أبو العمرين مواطن حلبي “عتيق” يملك “متحفاً مصغراً في منزله

في زمن الحروب والصراعات تنشط تجارات مربحة ترتبط مع الواقع الحالي في البلد الذي يشهد ثورة ضد طاغية.

الوازع الأخلاقي في ” الثورات و الصراعات ” يكاد يجف و خاصةً مع غياب ” سلطة القضاء ” أو ” انحسارها بشكل كبير ” و عدم قدرتها على متابعة و ضبط كافة نواحي المجتمع .

و لكن نظرية ” أنا و من بعدي الطوفان ” تفقد قيمتها عند زيارتك لمنزل ” محمد أنيس ” أبو العمرين الذي اتخذ من منزله ” متحفاً صغيراً ” جمع فيه قبل الثورة ” من كل بستان زهرة ” و حافظ عليه مع انطلاقها و لم يفرط بأي قطعةِ منه , ناهيك عن أسطول السيارات القديمة التي تراها مصطفة أمام منزله القديم في حي الشعار بحلب .

العم ” أبو العمرين ” البالغ من العمر ” 64 سنة ” أحد أعضاء جمعية ” العاديات ” لحماية الآثار، و التي تأسست عام 1924 م , و شعارها ” جمعية أهلية تعنى بالتراث العمراني و الآثاري و اللامادي ” , رافقنا بجولة سريعة داخل منزله المتواضع و اطلعنا على تحف ” قد لا نرى مثلها في أي مكان آخر ” , فهنالك ” مدفأة حطب ” لآخر جندي فرنسي كان مع الانتداب، حيث تزوج هذا الجندي من امرأة سورية مسيحية في حلب و بعدها سافرا إلى فرانسا و عند وفاة زوجته تم بيع أثاث منزلها و اشترى العم ” أبو العمرين ” من ماله الخاص ” تلك المدفأة .

أما من ناحية اللوحات الفنية فيمتلك ” ابو العمرين ” إحدى أهم و أقدم اللوحات في العالم و يمتلك لوحات فنية و خطوط عربية كتبت بأقلام اشهر الخطاطين في مدينة حلب منهم ” ابراهيم الرفاعي و عبد الرحمان الحوري ” و غيرهم الكثير .

و يمتلك ” ابو العمرين ” ابريق موصلي ” من مدينة موصل في العراق صنع يدوياً من النحاس , و يمتلك ” جهاز راديو ” يعود لخمسينات القرن الماضي , كما يمتلك ” عازفة للأسطوانات القديمة ” الموسيقية حيث كانت مدينة حلب تملك اثنان منه و كان سعر كل واحدةِ منها ” أربع ليرات ذهبية ” و رثه من ابيه .

التحف الأثرية في منزل ” أبو العمرين ” تلفت الأنظار , كما تلفت ” الفوضى العارمة ” التي حلت في منزله الأنظار أيضاً , و خاصةً بعد أن هجرته عائلته و نزحت خوفاً من براميل النظام التي تتساقط على أحياء حلب المحررة .

يقول ” أبو العمرين ” لموقع مرآة سوريا ” في رسالة يوجهها للمواطن الحلبي للحفاظ على آثار بلدنا و تراثه بقوله : إلى اخوتي و اصدقائي و ابناء شعبي الحلبي , منذ القدم الشعب الحلبي ” معدل ” يغوص بالتاريخ , لدينا اجدادنا اصحاب ذوق رفيع , و نحن تربينا مع الآثار و عشنا معها , مثل السمك الذي يعيش بالمياه لا يستطيع مغادرته ” .

و يضيف العم ” ابو العمرين ” : وقوفاً أيها الناس عندما نشاهد احداً يؤذي و يعبث بالآثار يجب ان ننبهه لأنه ” مريض ” و يجب ان نشرح له ان فعله هذا لا يجوز في كافة المقاييس و الأعراف و الشرائع و القوانين , لأن هذه الآثار لها قيمة , تاريخية و روحية , حيث يقول المعري : خفف الوطء ما أظن أن اديم الأرض إلا من هذه الأجساد ” , لان هذه التربة هي لأناس قبلنا فيجب عدم الاستخفاف بالماضي و نتاجه من حيث الافكار و الآثار و منتجات ” .

و ينهي ” ابو العمرين ” حديثه بقوله : ثقتي كبيرة بالشعب الحلبي , ولكن احياناً يجب ان ننبه بعضنا و نتعاون على البر , و يجب ان ” نحض ” بعضنا على حماية الآثار و الاهتمام بها , مهما كانت ظروف البلد , لان الآثار حيادية و هي ذوق و يجب ان لا نهاجم الذوق , و كلنا مسؤولين عن مدينتنا و عن آثارنا و حضارتنا .

 

أضف تعليق