لم يكن ببال السوريين الذين ثاروا ضد نظام الأسد بعد نصف قرن من التصفيق أن يأتي يوم ويصبح موضوع الراية التي يرفعونها مدعاة للاختلاف والتفرق بل الاقتتال أحياناً.
فالحراك أو الثورة بدأت (سوريّة) صرفة تحت نفس العلم الرسمي الذي عرفت به سوريا منذ حقبة الانفصال, إلى أن قرر السوريون المعارضون لنظام الأسد وعبر استفتاء (فيسبوكي) تبني علم الاستقلال عن الانتداب الفرنسي باعتبار العلم (ذو النجمتين) تعبيراً عن الحقبة الأسدية بما حملته من قتل وظلم وتشريد.
لكن مع ارتفاع الشعارات الإسلامية بعد عقود من الاضطهاد الديني, ثم دخول الجماعات الجهادية على خط العمل المسلح وسيطرتها على مساحات شاسعة من المناطق المحررة, تحول موضوع الراية من رمزية بسيطة ترمز إلى الانعتاق من كل موروث نظام الأسد إلى موضوع مصيري (هوياتي) عقائدي وأصبحت الراية المرفوعة تحدد العدو من الصديق ضمن صفوف (الإخوة) سابقاً.
موقع مرآة سوريا حاول استطلاع آراء ابن الشارع السوري البعيد عن الاستقطاب الفصائلي, حيث اعتمد الاستطلاع على مسارين، أولهما تخيير المواطن بين خيارات محددة عن الراية المفضلة لديه, ثم سؤاله عن رأيه في موضوع الراية, وضمن هذين المسارين برزت إجابات مفاجئة عند غالبية الشريحة المستهدفة عندما كان يتم ربط راية تحمل شعاراً معيناً بفصيل حيث اختلفت الاجابة عندما تم ربط الراية بالشعار فقط.
الشريحة المستهدفة شملت 4312 شخصاً يتحدرون من 8 محافظات مختلفة لكنهم يقيمون جميعاً الآن في محافظة إدلب, حيث تم تقديم عدة أسئلة لهم بخيارات مختلفة:
السؤال الأول: ما هي الراية التي تشعر أنها تمثلك؟
فكانت نسب الإجابة وفقاً للخيارات المطروحة:
1- راية سوداء مكتوب عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله) 14%
2- راية بيضاء مكتوب عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله) 58%
3- علم الاستقلال 26%
4- غير ذلك 2%
السؤال الثاني: (لنفس الشريحة): ماهي الراية الأقرب إليك؟
فكانت نسب الإجابة بالنسبة للخيارات المطروحة: 1
– راية جبهة النصرة (سوداء مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله) 8%
2- راية تنظيم الدولة (سوداء مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله) 6%
3- راية حركة أحرار الشام(بيضاء مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله) 12%
4- راية الاستقلال 73%
5- غير ذلك 1%
السؤال الثالث: (لنفس الشريحة)…ما هي الراية التي تراها الأنسب لمستقبل سوريا؟
فكانت نسب الإجابة وفقاً للخيارات المطروحة:
- راية سوداء مكتوب عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله) 4%
2- راية بيضاء مكتوب عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله) 7%
3- راية الاستقلال 2%
4- راية الاستقلال مكتوب عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله) 85%
5- غير ذلك 2%
يشار أن الاستطلاع تم بنسبة 23% وجهاً لوجه (مقابلة مباشرة), بينما تم التواصل مع البقية بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج (السكايب) وغيرها.
كما تم الاستطلاع بطريقة عرض الخيارات بصرياً أي لائحة تضم صور الرايات المقترحة.
وبعد استعراض تلك الخيارات كانت المفاجئة عندما خير المُستَطلَع آراؤهم بين الخيارين التاليين:
ما درجة أهمية شكل الراية بالنسبة إليك؟
فكانت الإجابات وفق الخيارين المطروحين كالتالي:
- مهم جداً 9%
- غير مهم 91%
يجدر بالذكر أنه تم تقريب معظم نتائج الاستطلاع العددية إلى الرقم الصحيح الإقرب إليها.
وبالانتقال إلى الإجابات الحرة فقد تطابقت مواقف الأغلبية الساحقة من المُستَطلَع آراؤهم مع نتيجة السؤال الأخير, مع ظهور إجابات طريفة من نسبة كبيرة منهم اخترنا لكم بعضها:
الشيخ محمد (34) عاماً من ريف محافظة إدلب, قرر أن كلمة التوحيد يجب أن تكون فوق أي راية لـ(بلاد الشام) مستقبلاً بغض النظر عن لونها وشكلها, ولكنه في الوقت نفسه أبدى استعداده لمبايعة أي فصيل يقيم (العدل) ويرد (عادية النظام) ويحرر البلاد من (الشيعة) ولو رفع خرقة صفراء بحسب تعبيره.
سليمان (28) عاماً وهو طبيب نازح من الجولان قال بأن بحث موضوع الراية في هذا الوقت هو (ترف فكري) و (مسخرة) في الوقت الذي نرى فيها رايات روسيا وايران والعالم تعلو في بلادنا دون أن نستطيع فعل شيء.
أم محمود (37) عاماً, نازحة من الرقة قالت بأنها سترفع أي (علم) يستطيع أن يخرجها من (الخيمة) ويعيدها لمنزلها في الرقة, لكنها في الوقت نفسه أكدت أن راية الاسلام هي من سترتفع في سوريا مهما طال الزمن.
أما (أيمن) وهو كهربائي نازح من حمص, فقد قال أنه كره كل الرايات بسبب كذب الجميع على حد وصفه, وقال أن أقرب الرايات إلى قلبه حالياً هو علم (نادي الكرامة الحمصي), مبدياً أمله في عودة قريبة إلى مدينته لمتابعة فريقه المفضل.