في ظل الطلب المتزايد على شراء البعض من الحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور من قبل البعض من العائلات اللبنانية الثرية، تقوم السلطات اللبنانية بالتعاون مع جمعيات الرفق بالحيوان بتطبيق بعض الفصول من مشروع تربية واقتناء هذا النوع من “القطط الكبيرة”.
ومع انتشار موضة اقتناء هذا النوع من الحيوانات لإظهار المكانة الاجتماعية للبعض من الأثرياء، اتخذت الحكومة اللبنانية إجراءات صارمة للحد من المُتجارة غير القانونية بالحيوانات لحمايتها من الممارسات التي تهدد حياتها بهدف إعادتها إلى الحياة البرية. وقال وزير الزراعة اللبناني أكرم شهاب إنه “ستتم مصادرة كل الحيوانات التي يتم بيعها بطريقة غير قانونية. فمكان هذه الحيوانات ليس القفص أو البيت لاستخدامها رمزا للقوة والثروة”.
وأعلن شهيب أن وزارة الزراعة تتابع عمليات تهريب الحيوانات وتعمل على مكافحتها، كما أصدرت الوزارة منذ شهر يناير الماضي قانونا يفرض تسجيل محلات بيع الحيوانات ومراكز تدريبها والحدائق العامة للحيوانات. وتجني العديد من حدائق الحيوانات في لبنان أموالا طائلة جراء بيعها للأسود والنمور والفهود للأغنياء الذين يستخدمونها كحيوانات “أليفة” تزين البيوت وتزيد من ترف أصحابها دون الاهتمام بخصائصها ونسق حياتها.
وشهدت السنوات الأخيرة دخول عدد كبير لهذا النوع من الحيوانات إلى لبنان بصورة غير قانونية بالإضافة إلى ولادة غيرها في حدائق الحيوانات في ظروف صعبة، وقد أدى إهمالها إلى وفاة عدد كبير منها في ظروف صعبة. وتدير منظمات الرفق بالحيوان في لبنان حملات منذ أشهر لمنع انتشار مثل هذه الممارسات، مطالبة بحماية مثل هذه الحيوانات بدل المتاجرة بها.
وبسبب تراجع إيرادات حدائق الحيوانات في لبنان نتيجة الأزمة الاقتصادية وقلة الزوار لجأت بعض الحدائق إلى المتجارة غير القانونية بالحيوانات التي تدر عليها ربحا كبيرا، إذ يبلغ سعر الأسد الواحد حوالي 10 آلاف يورو. وتقوم البعض من العائلات الثرية في لبنان بشراء أشبال لأولادها الصغار دون التفكير في العواقب عندما يكبر هذا الشبل. وتتدخل البعض من الجمعيات المعنية بالحيوانات عندما يستعرض الأطفال صور حيواناتهم الجديدة في المدرسة.
ويقول جاسون مير، رئيس جمعية “حيوانات لبنان” التي بدأت مسيرة العمل على حماية الحيوان منذ 5 سنوات إن “حديقة الحيوان لا ينبغي لها أن تبيع الحيوانات. ولوضع حد لهذا الأمر تم إصدار قانون جديد يمنع هذه المتاجرة غير القانونية بالحيوانات”. وعملت جمعية “حيوانات لبنان” على إصدار قرار يتعلق بحظر تملك واقتناء البعض من فصائل الحيوانات باستثناء حدائق الحيوانات المسجلة والمرخص لها بعد التأكد من أنها تلبي الحد الأدنى من المعايير ومراكز الإنقاذ التابعة للجمعيات العاملة في مجال حماية الحيوانات.
وقد نشر القرار مطلع الشهر الجاري في الجريدة الرسمية. وتباع فهود وأسود ونمور وغيرها من “القطط الكبيرة” في لبنان بأسعار خيالية أو تستخدم في السيرك للقيام بالحيل والترفيه أو يتم وضعها في البيوت كحيوانات “أليفة” تستخدم للزينة أو للتباهي بها كرمز للثراء أو تبقى حبيسة في حدائق خاصة دون أي عناية أو رعاية متخصصة. وقالت المحامية رنا صاغية وهي من مجموعة المحامين الذين عملوا على صياغة مشروع قانون “حماية الحيوانات والرفق بها” إن “أهمية هذا القرار تكمن في توعية الناس بصعوبة اقتناء هذا النوع من الحيوانات والتي يتم دفع مبالغ باهظة لشرائها”.
وأوضحت أنه لا “فائدة من القول إن لبنان يغرق في النفايات فلمَ الاهتمام بالحيوانات؛ إذ لا يوجد ‘كوتا’ على القوانين والقرارات العامة، وحماية الحيوانات لا تمنع من حماية الإنسان”. وأضافت أن “اقتناء القطط الكبيرة فيه مخالفة لاتفاقية سايتس التي وقع عليها لبنان وأن صدور هذا القرار عن وزارة الزراعة يضع لبنان في مصاف الدول الأكثر تقدما في هذا المجال”.
وكانت حادثة اللبؤة “كوين” التي تعرضت للاعتداء ولسوء حاد في التغذية في أغسطس 2015 ولم تستطع جمعية “حيوانات لبنان” إنقاذ حياتها، من أكثر الحوادث التي حركت الرأي العام في لبنان حيال هذه الظاهرة. ويقول المشرفون على جمعية “حيوانات لبنان” التي تحظى بدعم من الاتحاد الأوروبي إن الأسود أو النمور التي تغادر حديقة الحيوان وتنتقل إلى العيش في البيوت لا تتمكن من البقاء على قيد الحياة أكثر من عامين.
العرب