلاً من التدريس.. لكن عرابي يقول: عندما أشاهد زملائي المدرسين الذين كانوا معي في المدارس أحن إلى تلك الأيام، ويضيف: بإذن الله تعالى سأعود للتدريس في المدرسة، وإلى طلابي.. ولكن بعد تشكيل مجلس تربية يحترم المدرسين أولاً، ويحترم حقوقهم ويسد احتياجاتهم المعيشية.
ويتهم ” عرابي ” وزارة التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة على تقصيرها في حماية حقوق المدرسين والعاملين في الحقل التعليمي، وخاصةً في المناطق المحررة بمدينة حلب، وأنهم لا يهتمون لا بحقوق الطلاب ولا بحقوق المدرسين، والأموال المخصصة للتعليم في الأصل، لا تسد حاجات التعليم الأولية “..
و يختم ” عرابي ” حديثه بقوله : معظم الجهات التعليمية تبني أحلاماً وردية للمدرسين ويجعلونهم يعيشون على الوعود بأمل الحصول على راتب مقبول، ولكن دون جدوى.. ويبقى المثل الشعبي ” على الوعد يا كمون ” شعار مديرية التربية الحرة بحلب والمنظمات التعليمية الأخرى “..