أسهم انخفاض نسبة الأمطار وتزايد الجفاف في تداعيات اقتصادية واجتماعية وبيئية سلبية على معظم دول العالم، ما جعلها مهيأة للدخول في دائرة الإفلاس المائي بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
وفي مسعى لمكافحة الظاهرة، أعلنت الصين والولايات المتحدة، أكثر بلدين ملوثين في العالم، عن مصادقتهما على اتفاقية باريس للمناخ خلال لقاء الرئيسين شي جين بينغ وباراك أوباما السبت، على هامش قمة مجموعة العشرين في هانغتشو الصينية مؤخرا.
واتجه البلدان ودول أخرى منذ فترة نحو التحكم في الطقس باستخدام تكنولوجيا الاستمطار، المتمثلة في استثارة وحفز السحب لإسقاط محتواها من المياه الكامنة أو حبات البرد المتجمدة فوق مناطق جغرافية محددة.
وتهدف هذه العملية في الأساس إلى تعديل ظروف الطقس السائد وتحسين الأحوال الجوية أو نسبة الموارد المائية فوق الأراضي الزراعية المعرضة للجفاف أو المناطق العمرانية، التي تعاني من قسوة درجة الحرارة.
لكن حقن السحب وتطبيق تقنيات الاستمطار يمكن أن يستعملا أيضا لغرض معاكس، كمنع سقوط الأمطار الغزيرة فوق المناطق الزراعية بغرض الحيلولة دون تلف المحاصيل أو منع تشكل البرد أو الضباب فوق المطارات المزدحمة.
وأعلنت الحكومة الصينية في يوليو الماضي، عن تخصيص 30 مليون دولار لإنفاقها على برنامجها المخصص للتحكم في الطقس عبر هذه التكنولوجيا، وذلك كجزء من الجهود المبذولة لمكافحة الجفاف والحد من آثار الكوارث الطبيعية.
وتستخدم الصين حاليا تكنولوجيا تعديل الطقس، بما في ذلك تلقيح السحب، بهدف الحث على هطول الأمطار خلال فترات الجفاف وللحد من البرد، وكذلك ميزة التحكم في الطقس قبيل أحداث دولية مرموقة، مثل دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008.
وإلى جانب الصين، فقد اعتمدت ولايات أميركية قبلها هذه التكنولوجيا، كما انطلقت دول عربية من بينها الإمارات والسعودية والمغرب وعمان والأردن في تطبيق هذه التقنية، منذ فترة، لكن لا تزال على ما يبدو في أولى مراحلها.
ويقول خبراء إن التجارب التي تمت في تلك الدول حققت نسب نجاح متفاوتة، لكن الثابت أن اللجوء إلى هذه التكنولوجيا لم يعد خيارا، خاصة في ظل التداعيات الناتجة عن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وتكرار موجات الجفاف.
وكانت هيئة الأرصاد الجوية المصرية قد أبرمت مؤخرا اتفاقا مع رجال أعمال من ألمانيا لإعداد دراسة جدوى حول استخدام هذه التقنية لتأمين احتياجات البلاد من المياه، من أجل الابتعاد قدر المستطاع عن دائرة الفقر المائي التي تتهددها.
لاستمطار هو تحقيق نسب إضافية مرتفعة في معدل هبوط الأمطار بحلول عام 2020.
وكان فريق من العلماء في ولاية نيفادا الأميركية قد استخدم طائرة من دون طيار للسيطرة على الطقس. ويقول مهندسو وخبراء الأرصاد الجوية بأنهم قاموا بإنشاء أول منصة من الغيوم الاصطناعية التي يمكن أن تزيد من معدل هطول الأمطار بنسبة 15 بالمئة.
وثمة حاليا اتفاقية قائمة بين مهندسي الطائرات من دون طيار وباحثون يعملون في معهد بحوث الصحراء الأميركي وفريق آفيسايت، إضافة إلى الفريق الأميركي من أجل بناء روبوتات طائرة تحمل على متنها معدات لتخصيب السحب.
وقام الباحثون بإجراء اختبارات ناجحة على الطائرة من دون طيار من نوع دي.أيه.أكس 8 أواخر يناير الماضي، وهو ما سيتيح لحكومات الدول المتضررة من الجفاف خلال سنوات من اعتماد هذه الطائرات للاستمطار.
ويقول آدم واتس، الخبير في معهد بحوث الصحراء الأميركي إن هذه الطائرة المطورة قادرة على التحليق شمال نيفادا بغاية التحقق من أن الولايات المتحدة قادرة على التعامل مع الظروف المناخية المختلفة.
وكشفت ولاية أريزونا العام الماضي عن خطط لإنشاء غيوم ينهمر منها مطر اصطناعي من خلال تحليق الطائرات فوق جبال روكي ونشر يوديد الفضة في السماء، وهو مركب يستخدم في الاستمطار، ذو بنية بلورية مشابهة لبلورات الجليد.
وبفضل هذه العملية يتجمع بخار الماء في طبقات الجو العليا حول النوى المتبلورة ليوديد الفضة، ومع ازدياد البخار المتكثف لا يلبث أن يتحول إلى قطرات من المطر أو البرد لتسقط إلى الأسفل بفعل جاذبية الأرض.
ويأمل الباحثون في أن تسمح هذه التكنولوجيا بتخفيف البعض من أسوأ آثار تغير المناخ التي يعيشها العالم حاليا، وأن تتاح للدول المتأثرة بفعل انحباس الأمطار. وعلى الرغم من فوائد الاستمطار، فإن تطبيقه ينطوي على ظهور أكثر من مشكلة، فضلا عن احتدام الجـدل بشأن الجانب الشرعي والأخلاقي المتعلق بمشروعية الاستمطار ذاته.
العرب