مع دخول قوات المعارضة إلى مدينة حلب في صيف 2012م وصلت طلائع من الكتائب المقاتلة لمبنى ” الهجرة و الجوازات ” الكائن في حي ” المارتيني ” و تم سحب ” آلاف الوثائق الهامة ” التي تتعلق بـ “جوازات السفر”، و من بينها “جوازات سفر غير مختومة” و لصاقات تمديد جوازات السفر منتهية الصلاحية.
و قد تضاربت الأنباء و الأرقام عن أعداد و نوعيّة جوازات السفر التي تم سحبها من ” دائرة الهجرة و الجوازات “، إلا أن التقديرات المحتملة هي 20 ألف جواز، جميعها لا تملك قيودًا عند النظام، فعمل النظام على تعميم أرقام هذه الجوازات عبر ” الانتربول الدولي ” و اعتقال أصحابها و مصادرتها.
و لكن ضبابية الموقف و صعوبة حصول المعارضين من المطلوبين لدى مخابرات النظام و أجهزته الأمنية على جوازات سفر تيسر تنقلهم من و إلى دول الجوار، جعلت الطلب على جوازات السفر كبيراً جداً و انتشرت ” ورش تزوير الوثائق ” و أخذت ” سمعتها القوية ” و أصبحت ملاذاً للحصول على المطلوب بمبالغ مالية متفق عليها بين ” البائع و المشتري ” .
أهمية ” بيع و شراء ” جوازات السفر تكمن ” بجودتها و إمكانية استخدامها ” في كافة ” المعابر و المطارات الدولية ” و هذا يتطلب جهداً كبيراً من ” ورش التزوير ” التي تعمل بتقنيات حديثة و أجهزة متطورة، لإنتاج جوازات سفر لا يمكن كشفها بسهولة ابداً .
حي ” الصالحين كرم حومد ” من الأحياء الشعبية التي تنتشر فيها ظاهرة ” بيع و شراء جوازات السفر ” بشكل ملحوظ. موقع ” مرآة سوريا ” زار أحد المكاتب التي تعمل كـ ” سمسار ” بين المشتري ” الباحث عن جواز سفر ” مكفول ” و بين ” ورش التزوير ” التي تنشط في الريف الحلبي .
أبو محمد ريان أحد ” السماسرة ” يقول : أسعار جوازات السفر ” المزورة ” تتفاوت، فهنالك ” جواز سفر جديد و غير مكفول ” يصل سعره ل ” 600 دولار ” أمريكي، و هذا يستخدم للعمل في تركيا و فتح حساب بالبنك و التعرف على الشخصية ولا يستخدم في المطارات و المعابر الحدودية .
و النوع الأخر من الجوازات هي ” المكفولة ” في جميع المطارات و المعابر الحدودية وتبلغ تكلفة الجواز الواحد ” بين 1200 حتى 1300 ” دولار أمريكي، و تمنحه الورشة متكفلة برده في حال تم رفضه عبر المعابر و المطارات الدولية .
و يضيف أبو محمد ” حاجة الناس لجواز السفر تتفاوت فهنالك من يريد الحصول على جواز سفر لتأمين عمل في تركيا و فتح حساب بالبنك و بهذه الحالة لا يرغب بالحصول على جواز سفر ” مكفول ” بل يكتفي بالحصول على جوز السفر ” الصورة واضحة و الاسم و اضح ” و التكلفة أقل بكثير حيث يبلغ ” 600 دولار “.
حاجة الناس لا تقتصر على ” جوازات السفر ” بل تتعداها لكافة الوثائق الرسمية مثل وثيقة القيد الفردي، الضرورية جداً لتثبيت عقد الزواج في الحكومة التركية و قد يكون طالب القيد لا يستطيع دخول مناطق النظام مما يضطر لتزويره .
في هذه الحالة يقول أبو محمد ريان : عندنا في المناطق المحررة شهادة السواقة ” قيادة السيارات ” غير ضرورية و لكن عندما يريد شاب سوري أن يعمل في تركيا سائق أو يدخل سيارته إلى تركيا فيضطر لإخراج شهادة ” مزورة ” كي لا يذهب لمناطق سيطرة النظام , بسبب خوفه فقط، و قد يكون غير مطلوب لأي جهة حكومية او فرع أمن , و الشهادة او الوثيقة ” المزورة ” التي يأخذها مماثلة من الوثيقة التي يمنحها النظام و معترف بها في دول الجوار , و لكن ليس لها قيود في سجلات النظام ” .
توصيف الواقع لا يرتبط مع الرضا به، فحال المناطق المحررة في سوريا عموماً و مدينة حلب خصوصاً لا يسر الخاطر ولكن ” دوام الحال من المحال ” و الطرق التي يلجأ إليها السوريون عموماً و الحلبيون خصوصاً فرضتها الظروف الصعبة و المثل الشعبي يقول ” شو جبرك على المر .. قله الأمر منه “.