في سوريا ..عندما يتحوّل الحامي إلى قاتل بالمنّة، سيختلف مفهوم الجيش و الأمن

المهمة المنطقية لقوى الجيش و الأمن في أي دولة، هي الحفاظ و العمل على حماية أمن مواطنيها، و رد الأخطار و العوامل التي تهدد حياة و استقرار هؤلاء المواطنين داخل حدود الدولة.

إلا أنّ جيش الأسد و قوى الأمن “السورية” لم تفهم هذه النقطة على نحو جيّد، و لعلّ الحلقات الأولى المعنونَة لحملة “اقتل شعبك” و احكمه “بالبوط العسكري” بدأت منذ استلام الأسد الكبير للسلطة، مرورًا بمسرحية تسليم الصغير، وصولًا إلى ظهور ميليشيات “الدفاع الوطني”.

الحواجز العسكرية التي دأب النظام على نشرها منذ بدء الحراك الشعبي في سوريا منتصف آذار/مارس 2011 بحجة الحفاظ على أمن المدنيين، كانت عامل تضييق كبير عليهم، و نقطة رئيسية لاعتقال أو إهانة الآلاف.

في حي الوعر الذي ترابط الحواجز العسكرية التابعة لفروع النظام الامنية المختلفة على جميع مداخله، يجب على المدنيين الداخلين إلى الحي أن يتعرضوا لتفتيش دقيق يطال أدق تفاصيل جسدهم، فيمنع عليهم إدخال أي مواد غذائية أو تموينية.

و في الفترة الماضية وضع أحد هذه الحواجز غرفة مسبقة الصنع، شهدت تفتيش النساء اللاتي يجبرن على خلج ملابسهن داخلها لتعمل “موظفة أمنية” على تفتيشهنّ “التفتيش الأمني المطلوب”.

و إلى العاصمة دمشق، التي يعنى بها النظام بشكل لا يقل أهمية عن عنايته بمحافظات الساحل معقل شبيحته و مستقر طائفته، تداول ناشطون اليوم خبر مقتل مدنيين اثنين من الفلسطينيين السوريين على يد أحد عناصر حاجز “جرمانا”.

عنصر “الأمن” لم يقبل فكرة أن يناقشه “مدنيّ” عادي، فتبعهما إلى منزلهما و قتلهما بدم بارد ثم عاد إلى حاجزه و كأن شيئًا لم يكن، وسط مباركات و إشادات من رفاقه الذين يتغنى نظامهم بقصص المقاومة و الممانعة و دعم نضال “فلسطين” و الشعب الفلسطيني.

و في حلب أيضًا، يقول “محمد أبو عز” لـ “مرآة سوريا” إنّه فقد صهره و أحد أبنائه بسبب قفازين شتويين، حيث كانا في متجرهما الذي يبيع الألبسة في حي “الجميلية” بحلب قبل أن يأتي أحد عناصر حاجز “الرأس” في الحي و يأخذ قفازين شتويين رافضًا أن يدفع ثمنهما، و عندما قال ابني ذو الـ 17 عامًا إنه سيخبر الضابط على الحاجز، لم يصدر من ذاك العسكري سوى رصاصتين استقرت إحداهما في رأس ابني و الأخرى في صدر صهري”.

هذه الحوادث و غيرها هي حوادث يومية، يحاول المواطنون في مناطق سيطرة النظام تجنبها من خلال الابتعاد قدر الإمكان عن أي احتكاك مع الحواجز العسكرية المزروعة وسط أحيائهم أو مع عناصر تلك الحواجز، الذين يباح لهم ما لم يباح لمخلوق من قبل.