شهدت الآونة الأخيرة تكثيف وكالة الفضاء الأميركية ناسا لمجهوداتها الرامية إلى الانتقال بالبشر من الأرض إلى عالم الفضاء.
ويعتقد العلماء أن السير نحو الفضاء بات من أهم الخطط المستقبلية، لا سيما بعد ما تناقلت الكثير من المصادر الإعلامية إعلان ناسا عن وظائف شاغرة بالمريخ.
ويعتبر البعض أن فكرة استيطان الفضاء ليست جديدة لكنهم يرون في ما تداولته العديد من وسائل الإعلام حول إعلان ناسا عن وظائف شاغرة بالمريخ، ما يطرح الكثير من التساؤلات هل هو مزحة أم أنه نتيجة طبيعية لكمّ المجهودات المبذولة من قبل الوكالة لفتح آفاق تمكّنها من الانتقال بالبشر بحدود المسافة الفاصلة بين الأرض والمريخ والتي تتراوح في المتوسط بين 78 مليون كيلومتر (أدنى مسافة، عند وضع التقابل) و378 مليون كيلومتر (أقصى مسافة، عند وضع الاقتران).
وكانت ناسا قد نشرت على موقعها الإلكتروني منذ أسبوعين ملصقات إعلانية تحتوي على ما اعتبرته وظائف متاحة على سطح المريخ.
وأطلقت ناسا هذا الإعلان تحت عنوان “المريخ بحاجة إليك”، وضمنته ما رأت أنه وظائف شاغرة، فقد شمل إعلانها المهندسين والباحثين والمزارعين والمعلمين وبعض المهن الأخرى.
ويرى البعض في ما نشرته ناسا أيضا تشجيعا على السياحة الفضائية، إذ أنها بالإضافة إلى تقديمها لعروض العمل أفادت في إعلانها أن من سيقبل العمل بالمريخ سيحظى بمتعة مشاهدة النظام الشمسي من أعالي الجبال، ورؤية كوكبي فوبوس وديموس.
وحملت عروض ناسا ترحيبا بكل الراغبين في العمل ليلا على سطح كوكب فوبوس، مؤكدة أنها ستوفر لهم مكتبا يطل على المريخ من فوبوس.
وحددت الوكالة في إطار تحضيرها للحياة المستقبلية على كوكب المريخ، طبيعة الوظائف المطلوبة، موضحة حاجتها إلى أشخاص يزرعون الطماطم، الخس، الفاصولياء، والفجل.
وأعلنت ناسا أنها تشجع أصحاب المواهب الخاصة أن يكونوا ضمن طاقمها في المريخ، وذلك لوضع تصورات حول مستقبل الحياة في الكوكب الأحمر، مشيرة في سياق الوظائف الشاغرة أيضا إلى أنها بحاجة إلى فنيين يقومون بتركيب الأجهزة والبيوت والمركبات الفضائية.
وشددت ناسا على حاجتها لمن يشغل هذه الوظائف وغيرها من المهن التي من شأنها تعمير المريخ، إلا أنها لم تحدد موعدا محددا لذلك بل اكتفت بالإشارة إلى أن ذلك سيحصل يوما ما.
وحاولت وكالة الفضاء الأميركية سابقا توفير عمل للأطباء في المريخ بإنشاء قسم للمرضى، إلا أن ذلك باء بالفشل، حيث أفاد مايكل بارات، طبيب ورائد فضاء بوكالة ناسا، أواخر العام الماضي، بأن المهندسين كانوا يخططون عام 1991 لوضع قسم للمرضى كامل التجهيز في محطة الفضاء الدولية، إلا أنهم تراجعوا أماما فشل بعض التجارب الجراحية الاختبارية التي تم إجراؤها على أرانب مخدرة أثناء رحلات جوية كانت فيها الجاذبية منعدمة.
ومع ذلك أبدى بارات تفاؤلا بأن المريخ سيحصل على طاقم طبي مستقبلا حيث عبّر عن ذلك بالقول “إن إنشاء قسم للمرضى في الفضاء سيصبح قطعا حقيقة في المستقبل، ولكن يجب أن يكون لديك عدد معين من أفراد الطاقم، وحجم معين للمركبات الفضائية، ومستوى من البعد قبل كسر حاجز التكاليف والفوائد”.
وخاضت وكالة الفضاء الأميركية أيضا تجربة الزراعة على كوكب المريخ، حيث أعلنت في أغسطس 2015 عن تناول روّاد الفضاء أول طعام تتم زراعته وحصده خارج كوكب الأرض.
وتأمل ناسا ووكالات أخرى أن يمهّد هذا المحصول لزرع أنواع أخرى من النباتات في الفضاء وفي وقت أسرع، ليتم استخدامها في رحلات الفضاء الطويلة على غرار التي يُجرى التخطيط لها حاليا إلى كوكب المريخ.
ولا تنفكّ ناسا تحاول تذليل الصعوبات التي يمكن أن توجّهها على سطح المريخ، ففي شهر أبريل الماضي استعان فريق من مركز التحكّم الأرضي التابع لها بذراع آلية للانتهاء من عملية تركيب وحدة تجريبية تنفخ بالهواء لإقامة الرواد والباحثين وحتى السياح بمحطة الفضاء الدولية.
وأفادت ناسا أواخر 2015 أنها تملك أدلة تؤكد وجود مياه سائلة على سطح المريخ تؤهله أن يكون صالحا للحياة. وقال جون غرونسفيلد المدير المساعد لناسا إن “مياها مالحة على شكل جداول تتدفق اليوم على سطح المريخ”، مبينا أنه “لطالما كان استكشافنا للمريخ يرتكز على البحث عن المياه في إطار سعينا إلى اكتشاف شكل من أشكال الحياة في الكون، وبات لدينا الآن مؤشرات علمية مقنعة تؤكد ما كنا نشتبه به”.
وكانت الوكالة قد أعلنت العام الماضي، رغبتها بالتحضير لاستيطان بشري طويل الأمد على سطح المريخ، على أن تبدأ بإرسـال أول دفـعة إلى هـناك في الـعام 2021.
وهذا الحلم لا يقتصر على ناسا، فقد سبق وأعلنت شركة “مارس وان” الهولاندية في العام 2012 برنامجها لبناء مستعمرة بشرية دائمة على الكوكب الأحمر مع قدوم العام 2025.
ويتوقّع ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي «سبيس إكس» أن يصل الناس إلى المريخ بحلول 2025، قائلا إن شركة سبيس إكسبلوريش، ستبدأ في إرسال الناس إلى الكوكب الأحمر في 2024، ويستغرق وصولهم أشهرا.
والجدير بالذكر، أن العديد من الدراسات ركزت على كوكب المريخ، وآخرها كتاب نشره المؤلف ستيفن بيترانك مطلع الشهر الحالي تحت عنوان “كيفية العيش على المريخ”، يسلط الضوء على الاكتشافات والأبحاث التي تجري من قبل العلماء لاكتشاف المزيد من أسرار كوكب المريخ الذي يأمل الإنسان أن يعيش فيه مستقبلا.