الحرب السورية التي بدأت بالحراك السلمي منتصف آذار/مارس 2011 ألقت بظلالها على مختلف مجالات الحياة للمواطن السوري، ابتداءً بالمعيشة و العمل مرورًا بالتعليم و انتهاءً بمتطلبات العيش الأساسية.
غطرسة نظام الأسد و تعنّته و انتهاجه لسياسة القمع الجائر للحراك الشعبي المناهض له، منع الآلاف من طلاب المدارس من التوجه إلى مدارسهم، سياسة الحصار التي اتبعتها سلطات النظام على الأحياء الثائرة منذ البدايات لم تستثنِ الطلاب و لم تعِ حقهم في التعلم.
تطور الأمور و هيمنة الحلول العسكرية، و منهج الأرض المحروقة الذي اتبعه و ما زال يتبعه الأسد و من والاه من الميليشيات المحلية و الأجنبية الإيرانية و اللبنانية و الأفغانية و غيرها، دمّرت البنى التحتية و هدمت المؤسسات الحيوية بما فيها المدراس و المراكز العلمية.
المدارس باتت هدفًا مباحًا للغارات الجوية، يعتبرها النظام مقرات للثوار المناهضين له، أو يقوم باستهدافها لعلمه بوجود مدنيين نازحين من هنا و هناك انتقامًا منهم لأنّهم نزحوا!.
بالمجمل، تدمّر القطاع التعليمي و انهار تدريجيًا، فعمدت منظمات أهلية و إنسانية و إغاثية، معظمها بحهود ذاتية إلى إنشاء بدائل عن المدارس من خلال إنشاء مراكز و حلقات علمية غير معلنة المكان بهدف تعليم الأطفال بالإمكانات المتاحة.
“جمعة علي” مراسل مرآة سوريا في حلب، رصد أحد المراكز العلمية التي تقوم على تعليم الأطفال أساسيات القراءة و الكتابة و العلم الشرعي وغيره.
فرغم المأساة التي يعيشها المدنيون في مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، و التي يحرص النظام على قصفها و بث الرعب و الدمار و القتل و التشريد فيها، تمكن المعلمون الذين وعوا القيم الثورية من تحدي كل الصعوبات و الظروف لتأسيس معهد “عبد الله بن جبرين” التعليمي، ليكون أحد عشرات المراكز المشابهة في المناطق المحررة التي تقدم التعليم للأطفال.
يغطي معهد “ابن جبرين” تسع قرى، بأكثر من 75 حلقة تعليمية تقدم التعليم المجاني لنحو 1500 طالبًا و طالبة، و يضم كادره التدريسي متطوعين من حملة الشهادات العلمية لمختلف الاختصاصات.
المعهد يعنى بتعليم الأطفال القراءة و الكتابة، و أساسيات العلم الشرعي و حفظ القرآن الكريم، و قد أقام العام الماضي حفل تخريج ل 20 حافظًا للقرآن الكريم، و تزايد هذا العدد في حفل تخريج هذا السنة ليكون 80 حافظًا و حافظة.
الحرب السورية كتبت للحياة أن تكون من رحم موت يخيم بظلاله على مختلف جوانب الحياة في سوريا، و محاولات النهوض التي تقوم بجهود تطوعية من أبناء سوريا تكاد تكون الرمق الوحيد الذي يهب الحياة لملايين الصامدين فوق أرضهم التي باتت بكل شبر منها هدفًا لصواريخ الأسد و روسيا و دول العالم.
و صوت الأطفال في تقرير مراسلنا يعلو ليقول :”سوف نبقى هنا”..