موقع “مرآة سوريا” يكشف خفايا غامضة حول القائد العام الجديد للميليشيات الإيرانية في سوريا و حكايته مع مدينة حمص!

الخسائر التي مني بها الحرس الثوري الإيراني و التشكيلات الميليشيوية الأخرى التابعة له في المعارك الأخيرة التي شهدها الشمال السوري، دفعت القيادات الكبرى في طهران إلى اتخاذ إجراءات سريعة على المستوى العسكري الميداني و السياسي و الاقتصادي.

اعترافات وسائل الإعلام الإيرانية و من خلفها وسائل إعلام النظام تعكس – بالحد الأدنى – أن إيران انتقلت إلى الوضع الحرج من موقفها في سوريا. أرقام القتلى شبه اليومية و قوائم من تسميهم “بالشهداء” التي لا تخلو من الأسماء الكبيرة، وضعها في موقع الخجل من نفي التواجد العسكري الفعلي في سوريا، فلم يعد مجديًا القول إنّ التواجد الإيراني في سوريا محصور على مستوى الخبراء العسكريين، و إنّ طهرن تقدم دعمًا إرشاديًا لجيش الأسد لا تواجدًا عسكريًا ميدانيًا.

إقرأ: مقتل قيادي عسكري-ديني يتبع لميليشيات الحرس الثوري الإيراني في ريف حلب

أربعة قادة في 40 يومًا!

أصدر “محمد علي جعفري” القائد العام لميليشيا الحرس الثوري الإيراني قرارًا يعين فيه الجنرال “غلام حسين غيب برور” قائدًا لما يسمى “لواء الحسين” التابع لفيلق القدس خلفًا لقائدين آخرين خلفا الجنرال الكبير “حسين همداني” الذي قتل على يد تنظيم الدولة في ريف حمص الشرقي.

و يعتبر لواء الحسين أكبر ألوية الحرس الثوري الإيراني المتواجدة في سوريا، و أكثرها دعمًا من قبل القيادات الإيرانية، و يعتبر قائده بمثابة القائد العام لجميع القوات الإيرانية في سوريا، و يعمل تحت إشراف مباشر من “قاسم سليماني”، مكوك التحركات العسكرية في “الشرق الأوسط”، كما يسميه أتباع “الملالي”.

“جعفري” كان قد أمر خلال 40 يومًا فقط بتسمية قائدين للواء الحسين، فبعد مقتل “همداني” تم تعيين الجنرال “عبد الرشيد رشوند” قائدًا للواء، ما لبث أن قتل بعد 21 يومًا من تعيينه على يد المعارضة السورية، فأمر “جعفري” مجددًا بتسمية قائد جديد و هو الجنرال “عبد الرضا مجيري” الذي لقي نفس مصير “رشوند” بعد 19 يومًا فقد من تعييه، ليصار أخيرًا إلى تعيين شخصية مقربة جدًا من قيادات الحرس في طهران و هو الجنرال “غلام حسين غيب برور”.

 

مقتل القيادات يحرج الإعلام الإيراني

لم يحتفِ الإعلام الإيراني بتعيين القائد الجديد “برور” على غرار ما كان يفعله كلما تم تعيين قائد جديد و لو على مستوى مجموعة مقاتلة صغيرة، بل اكتفى بذكر تعيين “برور” على مضض.

وكالة “فارس” الإيرانية للأنباء ذكرت الخبر في مقالة مقتضبة جدًا، قالت فيها وفق ما ترجمه موقع “مرآة سوريا” حرفيًا:”أصدر القائد العام للحرس الثوري الإيراني “محمد علي جعفري” قرارًا بتسمية الجنرال “غلام حسين غيب برور” قائدًا للواء الحسين المقاتل في سوريا”. دون أن تذكر أية تفاصيل أخرى.

موقع “مرآة سوريا” جمع بعض المعلومات عن “برور”، فهو قائد عسكري تربطه علاقات ترتقي إلى مستوى “جيدة جدًا” مع كبرى قيادات الحرس الثوري الإيراني، فهو صديق حميم لـ “جعفري” القائد العام للحرس، و المستشار الأول دائم التواجد في جميع اجتماعات الحرس الثوري التي تبحث النشاطات العسكرية في الخارج، كما أنّ قربه من المرشد الأعلى دفع الأخير لتوكيله نائبًا عنه في مراسم استقبال جثامين القتلى الإيرانيين الذين يسقطون في سوريا.

 

“حمص” نقطة تمركز القائد الجديد

لم يقم القائد الجديد “برور” بما قام به من سبقه في القيادة، حيث تمركز في حمص (وسط سوريا) و لم ينطلق إلى جبهات الشمال المشتعلة، و عين 3 ضباط هم “علي أكبر روشى” و “ضمر رشيد” و “مسعود رضائي” لإدارة العمليات العسكرية لميليشيات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة الشمالية، و خصوصًا جبهتي ريفي حلب و حماه.

و بحسب المعلومات التي حصل عليها موقع “مرآة سوريا” فإنّ “برور” يحرص على الإقامة لفترات مؤقتة في أماكن مختلفة، فقد أقام مدة 15 يومًا في فندق حمص الكبير قرب جامعة البعث، ثم حول إقامته إلى مبنى منفرد قرب معسكر ابن الهيثم، لينتقل بعدها إلى أحد المباني المجاورة للسكن الجامعي قبل أن يذهب إلى حماه لمدة 9 أيام و يعود بعدها إلى حمص و بالتحديد إلى فندق “سفير حمص” الذي يشهد محطيه تدابير أمنية مشددة جدًا.

 

القائد الجديد ينتهج “الحذر”

منذ استلام “برور” لقيادة الميليشيات الإيرانية في سوريا، تغير حال الأخيرة ميدانيًا، و يتضح ذلك من خلال تقارير الناشطين المعارضين و اعترافات الإعلام الإيراني و الموالي للأسد، كما أنّ ذك جاء متزامنًا مع تصاعد وتيرة التدخل الروسي في الحرب السورية، و استلامها زمام الأمور العسكرية فعليًا و مزاحمتها للتواجد الإيراني و السلطة الإيرانية في سوريا.

ارتفع عدد القتلى الإيرانيين، و ارتفعت نسبة مقتل القادة و الضباط فيهم. المصادر الاستخباراتية الإسرائيلية قالت إنّ عدد مقاتلي الحرس الثوري الإيراني انخفض مؤخرًا بمقدار ألف و ثلاثمائة عنصرًا، بينما نفت طهران تغير موقفها من الحرب السورية، معترفة بأنها قامت فعلًا بتخفيض عدد مقاتليها وفق ما أسمته “وضع طبيعي في الحرب”.

مطلعون على الشأن العسكري الإيراني رجحوا أن تكون مهمة “برور” الحالية هي الحفاظ قدر الإمكان على أكبر عدد من المقاتلين الإيرانيين، و زج المجموعات الميليشيوية الداعمة للحرس في المعارك بدلًا عن مقاتلي الحرس، خصوصًا و أن الساحة السورية تشهد تواجدًا طائفيًا معززًا من قبل الميليشيات الشيعية الأفغانية على وجه التحديد، قدموا بمباركة و دعم الحرس الثوري الإيراني لزجهم على الجبهات المحتدمة.

 

هل ترى إيران في تدخل روسيا العسكري طوق نجاة؟ أم تهديدًا للمصالح؟

التطورات الميدانية التي سبقت التدخل العسكري المعلن في سوريا، رجحت كفة الثوار على جيش الأسد و الميليشيات الإيرانية و المحلية الموالية له، و هذا ما أثقل كاهل القيادات في “قم” فعليًا، إلا أنّ الموازين قلبت في جبهات ريف حلب و ريف اللاذقية و ريف حماه، فمع تكفّل الطيران الروسي بتأمين الغطاء الجوي بطائراته الحديثة و قذائفه المتنوعة و صواريخه العنقودية و الموجهة، دخل جيش الأسد و ميليشيات الحرس الثوري الإيراني و الميليشيات الطائفية الأخرى بما فيها “حزب الله” اللبناني معارك هذه الأرياف بقوة ربما تكون بالزخم الأكبر و الثقل غير المعهود في معارك الساحة السورية الماضية.

إقرأ: خلافات على مناطق النفوذ.. و اتهامات إيرانية مباشرة للطيران الروسي باستهداف قواعد الحرس الثوري في سوريا

خبراء عسكريون رأوا في التدخل الروسي طوق نجاة للقوات الإيرانية، فطهران لم تعد تقوى على حمل الملف السوري منفردة، خصوصًا أنّ “رفسنجاني” يقود تحت الطاولة ضغوطًا كبيرة على القيادات بسبّة ذلك، وصلت إلى التحدث عن خليفة “الخامنئي” في إيران.

إلا أن التصريحات الرسمية من المسؤولين الإيرانيين تظهر إصرارهم على المضي قدمًا في التدخل العسكري في سوريا و العراق و غيرها من الدول، و قد أكّد اللواء “إسماعيل قائاني” نائب فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني أنّ بلاده مستمرة في “فتح البلدان التي يسيطر عليها الاستكبار”، و قال في خطاب تعبوي بمدينة مشهد الإيرانية:”إنّ الجمهورية الإسلامية بدأت السيطرة على أفغانستان و العراق و سوريا و فلسطين، و هاي هي قوتنا السياسية و العسكرية و الاستخباراتية تتقدم في بقية بلدان المنطقة”.

فهل سيتمكن نظام “الملالي” من إحراز أهدافه الآنية و الأخرى ذات المدى الطويل؟ أم أنّ تغيرات المواقف السياسية و الميدانية في منطقة الشرق الأوسط عمومًا ستفرض على طهران تنازلات إجبارية تحد من تمددها في إقليمي الشام و الرافدين عمومًا، و سوريا تحديدًا؟

أضف تعليق