ما تزال تصريحات المسؤولين السعوديين والأتراك حول التدخل البري في سوريا تثير الجدل من جهة عدم استقرارها على موقف ثابت، فمن تأكيدات على حتمية ذلك التدخل من قبل العسكريين في البلدين، يخرج السياسيون ليبينوا أن التدخل لا يمكن أن يحصل إلا تحت مظلة التحالف الدولي.
وبغض النظر عن العوائق الدولية التي تحول دون حدوث ذلك التدخل، يسلط موقع مرآة سوريا الضوء على أهم العوائق السورية الداخلية والتي قد تكون السبب الرئيسي في عدم قدرة البلدين على الزج بقوات برية ولو كانت ضد تنظيم الدولة.
تعتمد إيران وروسيا في تدخلهما العسكري سواء الجوي أو البري في سوريا على توفر حاضنة رسمية وشعبية لذلك التدخل أمّنها نظام الأسد. فالشارع الموالي والذي يتكون بأغلبيته من الطائفة العلوية والأقليات الأخرى يرى في قوات تلك الدول المنقذ والمخلص من سيطرة المعارضة. أما على المستوى الرسمي فيقوم النظام بتأمين الدعم اللوجستي والقواعد الآمنة لإقامة وانطلاق تلك القوات.
أما على الجانب المقابل، فإن أي قوات برية سواء كانت من المملكة العربية السعودية أو تركيا، ستواجه وضعاً مضطرباً في حال تدخلها البري من حيث إمكانية استهدافها حتى من قبل الفصائل المحسوبة على المعارضة السورية أو الثوار، وفيما يلي ملخص لبعض الاحتمالات ومواقف الفصائل الكبرى في الشمال السوري تجاه أي قوات برية سعودية أو تركيا محتملة:
1- جبهة النصرة: تقوم عقيدة جبهة النصرة القتالية على اعتبار الأنظمة الحاكمة في السعودية وتركيا أنظمة (مرتدة) يجب قتالها. وفي حال تدخل قوات تلك الدول ضد تنظيم الدولة، فإن جبهة النصرة سوف تكون مضطرة لتنفيذ أعمال عدائية ضد تلك القوات، بحجة وجوب مناصرة المسلمين (تنظيم الدولة) على الكافرين (السعوديين والاتراك). وبحسب مصادر موقع مرآة سوريا في جبهة النصرة، فإن البنية الداخلية للجبهة ستكون معرضة للانهيار بقوة في حال عدم قتالها لأي قوات برية حيث سينشق عنها آلاف المقاتلين الذين سينضمون فوراً للقتال ضمن صفوف تنظيم الدولة، تمهيداً لما يعتقدون أنها معارك (الملحمة الكبرى) والتي ورد الحديث عنها في العديد من النصوص الإسلامية.
2- جند الأقصى: رغم عدم وجود ثقل عددي لهذا الفصيل المثير للجدل فإنه يمتلك تأثيراً قوياً في الساحة الجهادية, لما يتمتع به من دعم مالي كبير وشرعية سلفية استمدها من عدد كبير من رموز التيار أمثال أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني والشيخ السجين سليمان العلوان. وبسبب قرب هذا الفصيل فكرياً من تنظيم الدولة، فمن المتوقع أن يعلن بشكل علني بيعته للتنظيم فور حدوث أي تدخل بري سعودي أو تركي، الأمر الذي سيسبب اضطراباً كبيراً في المناطق المحررة، حيث سينشب صراع مسلح قوي في تلك المناطق بين جند الأقصى وبقية الفصائل التي تعلن عدائها لتنظيم الدولة. ومن جهة أخرى فإن فصيل جند الأقصى يتمتع بخيرة كبيرة في تنفيذ الاغتيالات وزرع العبوات الأمر الذي سيمكنه من استهداف أي قوات برية أجنبية وشل قدرتها على التحرك في المناطق المحررة.
3- حركة أحرار الشام الإسلامية: قد تكون حركة أحرار الشام الإسلامية أكبر الجهات المتضررة من حدوث أي تدخل بري سعودي-تركي رغم شعور قادتها بالحاجة الشديد لذلك التدخل، فمعظم مقاتلي الحركة، بالإضافة الصف الثاني والثالث من قياداتها ينتمون لتيار السلفية الجهادية الذي يتبنى نفس العقيدة القتالية لجبهة النصرة فيما يتعلق بتكفير تلك الأنظمة ووجوب استهدافها في حال تدخلها لقتال تنظيم الدولة.
4- الميليشيات الكردية: رغم إعلان معارضتها لنظام الأسد، فإن جميع المراقبين يجمعون أن الميليشيات الكردية تعمل بتنسيق تام وربما بأوامر من نظام الأسد. كما أن تلك الميليشيات تعلن بشكل واضح عداءها لتركيا، الأمر الذي سيجعل ثقلها العسكري والأمني موجهاً بشكل كامل ضد أي تدخل بري عسكري ولو كان ضد تنظيم الدولة.
5- أما بالنسبة لبقية فصائل المعارضة في الشمال، كجيش الإسلام وفيلق الشام وباقي جماعات الجيش الحر، فإنها لن تستطيع تقديم حلول تمكن القوات البرية السعودية-التركية من ممارسة مهامها في المناطق المحررة أو ضد تنظيم الدولة، وذلك لأنها لا تتمتع بثقل عسكري كبير بالمقارنة مع الفصائل السلفية الجهادية أو حتى في مواجهة الميليشيات الكردية.