التدخين يغير النشاط الجيني لسنوات

أوضحت دراسة جديدة أن التدخين يترك بصماته على الشفرة الوراثية عن طريق تغيير الشفرة الكيميائية لجزيء الحمض النووي، وهو ما قد يؤدي أحيانا إلى تغيير في النشاط الجيني.

ووجد الباحثون أن البعض من هذه التغيرات في الجزيئات تعود إلى حالتها الأصلية عند الإقلاع عن التدخين، لكن بعضها يستمر في الأجل الطويل.

وقالت الدكتورة ستيفاني جيه. لندن، التي قادت فريق الدراسة وهي رئيسة قسم علم الأوبئة في المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية في نورث كارولاينا، إن الخبراء يعرفون منذ فترة أن التدخين يسبب تغييرات في جزيء الحمض النووي، لكنهم يكتشفون الآن المزيد عن نطاق هذه التغيرات وما قد تعنيه. وأضافت “لا نعرف حقا ما إذا كانت تعني حدوث تلف في الحمض النووي”. وتابعت “الأمر يحتاج إلى المزيد من الدراسات واستخدام بيانات غير تلك المتوفرة لدينا”.

وجمع الباحثون بيانات من 16 مجموعة خضعت للبحث في دراسة سابقة عن التقدم في السن، وزاد عدد المشاركين في الدراسة عن 15 ألف شخص قدموا عيّنات من الدم تم تحليلها لمعرفة ما إذا كان قد طرأ على الحمض النووي تغيّر يعرف باسم “مثيلة الحمض النووي”. ويضم جزيء الحمض النووي إرشادات النمو والتطور في شكل جينات. ويمكن أن تحدد هذه الإرشادات ما يسمّى بمجموعات الميثيل على سطح الجزيء، وهي ذرات من الهيدروجين والكربون، أي الجينات التي يمكن تنشيطها.

وعقد الباحثون مقارنة بين 2433 مدخنا، قالوا إنهم دخنوا مرة واحدة على الأقل يوميا خلال العام الماضي و6518 مدخنا أقلعوا عن التدخين قبل عام واحد على الأقل من سحب عينة الدم و6596 لم يدخنوا إطلاقا.

ووجد الباحثون أن المدخنين لديهم 2623 موقعا مختلفا في جيناتهم تنتشر فيها ذرات الهيدروجين والكربون (مجموعات الميثيل) مقارنة مع غير المدخنين.

وقال روبي جوهانز، الذي قاد فريق الدراسة ويعمل بكلية هارفارد للطب في بوسطن، إن هذا يعني احتمال تعرض 7000 جين لأضرار تتصل بأنواع مختلفة من السرطان وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الآثار الصحية الناتجة عن التدخين.

وأضاف أن هناك حاجة للمزيد من الدراسات مستقبلا لاستيضاح العلاقة بين تغييرات الحمض النووي والإصابة بالأمراض.

وكانت دراسة أميركية أخرى قد حذرت من أن التدخين يؤثر على الحمض النووي البشري وقد تمتد آثاره إلى الجينات البشرية لمدة تصل إلى 30 عاما بعد الإقلاع عنه.

وأوضح الباحثون بالمعهد الوطني الأميركي لعلوم الصحة البيئية، أن الحمض النووي يمكن أن يكشف عن تاريخ التدخين، وأن يساعد في تطوير علاجات جديدة لمواجهة الأمراض المرتبطة بالتبغ.

وحلّل الباحثون الذين نشروا نتائج دراستهم في دورية رابطة القلب الأميركية، عيّنات دم من نحو 16 ألف شخص في دراسة بدأت عام 1971، للكشف عن آثار التدخين في الحمض النووي. وقال الباحثون إن دراستهم تفتح المجال للكشف عن الجينات التي تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والبعض من أنواع السرطان وتطوير علاجات تواجهها.

وأضافوا أن “الخبر السار في نتائج هذه الدراسة أنه بمجرد التوقف عن التدخين، فإن الغالبية العظمى من إشارات الحمض النووي تعود إلى المستويات التي كانت عليها بعد 5 سنوات، وهو ما يعني أن الجسم البشري لديه القدرة على التخلص من الآثار الضارة لتدخين التبغ مع مرور الوقت، إذا ما أقلع الشخص عن التدخين بصفة نهائية”.

ولا تختلف أضرار السجائر الإلكترونية عن السجائر العادية على الخلايا والحمض النووي والصحة العامة لأنها لا تزال تحتوي على المكونات الخطرة ذاتها، حيث رصدت إحدى الدراسات وجود آثار سموم توصف كيميائيا بـ”الجذور الحرة” مشابهة لتلك السموم الموجودة في تدخين السجائر العادية.

وعلى الرغم من الاعتقاد الشائع عموما بشأن انخفاض الضرر مقارنة بتدخين السجائر العادية التي تحتوي على تبغ، إلا أن السجائر الإلكترونية مازالت تحتوي على مادة النيكوتين. وتشير الدراسة، التي بحثت أضرار دخان السجائر الإلكترونية على الفئران، إلى أن هذه السجائر تدمّر الرئة على ما يبدو.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن التبغ يقتل ما يقرب من 6 ملايين شخص بإقليم شرق المتوسط سنويا، بينهم أكثر من 5 ملايين هم من المتعاطين السابقين والحاليين للتبغ، وحوالي 600 ألف شخص من غير المدخنين المعرضين للتدخين السلبي، لأنه يعد أحد الأسباب الرئيسية للعديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والأوعية الدموية.

أضف تعليق