حمية رمضان بين النقص الشديد للطعام والنهم عند الإفطار

من المفارقات اللافتة في شهر رمضان الذي تمثل فيه ثقافة الصيام ترويضا لشهوة الطعام، أنه في الوقت الذي يقلل فيه البعض من وجباتهم تزداد أوزانهم بدرجات مقلقة، بينما يصاب آخرون بسوء التغذية جرّاء رغباتهم في إنقاص أوزانهم، دون أن يتوصل أيّ من الفريقين إلى الوصفة الصحيحة لخروج آمن من شهر الصيام.

لهذا يهتم القائمون على برامج الحمية الغذائية بوضع أنظمة خاصة لشهر رمضان، تساعد الصائمين على فقدان الوزن مع تجنب الإصابة بأضرار صحية نتيجة النقص في عناصر غذائية معينة من قوائم طعامهم.

قالت فاطمة طه، خبيرة التغذية المسؤولة عن مجموعة متخصصة في الحمية على تطبيق تليغرام “إن شهر رمضان يمثل تحديا كبيرا أمام الراغبات في النحافة والجسد الرشيق، حيث يلجأن بعد صيام 16 ساعة، إلى التهام الأطعمة المشبعة بالدهون والسكريات التي تزيد في الوزن”. وأضافت لـ“العرب” أن “هناك عضوات في المجموعة يتبعن حمية غذائية قبل شهر رمضان، وقد فقدن وزنا كبيرا على مدار شهور طويلة، فكان من الضروري استكمال الحمية في هذا الشهر حتى لا يعدن إلى أوزانهن السابقة”.

ولفتت طه إلى أن البعض إذا لم يحرص على التحكم في كميات الطعام ونوعه وطريقة طهيه، يكتسب وزنا يتعدّى ما خسره بمراحل عقب الانتهاء من شهر رمضان، وخاصة في عيد الفطر وما يرافق الاحتفال به من كعك وبسكوت وغيرهما من الحلويات. وأوضحت أن برنامجها الغذائي سهل وبسيط ويمكن اتباعه بسهولة؛ حيث يتلخص في تناول البروتين والخضروات والفاكهة والسلاطة الخضراء طوال يومين دون نشويات، على أن يكون اليوم الثالث يوما مفتوحا دون أي التزامات غذائية. كذلك تكون وجبة السحور متأخرة وتعتمد على الخضار والزبادي والجبن الخالي من الملح، وبيضتين مسلوقتين.

وأكدت خبيرة التغذية على أهمية اتباع السنة النبوية في كسر الصيام بتناول حبات من التمر، والإكثار من شرب الماء الطبيعي، وتجنب العصائر الصناعية، أو حتى الطازجة التي تحتوي على سكريات عالية. ومن الأفضل تناول كوب من مشروب العرقسوس أو الكركديه لمساعدة الجسم على تفادي فقر الدم وتجديد خلاياه، وأيضا تناول صحن من السلطة الملونة والمبهجة، وصحن آخر من الحساء المطبوخ دون دهون أو زيوت، إذ أن تناولهما يشبع الراغب في الحمية ولا يحتوي على سعرات حرارية عالية.

وأفاد خبراء التغذية بأن التمر يعدّ مصدرا مهما للسكر والألياف التي تقي من الإمساك، كما أن تناوله ثم شرب الماء، يعطيان إحساسا بالشبع فلا يحتاج الصائم إلى تناول أطعمة كثيرة. كما نصحت الدراسات الطبية بأهمية احتواء الوجبات على 65 بالمئة من الكربوهيدرات، وحوالي 15 بالمئة من البروتين، و20 بالمئة من الدهون المفيدة للجسم.

وأوضح مجدي نزيه، أستاذ ورئيس وحدة التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية لـ”العرب”، أنه لا يحبذ اتباع حمية غذائية خلال شهر رمضان، لأن بقاء الصائمين أغلب ساعات الليل مستيقظين يفقد الحمية شرطا أساسيا لنجاحها، وهو النوم مبكرا. وتابع نزيه مبينا “إن الحمية وحرمان الجسم من عناصر معينة عقب ساعات طويلة من الصيام، وكذلك اختلال نسب الكورتيزون التي يفرزها الجسم ليلا أثناء النوم، كل هذه الأمور تعرض صحة الصائم للخطر”.

وأكد خبير التغذية على أهمية اتباع نمط صحي حتى يتجنب الصائم زيادة في وزنه بشكل مبالغ فيه، وكذلك تجنب النحافة لدرجة قد تضر الجسم. وأبرز مجدي نزيه ملامح هذا النمط الصحي بتقسيم الوجبات إلى 4 وجبات وليس 2، مع أهمية أن تحتوي على الدهون والبروتينات والكربوهيدرات (نشويات وسكريات)، وفيتامينات ومعادن وألياف نباتية لتساعد على الهضم بنسب محدودة.

وحدد نزيه جدولا زمنيا لتلك الوجبات، حيث يبدأ الصائم بفطور تمهيدي يتكون من الحساء الدافئ وكوب عصير متوسط وقت أذان المغرب، ثم فطور رئيسي عقب صلاة المغرب بساعة يحتوي على البروتينات والنشويات وطبق السلاطة الخضراء. بعد ذلك يتناول وجبة بينية تتوسط الفطور الرئيسي والسحور، وهي عبارة عن ثمرة فاكهة متوسطة أو حلوى شرقية دون إفراط وبالتناوب يوما بعد يوم، ثم يختم بوجبة السحور قبل الإمساك وتتكون من الزبادي والخيار والخس. كما نصح نزيه بأهمية الابتعاد عن المأكولات المركبة التي تضم أكثر من عنصر غذائي مثل المعجنات، كالبيتزا والمعكرونة والباذنجان المطبوخ بصلصة الطماطم. كما أوصى خبير التغذية بأهمية ممارسة رياضة المشي لمدة ساعة يوميا عقب تناول وجبة الإفطار الرئيسية، لأنها تجعل الجسم يفقد سعرات حرارية كثيرة.

وتوصلت أبحاث كثيرة إلى أن للصيام فوائد صحية تتجاوز مسألة تخفيف الوزن. وبيّن فريق يضمّ باحثين أميركيين وإيطاليين أن الصيام يساعد في علاج البعض من الأمراض؛ مثل الأمراض المتعلقة بالأوعية الدموية والتي تصيب المخ كالزهايمر والشلل الرعاش. وأثبتت البحوث أن الصيام لمدة يومين يخفض من السعرات الحرارية، وهو ما يزيد من كمية الخلايا العصبية التي تنشط الأعصاب. وكشفت الدراسة أن الصيام لمدة طويلة تصل إلى عشرة أيام متتابعة مع اتباع نظام غذائي مبني على الخضروات يساعد مريض التهاب المفاصل على التخفيف من الآلام الناتجة عنها، كذلك الحال بالنسبة للأمراض الخاصة بالقلب، وأن فوائد الصيام تظهر أيضا على مرضى ارتفاع ضغط الدم، في حال الصيام لمدة 12 يوما. وأشارت الدراسة إلى أن صيام يوم كل شهر يخفض من خطورة المعاناة من مرض السكر بنسبة 40 بالمئة؛ حيث أن الجسم يفرز الكوليسترول الذي يستخدم الدهون كمصدر للطاقة بدلا من الغلوكوز؛ مما يجعل الخلايا الدهنية في الجسم تنخفض.

 

المصدر: حمية #رمضان بين النقص الشديد للطعام والنهم عند الإفطار

 

أضف تعليق