رغم الوعود: لماذا فرغت خزينة معركة الاعتصام بالله في ريف حمص من الدعم المالي والعسكري؟

رغم تحقيقها لتقدم ميداني سريع في مناطق يطلق عليها بـ”المحرمة”، لم تستطع غرفة عمليات الاعتصام بالله من الثبات في مواقعها لأكثر من 24 ساعة مخلفة أكثر من 25 قتيلاً بينهم قيادات في بعض الفصائل التي شاركت في العملية.

شعور بالحسرة والأسى لمسناه عند معظم المقاتلين من مختلف المجموعات، غموض وتهرب من القيادات التي وافقت على الإدلاء ببعض ماتعرفه عن ظروف وملابسات العملية في الاستقصاء الذي حاول موقع مرآة سوريا من خلاله تحديد أسباب فشل المعركة التي عقد عليها الحمصيون آمالاً كثيرة بعد شهور طويلة من الخمول العسكري.

قائد مجموعة في حركة أحرار الشام الإسلامية طلب عدم ذكر اسمه قال لمراسلنا في ريف حمص الشمالي: “الفشل والتخبط كان بسبب تكرار أخطاء الماضي، من قادوا العملية ولو كانوا من حركتي فإن لهم تاريخاً طويلاً من الفشل في قيادة العمل العسكري، ورغم ذلك تم تسليمهم قيادة العملية لأن حركتنا هي أكبر فصيل مشارك!!”

وحول سير العملية أضاف القيادي الحمصي الذي شهد حصار المدينة ثم انتقل إلى الريف قائلاً: “بدأت المعركة بتقدم سريع جداً استطعنا فيه تحرير نصف مستوطنة تسنين النصيرية رغم القصف الجنوني بكل أنواع الأسلحة من قبل النظام، لكن المؤازرات بدأت تتأخر بسبب عدم معرفتها بطبيعة المنطقة، وبسبب عدم توزيع قيادة المعركة لقوات تشغل مؤازات النظام في بقية القرى الموالية”

أما أبو محمد الحمصي وهو مقاتل في اللواء 313 فقال لمراسلنا :”الخطأ كله من القيادات…لو كنت أعرف بعض المشاركين معنا في العملية لرفضت الأوامر ، وخلال العملية أيضاً بدأنا نسمع إشاعات عجيبة بأن النظام ضرب تلبيسة بالكيماوي بسبب هجومنا على تسنين…كان الشبيحة يهربون أمامنا صباحاً كالجرذان بالتكبير، وفي الليل عندما كنا نبدل النوبات جاءتنا الأوامر بالانسحاب بعدما كثرت المشاكل ولم يبقى أحد في موقعه!!!”

وبحسب أحد الناشطين الإعلاميين في مدينة تلبيسة فضل أيضاً عدم ذكر اسمه، فإن الخلافات عصفت بين أركان غرفة عمليات الاعتصام بالله بسبب ضعف أداء قائد العملية المقدم يوسف حديد من جهة، وبسبب عدم التزام جبهة النصرة بإشغال قوات النظام من جهة أخرى، إضافة إلى انتشار إشاعات عمل نشطاء إعلاميون تابعون لجيش التوحيد الذي رفض المشاركة في العمل على بثها بين المقاتلين حول تلقي قيادات الفصائل لمبالغ مالية كبيرة مقابل هذه العملية

وحول موضوع الدعم استطاع موقع مرآة سوريا الوصول حصرياً إلى الجهة الوحيدة التي قدمت وعوداً حقيقية بدعم عملية الاعتصام بالله وهي صندوق جدة المالي الذي يشرف عليه مجموعة من رجال الأعمال الذين ينحدر أغلبهم من مدينة حمص.

الدكتور الذي اختار لنفسه اسم “أبو البراء” عمل لثلاث سنوات ضمن صندوق جدة تحدث لمرآة سوريا عن ملابسات دعم عملية الاعتصام بالله:

“قرر الصندوق دعم عمل عسكري لإنقاذ مدينة حمص ومنع ماتبقى منها من السقوط، وهنا اصطدمنا بإشكال وانقسمنا كالعادة، فمعتمد الصندوق للدعم العسكري هو العقيد فاتح حسون وداخل الصندوق هناك شخصيات ترفض العمل إلا من خلاله، وبالمقابل فقد قدم لنا مقاتلون في الداخل أدلة موثوقة على عدم كفاءة العقيد فاتح وعلى ارتكابه العديد من التجاوزات في سبيل تقوية اسم مجموعته رغم ضعفها الشديد وعدم فاعليتها…”

وعند سؤالنا للدكتور أبو البراء عن كيفية حل هذا الإشكال حول فاتح حسون أجاب قائلاً: “رضخنا بحجة المصلحة العامة لقرار بعض المتنفذين في الصندوق والذين يريدون استمرار اعتماد فاتح بشرط أن يقوم الأخير بتسليم المبلغ الذي تم رصده للعملية والذي قدر بحوالي 6 ملايين ريال سعودي لصندوق العملية مع الإشراف من قبله على توزيعه”

وحول حقيقة تنفيذ هذه الآلية قال أبو البراء “ اشترط العقيد فاتح عدم تواصل أي أحد منا مع قادة الفصائل المشاركة متعللاً بعدة أسباب، وكنا جميعاً نريد فقط أن نحل العقد لتسيير العملية وإرضاء للـ(الحجاج) الذين يمتلكون المال، وبعد مشاورات تم اعتماد تسليم المبلغ على عدة فصائل من ضمن الغرفة وهم: حركة تحرير حمص، فيلق حمص، اللواء 313 ،وتم استبعاد كل من أحرار الشام وفيلق الشام بسبب عدم حاجتها للتمويل كما قال الععقيد فاتح ولكن السبب الحقيقي كما أعتقد هو اختلاف التيار الفكري للأحرار والفيلق عن بعض القائمين على الصندوق”

ثم تحدث الدكتور الحمصي عن مفاجأة حدثت قبل العملية بيومين قائلاً: “طلب العقيد فاتح بعد استلامه للمبلغ وبدعم من اثنين من القائمين على الصندوق اجتماعاً عاجلاً لمجلس إدارته، حيث ادعى أن هناك بعض الفصائل لن تقوم بالعمل وستستلم المبالغ و(تنام عليها) على حد قوله ولذلك فقد تقرر بعد نقاش طويل عدم تسليم أي فصيل أي مبلغ حتى بداية العملية”

وبسبب الكم الهائل من التفاصيل التي تحدث عنها الدكتور أبو البراء طلبنا منه تلخيص ماحدث منذ قيام العملية وحتى فشلها فأجاب:
“في هذا الوقت كان خبر المبلغ المالي قد تسرب، فحاولت بعض الفصائل التواصل معنا لكننا لم نرد عليهم بسبب تعهدنا للعقيد فاتح بذلك، بدأت العملية فعاود ممثلو تلك الفصائل بإرسال رسائل لنا مفادها أنهم وضعوا ذخيرتهم في المعركة وأن الناس بدأت تتكلم عنهم وتتهمهم بالسرقة والخيانة، وهذا حقيقة ماحز بنفسي وقررت بعدها أن أترك هذا الصندوق الذي تحول أداة لتفريق الجماعات بدل دعمها “

وحول مصير المبالغ المالية أجاب أبو البراء “ قام العقيد فاتح بعد توقف العملية بالحديث عن رجاحة وصوابية رأيه وأنه لولاه لضاع المبلغ سدى، وأنه سيقوم مستخدماً أموال الصندوق بإعداد حملة صاروخية للرد على مواقع النظام لحين التحضير لعمل آخر…”

يذكر أن صندوق جدة قدم خلال الثورة عشرات الملايين من الدولارات لدعم عمليات عسكرية في حمص وريفها، لكن لم يكتب النجاح لأي منها ،الأمر الذي يعزوه بعض المقربون من الصندوق إلى المحسوبية والاستبداد بالرأي وسيطرة رأس المال على القرارات التي تتخذ بخصوص الدعم المالي وتوجيهه.

أضف تعليق