تشكل المعارك الجارية في ريف حمص الشمالي تحدياً خطيراً لقوات المعارضة العسكرية المسلحة من حيث اشتراك القوات الجوية الروسية فيها بشكل مباشر وحجم القوة البرية التي زجّها النظام في المعركة، في الوقت الذي تعيش فيه المنطقة حصاراً خانقاً منذ سنوات جعل تلك الفصائل تعاني شحّاً كبيراً في الإمداد الحربي.
فعلى مدى أسبوع تقريباً، استمات النظام لتحقيق تقدم عسكري ولو بسيط على جبهات الريف الحمصي، حيث قابلته الفصائل العسكرية بدفاع شرس أوقع في صفوفه خسائر كبيرة جداً في الأرواح والعتاد رغم عدم توافر السلاح النوعي الذي يشاهد بكثرة في بقية أنحاء سوريا.
وإدراكاً منها لخطورة الموقف فقد شكلت كبرى الفصائل غرفة عمليات موحدة لتنسيق العمل العسكري، حيث اشترك كل من حركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة وفيلق حمص وألوية 313 “غرفة عمليات ريف حمص الشمالي” معلنة تحدّيها لمحاولات غزو الريف كما أرسلت رسائل لمختلف الداعمين الإقليميين بضرورة دعم تشكيلات حمص في ظل التدخل الروسي الذي يحاول خلط الأوراق.
وبحسب مسؤول سياسي في أحد أكبر التشكيلات المسلحة السورية ، فقد قوبلت غرفة العمليات تلك بفتور من قبل معظم الداعمين وخصوصاً قطر والتي تعد من أكبر الداعمين لذلك التشكيل، حيث تذرعت قطر على لسان وزير خارجيتها خالد العطيّة في لقاء مغلق مع بعض قادة الفصائل بأنهم دعموا حمص عدة مرات ولكن التشكيلات “الحمصية” لم تكن على قدر المسؤولية.
وعند سؤالنا لذلك المسؤول الذي طلب عدم ذكر هويته أو اسم تشكيله عن إمكانية كون جبهة النّصرة السبب في إعاقة دعم غرفة العمليات أجاب بالنفي قائلاً: “جيش الفتح يضم جبهة النصرة ورغم ذلك يتم دعمه بشكل غير مباشر عن طريق دعم التشكيلات الأخرى المتواجدة فيه”.
ومن جانب آخر فقد علم موقع مرآة سوريا أن غرفة “التنسيق” التي أسسها العقيد فاتح حسون قائد حركة تحرير حمص كانت بديلاً “قطرياً” يمكن أن تكذّب قطر من خلاله كل من ينتقد تقصيرها تجاه دعم جبهة حمص ، وفي الوقت نفسه فإنها تستطيع التهرب من الضغوط الأمريكية التي تستهدف منع وصول أي أسلحة نوعية لمقاتلي حمص خشية خلط الأوراق فيما لو استطاعت الفصائل العسكرية تحرير مناطق شاسعة من الريف وكسر حصار المدينة،حيث تعلم قطر أن هذه الغرفة لا تمتلك القدرة والإرادة للقيام بأي عمل عسكري حقيقي في حمص.
ومن الجدير بالذكر أن العقيد فاتح حسون أعلن يوم أمس عن تشكيل ما سمي بـ”غرفة التنسيق” ،حيث ضمت تلك الغرفة كل من حركة تحرير حمص وجيش التوحيد بالإضافة للإعلان عن مسميات مبهمة غير محددة مثل “كتائب الوعر” و”كتائب الجيش الحر” في محاولة من العقيد فاتح لإظهار ضم غرفته الوليدة لأكبر عدد من التشكيلات.
العديد من نشطاء حمص الإعلاميين أظهروا امتعاضهم من خطوة العقيد فاتح حسون واصفين إياها بالتسلق على “تضحيات المجادهدين”.
الناشط المعروف “طارق بدرخان” هاجم العقيد فاتح حسون حيث عبر عن أسفه لهذه الخطوة التي جاءت خلال “تصدي الثوار الأبطال” للاحتلال الروسي واصفاً تلك الغرفة بقوله “..وينشئ مجموعة تنسيق أشبه ماتكون بالوهمية لاستجلاب الدعم لاهثاً وراء شهوة السلطة والمال فضلاً عن شق الصف وأسماء مبهمة غير معروفة التفاصيل…”
بدورهم أبدى أغلب ممثلي كتائب الوعر عن عدم علمهم بأمر غرفة التنسيق، لكنهم وفي الوقت نفسه أبدوا عدم رغبة في مهاجمتها علنا خوفاً من توقف بعض الدعم المالي الذي يقدمه بعض شيوخ حمص الذين يقفون وراء العقيد فاتح حسون.
يذكر أن حركة تحرير حمص تضم حوالي 300 مقاتل ثلثهم من الضباط الإداريين، وتعتمد بشكل رئيسي على الإعلام حيث تقوم عدة مواقع ثورية سورية بشكل دوري بنشر تقارير موحدة عن الحركة وتنظيمها مقابل مبالغ مالية .