مرآة سوريا: في زحمة المجازر التي عاشتها سوريا خلال الأيام الماضية، استفاق أهل حمص اليوم على خبر مقتل أكثر من 60 مقاتلاً “حمصياً” ينتمون لفصيل جيش السنة الذي يقوده “أمجد البيطار” في معارك شمال حلب ،و أمجد البيطار هو أحد شيوخ مدينة حمص والذي كان من أهم قادات كتيبة الفاروق الشهيرة قبل تفككها، ويتنقل في الوقت الحالي بين تركيا وقطر حيث تقيم عائلته.
فصيل “جيش السنة” :
برز اسم فصيل جيش السنة عند تحرير مدينة إدلب العام الماضي، حيث اشتهر مقاتلو حمص المتمرسون بحروب المدن في اقتحام الشوارع وتمشيط الأحياء السكنية، كما ساهم الدعم المالي والتسليحي القوي الذي يحظى به تشكيل جيش السنة من دولة قطر بتعزيز دوره في غرفة عمليات جيش الفتح قبل حل هذا الجيش.
يتشكل جيش السنة من حوالي الألف مقاتل، يشكل مقاتلو حمص المحاصرة قسماً كبيراً منهم، حيث تحمل قائد الجيش أمجد البيطار نفقات مادية كبيرة لإخراج هؤلاء المقاتلين من ريف حمص الشمالي ، فوجد المئات من المقاتلين في هذا الجيش فرصة للهروب من الواقع الصعب في الريف الحمصي، بالإضافة للرواتب المجزية التي يتلقاها مقاتلو جيش السنة ( 150-200 ) دولار المبلغ الذي يشكل ثروة بالنسبة لمتوسط رواتب بقية الفصائل ( 20 دولار ) ، بالإضافة لتعويضات الطعام والمسكن التي يؤمنها فصيل جيش السنة لمقاتليه.
وقد تعرض فصيل جيش السنة لانشقاقات مستمرة لكتائب كاملة بعتادها، ومنها الانشقاق الشهير للقائد الميداني عمار البقاعي الملقب بـ”الكدر” حيث انسحب بمقاتليه وعتاده، بالاضافة لانضمام “كتائب الايمان” وهي كتائب مسلحة بعتاد ثقيل ودبابات إلى حركة أحرار الشام وتركها للجيش، إلا أن “جيش السنة” كان يعود ليقف من جديد بفضل الدعم السخي جداً والذي تقدمه دولة قطر .
دخول “جيش السنة” على خط قتال الميليشيات الكردية:
بعد سقوط مدينة تل رفعت “شمال حلب” بيد الميليشيات الكردية منتصف شباط الماضي، سمحت تركيا لبعض الفصائل بالدخول إلى مدينة أعزاز الحدودية عبر الأراضي التركية، وبحكم الثقة القوية بين قيادة فصيل جيش السنة وبين قطر الحليف الرئيسي لتركيا، كان مقاتلو ذلك الفصيل في طلائع قوات المعارضة السورية التي دخلت إلى أعزاز، إلى جانب مقاتلين من حركة أحرار الشام وفيلق الشام.
الأربعاء الحزين:
بلسان مقاتل حمصي شارك في معركة عين دقنة التي تبعد عن بلدة “منغ” 2 كم شرقاً، يقول هذا المقاتل بأن المعركة أعلن عنها منذ الـ48 ساعة الماضية، واصفاً شعوره قبل المعركة بإحساسه بشيء مريب “في إن ّ” حسب تعبيره الحرفي، وذلك لعدم وجود الزخم ومحاولة بث المعنويات في المقاتلين كما كان يحصل معهم عادة على حد تعبيره.
يتابع المقاتل وصفه للمعركة: “أول ما بدأت الاشتباكات صار الهاون علينا مثل المطر وين ما نروح يلاحقنا وقتل شباب كتير بالهاون”
كما أكد المقاتل تفجير مقاتلي الميليشيات لعرباتهم ومعرفتهم بمكانهم قائلاً “ الأكراد فجروا بي إم بي فيا شباب انغماسية وفجروا مفخخة قبل ماتوصل والسلاح التقيل يرش علينا مطر كأنه عرفانين وين نحنا”
وختم هذا المقاتل شهادته حول جثث القتلى التي عرضتها الميليشيات الكردية قائلاً :”انسحبنا مدري شلون وكثير جثث ضلت ورانا ماقدرنا ناخذها “
أما أحد قادة كتائب جيش السنة والذي رفض الكشف عن اسمه فأكد أن مقاتليه قد تعرضوا لـ”خيانة” من جهة وسوء تنسيق من جهة أخرى ، حيث أكد هذا القيادي أن تسلل المقاتلين باتجاه عين دقنة بدأ في الساعة الخامسة فجراً، في الوقت الذي كانت قوات من الجبهة الشامية تسيطر فيه على تلة مشرفة ، وبدأ المقتحمون “جيش سنة وفيلق الشام” بالاشتباك مع الميليشيات الكردية وكانت الأمور “جيدة” بحسب تعبيره حتى ظهر الأربعاء، حيث بدأت نيران المقاتلين الكرد تستهدفهم في أماكنهم وكأنها تعرفها مسبقاً.
وتابع القيادي وصفه لما حدث في المعركة قائلاً: “تبين لنا أن مقاتلي الشامية قد انسحبوا من التلة دون أن يخبروا المقتحمين، الأمر الذي أدى إلى سيطرة الميليشيات الكردية عليها واستهداف شبابنا منها”
وحول سبب هذا العدد الكبير من القتلى قال القيادي الحمصي: “انفجرت عربة متنقلة كان المقاتلون قد استخدموها لتخزين قذائف جهنم مما سبب مقتل العديد من المقاتلين، والأكراد استخدموا صواريخ التاو الأمريكية لتفجير عربة الانغماسيين وسيارة مفخخة”
“انحصر شبابنا في عين دقنة، ونكل بهم الأكراد، ولم تصل أي مؤازرات رغم أنهم كانوا يطلبونها من كل الفصائل، اذا ماكانت هذه خيانة فما هي الخيانة؟ كانوا عرفانين محلات الشباب ومن وين فايتين” بهذه العبارات ختم القيادي في التشكيل المنكوب شهادته
غضب ومطالبات بالثأر والمحاسبة:
وفور انتشار صور جثث المقاتلين على وسائل التواصل الاجتماعي وإعلاميو الـYPG يلتقطون “السيلفي” أمامهم، عمت حالة من الغليان في أوساط نشطاء حمص ، مع مطالبات بالثأر من تلك الميليشيات، وارتفاع أصوات تطالب بإخراج مقاتلي حمص من كونهم مطية لتحقيق متطلبات الدول الداعمة، فيما مدينتهم ماتزال تعاني من احتلال نظام الأسد.