أظهرت مراجعة لـ17 دراسة، أن التعرض خلال فترة قصيرة أو طويلة لتلوث الهواء الناجم عن عادم السيارات أو حرق الفحم، مرتبط بارتفاع ضغط الدم.
وقالت كبيرة معدي الدراسة، تاو ليو من مركز إقليم قوانغدونغ الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها “منذ التسعينات رجح باحثون كثيرون فرضية أن تلوث الهواء يؤدي إلى خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم”.
وحلل الباحثون 17 دراسة لتلوث الهواء وارتفاع ضغط الدم، والذي تم تعريفه على أنه ارتفاع لضغط الدم إلى أكثر من 90 إلى 140 مليمترا زئبقيا، وبشكل إجمالي شملت هذه الدراسات أكثر من 80 ألف شخص مصابين بارتفاع ضغط الدم وأكثر من 220 ألف شخص ضغط دمهم عادي.
ووجد الباحثون أن التعرض خلال فترة قصيرة لثاني أوكسيد الكبريت الناجم عن احتراق الوقود الأحفوري ولجزئيات مثل الغبار في الهواء، له صلة بخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم مثل التعرض لفترة طويلة لثاني أوكسيد النتروجين الذي ينجم عن محطات الكهرباء وعادم السيارات.
وقال معدو التقرير، في ورقة بحثية في دورية ارتفاع ضغط الدم، إن التعرض لفترة قصيرة للأوزون وثاني أوكسيد الكربون، غير مرتبط بمستويات ضغط الدم. وأضافوا أن تلوث الهواء يمكن أن يسبب الالتهاب والأكسدة اللذين قد يؤديان إلى تغيرات في الشرايين.
وفي هذا السياق قالت ليو لوكالة “رويترز هيلث”، “هناك علاقة خطية بين تلوث الهواء وارتفاع ضغط الدم. وهو ما يشير إلى أن التعرض حتى لمستوى منخفض جدا من تلوث الهواء قد يؤدي إلى خطر ارتفاع ضغط الدم. ومن ثمة يجب على الجميع أن يشعروا بالقلق من آثار تلوث الهواء على ضغط دمهم حتى وإن كان المستوى منخفضا جدا من تلوث الهواء في البيئة التي يعيشون فيها”. إلا أنها أقرت بأنه “من المستحيل إزالة كل ملوثات الهواء من البيئة”.
وأوضحت ليو أن الدراسات في هذه المراجعة تربط بين التلوث وارتفاع ضغط الدم، ولكنها لا تثبت أن أحدهما يسبّب الآخر. وأضافت ليو أن هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات ولا سيما دراسات تشارك فيها عدة مراكز للتحري عن العلاقة السببية بين تلوث الهواء وارتفاع ضغط الدم.
وكشف باحثون في دراسة أخرى أن خطر الإصابة بأمراض القلب، يرتفع مع زيادة التعرض للهواء الملوث، وخاصة بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بمرض السكري، حيث أوضحت الدراسة، التي نشرت في المجلة العلمية “جورنال أوف كلينيكل إندوكرينولوجي أند ميتابوليزم”، أن تلوث الهواء والتعرض له يرفعان من نسبة السكر والكولسترول في الدم، بالإضافة إلى عوامل أخرى ترفع بدورها من خطر الإصابة بأمراض القلب.
وتمكن الباحثون من التوصل إلى هذه النتيجة من خلال استهدافهم لـ73 ألفا و117 بالغا. وكان جميع المشتركين إما من المدخنين أو يعانون من الإصابة بمرض السكري أو الداء القلبي الإقفاري أو ضغط الدم المرتفع أو الكولسترول المرتفع أو اضطراب الدهنيات في الدم.
ولاحظ الباحثون أن المشتركين الذين تعرضوا لمستويات عالية من تلوث الهواء، ارتفع لديهم مستوى السكر والكولسترول في الدم، بالإضافة إلى اضطراب الدهنيات في الدم. كما ارتبط التعرض لتلوث الهواء بانخفاض مستوى الكولسترول الحميد لدى المشتركين.
وحذّرت دراسة أميركية حديثة من أن تلوث الهواء بكل مستوياته، يمثل خطورة على صحة الجنين، ويتسبب في الولادة المبكرة وإصابة المواليد بالاضطرابات العصبية وأمراض الجهاز التنفسي.
وقال الباحثون بكلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، إن تنفس الجسيمات الدقيقة من عوادم السيارات ومحطات توليد الطاقة والمصانع، خطرٌ على الأم والجنين. وأوضحوا أن دراستهم أثبتت أن الهواء الملوث الذي تستنشقه الحامل، يمكن أن تكون له عواقب صحية وخيمة على مولودها على المدى الطويل، وخاصة على الرئتين.
وعثر فريق البحث على آثار هذا التلوث في مشيمة المرأة الحامل، وهو الحبل الذي يربطها بجنينها، ويوفر له الدم والأكسجين والتغذية.
ووجد الباحثون أنه كلما تعرضت الأمهات لمستويات مرتفعة من تلوث الهواء، كان أكثرهن عرضة للإصابة بحالة تسمّى التهاب الرحم، التي يمكن أن تزيد من خطر حدوث عدد من المشاكل الصحية للطفل في مرحلة الطفولة.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن نحو 7 ملايين نسمة في العالم، يموتون في مراحل مبكرة من العمر، وهذا الرقم يعادل 1 من كل 8 وفيات على مستوى العالم، بسبب الإصابة بأمراض ناجمة عن تلوث الهواء داخل المنزل، نتيجة حرق الوقود الصلب كالفحم والأخشاب لأغراض الطهي والتدفئة. وأضافت المنظمة أن الجسيمات الدقيقة التي تُستنشق من الهواء الملوث داخل المنزل، تتسبب في 50 بالمئة من وفيات الأطفال دون سن الخامسة بسبب الالتهاب الرئوي.