نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً عن أكثر من ألف لاجئ سوري هائم في الصحراء الشرقية للأردن:
فرضت الحكومة الأردنية في أواخر شهر آذار 2015 قيودا صارمة على المعابر الحدودية غير الرسمية في المنطقة الشرقية, ما تسبب في عزل مئات السوريين في مناطق صحراوية داخل الحدود الأردنية. وأكد عمال الإغاثة الدوليين وجود نقص كبير في كم المعونات الغذائية والطبية المقدمة لهم. وطالبت المنظمة حكومة الأردن السماح لهؤلاء اللاجئين بحرية التجول داخل أراضيها والسماح لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين بتسجيلهم بصفة طالبي لجوء.
وتظهر صور حديثة للأقمار الصناعية وجود عدد كبير من الأشخاص في مكان فيه بعض الخيام في منطقة حدودية داخل الأردن على مقربة من معبرين غير رسميين. وقدّرت إحدى وكالات الإغاثة عدد العالقين هناك بـ 2500 شخص إلى حدود 10 أبريل/نيسان، ولكن أحد عمال الإغاثة قال لـ هيومن رايتس ووتش إن هذا العدد تراجع إلى حوالي 1100 شخص في نهاية شهر مايو/أيار بعد أن سمح حرس الحدود الأردني لبعض العالقين بالخروج من المنطقة الحدودية.
وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “لقد بذل الأردن جهودًا كبيرة في الاستجابة لاحتياجات اللاجئين السوريين، ولكن ذلك ليس عذرًا للتخلي عن الوافدين الجدد على المناطق الحدودية لعدّة أسابيع دون توفير حماية فعالة ودون تقديم مساعدات بشكل منتظم لهم”.
فحتى منتصف مارس/آذار، كان الأردن يسمح للسوريين بدخول أراضيه عبر جميع المعابر غير الرسمية في المنطقتين الشرقية والغربية رغم أنه رفض دخول عديد الرجال غير المتزوجين وغير المصحوبين بأقارب، ولاجئين فلسطينيين في سوريا، وأشخاصًا بدون وثائق هوية. وكان معظم السوريين يعبرون من نقاط حدودية من جهة الغرب عبر محافظة درعا قرب بلدات تل شهاب ومحيط ونصيب السورية.
وفي منتصف مارس/آذار، قام الأردن بإغلاق جميع المعابر الحدودية غير الرسمية رغم أنها أقرب إلى المناطق السكنية في الأردن وسوريا من المعابر الموجودة في الجهة الشرقية بالنسبة إلى جميع العابرين باستثناء جرحى الحرب السوريين ـ مقاتلين ومدنيين على حدّ سواء ـ وبعض الحالات الاستثنائية الأخرى. ومنذ ذلك الوقت، بقيت نقاط العبور الغربية مغلقة. ولكن معبر جابر/نصيب الرسمي، الذي يقع على مسافة ثمانية كيلومترات جنوب شرق مدينة درعا، بقي مفتوحًا أمام الأشخاص الذين كانت الحكومة الأردنية تعتبرهم غير طالبي لجوء إلى حدود 2 أبريل/نيسان، تاريخ سيطرة معارضين سوريين على المعبر. وكانت الحكومتان الأردنية والسورية قد أغلقتا معبرًا رسميًا آخر يقع بين مدينتي الرمثا الأردنية و درعا السورية في سبتمبر/أيلول 2013. ومنذ مايو/أيار 2014، منع الأردن دخول السوريين الذين لا يحملون تصاريح إقامة أردنية وحالات استثنائية خاصة عبر مطار الملكة علياء الدولي في عمان.
أجبر إغلاق معابر المنطقة الغربية السوريين الطامحين لدخول الأردن دون المرور عبر نقاط تفتيش تابعة للحكومة السورية على السفر عبر مناطق خطرة داخل سوريا قبل دخول الأردن عبر المعابر غير الرسمية التي بقيت مفتوحة في الحدود الشرقية. يُذكر أن الأردن قام أيضا بفرض قيود مشددة على هذه المعابر، وكانت المرة الأولى في يوليو/تموز 2014.
ولكن الأردن سمح يوم 11 ديسمبر/كانون الأول بدخول السوريين، وقام بنقلهم إلى مراكز عبور قريبة، ومنها مركز التسجيل رابعة السرحان الذي تشرف عليه الحكومة ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين قرب مدينة المفرق. وقال أحد عمال الإغاثة الدوليين إن بعض السوريين ممن مرّوا عبر مركز رابعة السرحان أخبروه أنه سمح لهم بالتسجيل كطالبي لجوء بينما تعرض آخرون إلى الترحيل إلى سوريا.
وقد أجرت هيومن رايتس ووتش اتصالا بمواطن سوري داخل سوريا قال إنه دخل الأردن في ديسمبر/كانون الأول فتعرض مباشرة إلى الترحيل. وقال مشروع تحليل الحاجيات الإستراتيجية، وهي منظمة مراقبة غير حكومية، في تقرير أصدرته في يناير/كانون الثاني إن الأدلة تشير إلى أن اللاجئين الوافدين على الحدود يُنقلون إلى داخل الأراضي الأردنية، ويتم التحرّي معهم في مركز التسجيل التابع للحكومة الأردنية، ثم يُرحلون مباشرة إلى سوريا دون أن يتم تسجيلهم.
وبحسب ما ذكرت هيومن رايت ووتش “قد ترقى عمليات الطرد الجماعي من هذا النوع إلى الإعادة القسرية، وفيها انتهاك للحظر الذي ينص عليه القانون العرفي الدولي المتعلق بإعادة الأشخاص الذين يواجهون خطر التعرض إلى الاضطهاد، أو الذين تكون حياتهم وحريتهم مهددة بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم أو انتمائهم إلى مجموعة معينة أو تبنيهم لرأي سياسي معين، أو يتعرضون للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة”.
وقد صرح رئيس الوزراء عبد الله النسور، في خطاب ألقاه أمام المؤتمر الثالث لإعلان التبرعات لسوريا الذي عقد في الكويت في 31 مارس/آذار، إن عدد اللاجئين السوريين تجاوز طاقة استيعاب الأردن. وإلى حدود مايو/ايار، بلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن المسجلين لدى المفوضية السامية للاجئين 627 ألف شخص.
واقترحت المفوضية السامية للاجئين في وقت سابق أن تقوم دول خارج المنطقة، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بإعادة توطين 130 ألف لاجئ سوري يعيشون الآن في دول قريبة من سوريا. ولكن هذه الدول تعهدت فقط بقبول 87442 لاجئًا، أي 2 بالمائة من العدد الاجمالي للاجئين في دول الجوار.
كما يتعين على الدول المانحة رفع مساعداتها للأردن ووكالات الإغاثة التي تعمل على الأزمة السورية، بما في ذلك تمويل التنمية على مدى طويل. وكان مكتب المفوضية السامية للاجئين في الأردن، الذي يشرف على تنسيق أعمال الإغاثة، قد رفع من ميزانيته المقدرة بواحد مليون دولار بنسبة 17 بالمائة فقط.
وحض نديم حوري المجتمع الدولي على إيجاد حل لهذه المشكلة قائلا: “كلّ سوري عالق في الصحراء هو دليل على الفشل الدولي في الاستجابة لحاجات اللاجئين الماسة، ولكن ترك الناس اليائسين في منطقة حدودية صحراوية ليس حلا”