هل يعود بشار الأسد إلى الحضن الإيراني الدافئ بعد أن لبس “ثوب العيرة” الروسي؟

يبدو أنّه بات من الواضح لبشار الأسد رأس السلطة في سوريا أنّه لا يمكن الاعتماد على الحليف الروسي لضمان بقائه على الكرسي، و أنّ عليه أن يعيد حساباته بشكل أكبر حول تنظيم علاقته مع الروس و الإيرانيين.

البرقية التي أرسلها الأسد إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام، تكشف ضعف التواصل بين الحليفين، و اختلاف وجهات النظر من هدف التدخل الروسي العسكري في سوريا.

حيث صرّح المسؤولون الروس في أكثر من مناسبة أنّ تدخلهم العسكري في سوريا جاء لمنع انهيار مؤسسات الدولة، وأنّ “بشار الأسد” ليس حليفًا لروسيا، و إنّ من الممكن مناقشة مسألة رحيله بعد “تنظيم الوضع” في سوريا و منع وصول الحركات الجهادية إلى السلطة في البلد الذي يشهد ثورة شعبية منذ 15 آذار/مارس 2011.

الأسد و في رسالة مضمنة ببرقية التهنئة التي أرسلها لبوتين قبل أيام أوضح للأخير أنّه لن يقبل بأقل من “الانتصار النهائي” على أعدائه في سوريا، بعد الحديث الروسي-الأمريكي عن اتفاقات التهدئة بمناطق الصراع في سوريا، و النظر إلى اتفاق يوقف إطلاق النار بشكل دائم.

و شكر الأسد في برقيته موسكو على الدعم العسكري، و تغنى بما أسماه “مواقف روسيا النبيلة و مساعدتها المشكورة للشعب السوري للوقوف في وجه الإرهاب”.

و قال:”مدينة حلب اليوم، كما جميع المدن السورية، تعانق ستالينغراد البطلة وتعاهدها أنها رغم شراسة الأعداء وقساوة العدوان ورغم حجم التضحيات والآلام، فإن مدن وقرى سوريا وشعبها وجيشها الأبي لن يقبلوا بأقل من دحر هذا العدوان وتحقيق الانتصار النهائي عليه لما فيه خير سوريا والمنطقة والعالم”.

و لعل تصريحات وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” الأخيرة، حول استعداد بلاده للحديث عن مصير بشار الأسد في مستقبل سوريا، والذي نفى فيها أيضًا أن يكون الأخير حليفًا لموسكو، جعلت الأسد الذي يقاتل شعبه في سبيل بقائه على كرسي السلطة، إلى إعادة حساباته فيما يتعلق بالتقرب من حليفين أنقذاه طوال السنين الخمس الماضية من مغبة فقدان الكرسي.

و تأتي حسابات بشار الأسد الجديدة تزامنًا مع فقدان قواته لعدد من البلدات و النقاط الهامة في ريف حلب الجنوبي، الذي حقق فيه تقدمًا كبيرًا في الشهرين الماضيين بفضل الدعم الروسي البري و الجوي غير المحدود.

و يرى الأسد أنّ روسيا لا يمكن الاعتماد عليها بشكل مطلق كحليف دائم يوفّر المصالح، و أنّه لا بدّ من إعادة ترتيب الأوراق و الاستدارة مجددًا نحو إيران، التي ما فتئت تؤكد على علاقتها الوثيقة بالأسد و دعمها المطلق و المتنامي و غير المحدود لقواته على الأرض.

و يعول الأسد على أهداف حليفتيه؛ إيران التي تملك مشروعًا دينيًا و سياسيًا خارج حدودها، و روسيا التي تسعى إلى أهداف و مصالح خاصة ربما تكون مؤقتة، و بات من الواضح له أنّ إيران هي الضامن الأكبر لبقائه على الكرسي، خصوصًا بعد عدائها الأخير مع السعودية و سعيها لإثبات قوتها و إظهار ضعف خصومها بلعبة تكسير عظام سياسية و ميدانية.

وبحسب مطلعين، فإنّ زيارة “علي أكبر ولايتي”، المستشار الأعلى للمرشد الإيراني علي خامنئي الحالية إلى دمشق، تأتي تثبيت رؤى مرحلية بين دمشق و طهران لمعالجة التخوف المشترك من الموقف الروسي، خصوصًا بعد تصريحات موسكو الأخيرة وقبولها بالهدن.

و كان كبير مستشاري الخامنئي، الجنرال يحيى رحيم صفوي قد أكد مؤخرًا على أنّ المرحلة المقبلة ستكون موجهة نحو تعزيز دعم حلفاء طهران في المنطقة، بما يشمل سوريا و لبنان و اليمن و العراق.

وتحرص إيران على بقاء الأسد في السلطة لتضمن نفوذَا قويًا يوفره نظامه في سوريا، تثبّت من خلاله يدها الطولى في المنطقة، وتحافظ على صلة وصل بين حليفها “حزب الله” في لبنان، و حلفائها و قواتها في العراق.

و لعلّ تفكير الأسد الحالي يصب في استغلال روسيا قدر الإمكان لدعم وجوده و نفوذه سياسيًا و عسكريًا، مع الاعتماد شبه المطلق على إيران،الحليف الذي يقدم دعمًا غير محدود للنظام الذي يضمن لها تنفيذ خططها قصيرة و طويلة المدى في المنطقة.

أضف تعليق