اللاجئون السوريون في عرسال: العيد لن يمرّ من هنا !

لم يبق ساعات قليلة، تشرق شمس أول أيام عيد الفطر السعيد، بفرحه وبهجته وبملابس الأطفال الجديدة وضحكاتهم البريئة، وبالمأكولات والحلويات الشهية المعهودة بعد صيام شهر رمضان المبارك.. هذا هو المعتاد في كل بلاد المسلمين، وهذا هو المفترض فيه أن يكون في كل مكان..
ولكن معظم الشعب السوري مستثنى من هذه القاعدة، ولا سيما في بلاد اللجوء، فالعيد عند اللاجئين ليس له طعم الفرح، وإنما طعم المرارة والحسرة والأسى..
مراسل ” مرآة سوريا ” في عرسال رصد لنا أجواء العيد هناك، وهي أجواء لا توحي بوجود عيد سيقبل غداً، فالناس هناك لا تسمح لهم ظروفهم بشراء أي شيء، لا ملابس جديدة لأطفالهم، ولا تجهيزات لصنع المأكولات والحلويات التي اعتادوا على صنعها فيما مضى من الأعوام..
وأطفال اللاجئين لا يشعرون بقدوم العيد إلا من خلال رؤية الأطفال اللبنانيين، وهم يتحدثون عن قدوم يوم العيد والحلويات والهدايا التي سوف يحصلون عليها، وعيونهم ترقص من الفرح..
بعد أن قامت مفوضية الامم المتحدة بإنقاص القيمة الشرائية للبطاقة الغذائية الزرقاء، لم يبق للاجئين أي أمل في أن يسعدوا اطفالهم، ولو في أدنى درجات السعادة، لاسيما بعد أن أوقفت كثير من الجمعيات الخيرية أعمالها الإغاثية، بعكس السنة الماضية حين وزعت على نحو 1000 طفل ملابس جديدة لهم، علماً بأن هذا الرقم لا يتناسب مع عدد أطفال اللاجئين الكبير، والذين يُعدّون بالآلاف..
وحول هذه المعاناة قابل المراسل عدداً من العائلات، ومنهم أبو محمد الذي قال: أنا أب لسبعة أطفال، ولا يوجد عمل لي، وحين جاء شهر رمضان كنا نأمل الخير في هذا الشهر الكريم، ولكن بدلاً من ذلك فاجأونا بتخفيض قيمة البطاقة الغذائية إلى النصف، إضافة إلى غلاء الأسعار خلال شهر رمضان، ونحن نسكن في خيمة ولم نحصل إلا على كرتونة عادية تحتوي على بعض المواد الغذائية من سكر ورز وبرغل وسمنة ومعلبات، وهي لا تكفي لأسبوع واحد..
ويتابع أبو محمد قائلاً: ما باليد حيلة فأنا لا أستطيع شراء ملابس لأطفالي أو صنع أي نوع من أنواع الحلويات أو مأكولات العيد.. كل شيء ثمنه مرتفع، فلو أردت أن أشتري أرخص بنطال وكنزة وحذاء لأحد أطفالي، فيتوجب علي أن أدفع أكثر من 30000 ل.ل، وإذا أردت ان أشتري لأطفالي كلهم فهذا يعني أنني يجب أن أدفع أكثر من 200000 ل.ل.. ومن أين لي هذا المبلغ الكبير.!!.
أما أبو علي، وهو أب لأربعة أطفال، فوضعه كان أفضل من غيره قليلاً، حين قال: قامت إحدى الجمعيات بالتبرع له بإلباس طفلين ولكن المشكلة أنني غير قادر على إلباس الطفلين الآخرين..
وأم عدي هي أم لخمسة أطفال يتامى، وجاء رمضان وهي لا تملك ثمن ربطة الخبز لهم، وكان اعتمادها على البطاقة الزرقاء، وبعد تخفيض قيمة البطاقة، أصبحت تواجه مشكلة كبيرة في تأمين الطعام لأطفالها.. ونظرا لسوء أحوالها المادية بشكل كبير، قام أحد الأشخاص قبيل العيد بالتبرع بلباس لأطفالها جميعاً مع مبلغ صغير.. ولكن مثل هذه الحالات هي نادرة جداً
وأما أسواق مدينة عرسال فهي شبه خاوية ولا يوجد أي دليل على قدوم العيد بالنسبة للاجئين السوريين..