التدريب الدائري ينمي قوة التحمل

من أهم أساليب بناء قوة عضلية متماسكة، وزيادة التحمل، وبناء لياقة بدنية عالية، هي الاعتماد على وسيلة التدريب الدائري الذي يقوم بتطوير قوة الجسم وزيادة تحمله، مع الحرص على أن يكون لكل تمرين فترات من الإعادة وفواصل من الراحة الخاصة به.

وتفاديا لوقوع الإصابات وحرصا على نتائج إيجابية أكثر، يفضل أن تسبق التدريبات الدائرية تمارين الإحماء، وتليها تمارين التهدئة بعد إجراء التدريبات. ويمكن أداء تلك التمارين للعضلات العليا كالضغط والعقلة، وتمرين الكرة الطبية مع الضغط بواسطة الصدر، أما تمارين المنطقة فتشمل تمارين المعدة، والظهر، وتمرينات الكرة الطبية لمنطقة الوسط.

وبالنسبة إلى المنطقة العضلية السفلى، يمكن أداء تمارين سكوات مع القفز والتدريب العسكري ورفع الركبة بالمكان وتمارين ضرب القدمين بالمقعدة بالتبادل، مع تمارين القفز الثابت.

يذكر أن شيوع مصطلح التدريب الدائري بدأ في نهاية الخمسينات من القرن العشرين كنظام للتدريب يستهدف رفع مستوى اللياقة البدنية لتلاميذ المدارس. واكتسب التدريب الدائري بعد ذلك موقعا متميزا في مجال التدريب الرياضي بشكل عام. وأصبح أحد الأعمدة الأساسية لعلم التدريب الرياضي، فنجح الخبراء والعلماء في تصميم دوائر تدريبية عامة لتنمية اللياقة البدنية وخاصة لتنمية عناصر بذاتها (القوة والسرعة والتحمل والمرونة)، وكذلك دوائر عامة للأنشطة الرياضية (كرة القدم وكرة السلة والسباحة وألعاب القوى)، ودوائر خاصة لتنمية قدرات بدنية خاصة بأنشطة رياضية معينة (الملاكمة والكاراتيه والجودو).

مفهوم التدريب الدائري

يذكر بعض الخبراء أن التدريب الدائري أساسه الفردية باستخدام مبدأ زيادة الحمل مع تطبيق المبادئ الفسيولوجية المتعارف عليها، والتي تؤدي إلى ارتفاع حمل التدريب لكل فرد حسب قدراته ومستوى تحسينه مما يسمح لعدد كبير من المؤدين بالممارسة في وقت واحدٍ تبعاً لجرعة التدريب. وبذلك فإن مفهوم التدريب الدائري يقوم أساساً على أنه طريقة تنظيمية يستخدم أسس إحدى طرق التدريب المختلفة، ثم يتم اختيار نوع التدريب الذي يؤدي إلى تطوير واحد أو أكثر من الصفات البدنية الأساسية وزيادة القدرة على مقاومة التعب والتكيف للمجهود البدني المبذول. ويؤكد الباحثون أنه يجب عند اختيار وترتيب تمرينات الدائرة أن يكون لها تأثير إيجابي على القوة العامة والتحمل العضلي والتحمل الخاص والقدرة.

ولا يعتبر التدريب الدائري طريقة من الطرق الرئيسية للتدريب، بل يعد نظاما يعتمد على طرق التدريب الرئيسية، وبذلك فهي تخضع بالتالي إلى مكونات التدريب المعمول بها من حيث الشدة والحجم وفترات الراحة البدنية سواء بين كل تمرين وآخر أو دائرة وأخرى.

ويعرّف الأخصائيون التدريب الدائري بأنه تدريب على حركات تتصف في الغالب بعدم التعقيد ويتم إجراؤها في محطات تدريبية متتالية بهدف تطوير وتنمية الكثير من الخصائص الأساسية بقدر المستطاع عن طريق جرعات من التحميل العالي والمتصف بالتغير الدائم لدرجات التحميل التي تقع على أجزاء الجسم المختلفة.

وغالبا ما يكون الهدف الرئيسي للتدريب الدائري تنمية القدرات البدنية الأساسية مثل القوة والتحمل والسرعة والمرونة أو القدرات البدنية المركبة مثل تحمل القوة وتحمل السرعة والقوة المميزة بالسرعة والرشاقة ويشير باحثون إلى أن واقع الأداء الحركي لا توجد فيه هذه الصفات الحركية بصورة مستقلة تماما، إذ إنها متداخلة في غالب الأحوال.

ويعتبر التدريب الدائري طريقة تنظيمية لتحقيق الحالة التدريبية للاعب في النشاط الرياضي التخصصي. ويعتبر مصطلح “الحالة التدريبية” أحد المصطلحات الشاملة التي تتضمن عددا من المفاهيم المعبرة عن الكفاءة البدنية لنوع النشاط الذي يمارسه الفرد وذلك بشكل شامل.

وتهدف متغيرات التدريب الدائري إلى تحقيق الحالة التدريبية عن طريق إحداث حمل مستمر على المجموعات العضلية العاملة.

زيادة دافعية الممارسة

العمل الدائري يتميز بالتنوع لذلك فهو شيق ويثير الحماس للممارسة، كما أن التقويم الذاتي واستخدام بطاقات مراقبة وتقويم المستوى تؤدي كلها إلى زيادة الدافعية لدى الممارسين ويسمح بالمقارنة الذاتية (الفرد مع نفسه) أو المقارنة مع الآخرين بشكل موضوعي ومشوق.

وفي نفس الوقت فإن استخدام التمرينات الزوجية مع الزميل في التدريب الدائري، والتي تعتبر أحد أساليب تغيير الحمل وتبادل الأداء بين العمل الثابت والعمل الحركي، تعتبر ذات أثر جيد من حيث إضفاء السعادة والمرح والسرور على الممارسين مما ينعكس على زيادة دافعية الممارسة لديهم. والتدريب الدائري أقرب ما يكون إلى التمرينات القياسية أو الاختبارات الموضوعية، فتقنين العمل في ضوء توقيتات الأداء في المحطات وفترات الراحة البينية أو تكرارات الأداء على مستوى المحطة أو الدورة أو الدائرة بكاملها يعتبر عملا مقياسيا لغرض التقويم الدقيق الجزئي والشامل.

أسس التدريب الدائري

هناك بعض الأسس الهامة للتدريب الدائري في رياضة الكاراتيه، مثلا، التي يتطلب الأمر التركيز عليها من أجل التحسن في الصفات البدنية للاعبين وذلك بمعالجة الشدة والتكرار والاستمرار في تكملة الجرعة التدريبية. ويرى الخبراء أن هذه الأسس تنقسم إلى:

◄مبدأ زيادة الحمل: وهو من الأسس المهمة عند تنمية وتطوير الصفات البدنية وقد يختلف أسلوب تطبيق هذا المبدأ تبعاً لكيفية تنظيم طريقة الحمل المستخدم، والذي يتم بواسطة:

* إنقاص زمن الأداء مع تثبيت حجمه وشدته.

* زيادة حجم أو شدة الحمل أو الاثنين معاً.

* تقصير فترة الراحة بين تمرينات المحطات.

◄مبدأ تحديد جرعة التدريب: تتحدد جرعة التدريب بناء على نتيجة الاختبار الأقصر الذي يتم في فترات من (4-6) أسابيع لتمرينات محطات الدائرة، على أن يتم أول اختبار أقصر قبل البدء في تطبيق نظام التدريب الدائري وتسجيل نتائج هذه الاختبارات في بطاقات التسجيل، ثم تستخلص منها جرعة التدريب.

◄تشكيل وحدات التدريب الدائري: يراعى عند تصميم وحدات التدريب الدائري تغيير الحمل عبر المحطات بما يتماشى مع المجموعات العضلية الأساسية. فمثلا يمكن أن تشكل الوحدة كما يلى:

* التمرين الأول – المحطة الأولى – تمرين للرجلين.

* التمرين الثاني – المحطة الثانية – تمرين للذراعين والمنكبين.

* التمرين الثالث – المحطة الثالثة – تمرين للبطن.

* التمرين الرابع – المحطة الرابعة – تمرين للظهر.

وفي هذه الحالة يركز الأداء في كل محطة على مجموعات عضلية معينة تختلف عن المجموعات العضلية في المحطات الأخرى. وهذا يعني أنه في جميع المحطات تكون هناك مجموعة عضلية واحدة في حالة عمل في حين أن المجموعات العضلية الأخرى في حالة راحة.

◄نموذج كمثال:

* المحطة الأولى – التمرين الأول – لعضلات الرجلين.

* المحطة الثانية – التمرين الثاني – لعضلات البطن.

* المحطة الثالثة – التمرين الثالث – لعضلات الرجلين

* المحطة الرابعة – التمرين الرابع – لعضلات الذراعين والمنكبين.

* المحطة الخامسة – التمرين الخامس – لعضلات الرجلين.

ويلاحظ في هذا النموذج أنه يوجد دائما فاصل “تمرين للبطن أو الذراعين أو المنكبين” بين تمرينات القوة الثلاثة الخاصة بعضلات الرجلين حيث أن الجرعة الخاصة بالرجلين المراد إحداثها على الممارسين تسمح ( وفقا للهدف الموضوع ) بإعطاء راحة بينية بين تمرينات القوة للرجلين أي باستخدام طريقة التدريب منخفض الشدة، حيث تعتبر فترات أداء تمرينات البطن والذراعين والمنكبين في هذا النموذج وقت راحة لعضلات الرجلين.

ترقيم وحدات التدريب الدائري: يجب ترقيم محطات التدريب الدائري بواسطة كروت أو لافتات أو لوحات يكتب عليها أرقام وتمرينات الدائرة (1 -2 – 3) كما يمكن أن تتضمن كل لوحة مواصفات أداء التمرين الخاص بها، كما يمكن أيضا أن توضع رسومات توضح التسلسل الحركي للتمرين. وفي بعض الحالات يمكن أن يكتب على هذه اللوحات حجم أداء التمرين وفي جميع الأحوال يفضل أن يقوم الفرد الممارس بإعداد هذه الأشياء.

وتمكن كتابة أرقام المحطات على الأرض حيث يجب تحديد اتجاه الحركة إلى التمرين التالي للتمرين الممارس وهكذا حتى نهاية الدائرة.

اكتشف علماء بمركز إرفين بجامعة كاليفورنيا، أن ممارسة التمارين المكثّفة والمتوسطة لفترة قصيرة يمكن أن تقوّي الذاكرة عند الأشخاص، سواء من يتمتعون بالصحة أو من يعانون من تراجع معرفي متوسط.

وركزت معظم الدراسات السابقة على فوائد ممارسة التمارين الرياضية طويلة الأجل على إجمالي الحالة الصحية للشخص والوظائف المعرفية مع تقدم العمر، بينما ركزت هذه الدراسة على التأثير الفوري للممارسة المكثفة للتمارين لفترة قصيرة على الذاكرة.

وقام الباحثون بإجراء تجربة على مجموعة من الأشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين 50 و85 عاماً ممن يعانون بعض المشاكل في الذاكرة، ومن يتمتعون بصحة جيدة وقد قدموا لهم صوراً مبهجة للطبيعة والحيوانات، ثم طلبوا من بعضهم ممارسة التمارين على دراجة رياضية لست دقائق.

وبعد ساعة أعطي للمشاركين اختبار مفاجئ لاستعادة الصور التي تم عرضها عليهم في السابق، وأوضحت النتائج زيادة مفاجئة في قدرات التذكر بعد ممارسة التمارين، سواء عند الأشخاص الأصحاء أو عند من يعانون من تراجع معرفي متوسط مقارنة بالأشخاص الذين لم يمارسوا هذا التمرين.

وقالت سابرينا سيغال، المشاركة في الدراسة “اكتشفنا أن ممارسة تمرين واحد قصير ومكثف يمكن أن يحسّن ذاكرة الأشخاص الذين يعانون من تراجع فيها. وبسبب ما تتضمنه هذه الدراسة من أهمية وللحاجة للوصول إلى فهم أفضل للتقنية التي تمّت بها التمارين البدنية على تحسن الذاكرة تبعناها بدراسة تحليلية للعوامل البيولوجية المؤثرة في تحسن الذاكرة نتيجة ممارسة التمارين البدنية”.

وتعتقد الباحثة أن تحسّن الذاكرة يرتبط بعمل ممارسة التمارين على حث المخ على إفراز مادة نورينيفرين الكيمائية التي تلعب دوراً قوياً في تقوية الذاكرة. وتعتمد تلك الفرضية على دراسة سابقة أثبتت أن زيادة نسبة هذه المادة بالمخ تحسّن من حدة الذاكرة، في حين أن حجبها يحدث عطباً فيها.

وفي هذه الدراسة، اكتشف الباحثون أن مستويات محلل النشا باللعاب والذي يمثل علامة حيوية على نشاط هذه المادة بالمخ تزداد بشكل كبير بين المشاركين في الرياضة. وهذه العلاقة قوية بشكل كبير خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من عطب بالذاكرة.

وتمثل هذه الدراسة أهمية بالغة مع تزايد أعداد كبار السن وحاجتهم لوسائل تحسّن من مستوى الذاكرة غير الوسائل العلاجية التقليدية بآثارها الجانبية الضارة أحياناً.

 

أضف تعليق