تعيد حادثة قصف حلب بمادة كلور، مصدرها شركة أردنية، الذهن إلى واقعة مصادرة شاحنات محملة بهذه المادة قبل نحو عام، من قبل فصيل معارض جنوب سوريا، اختفى وجوده إعلاميًا بعد الإفراج عن البضاعة المحتجزة.
فقبل نحو عام تقريبًا أصدر فصيل يدعى ” لواء جند محمد” يتزعمه “فيصل الرفاعي” الملقب بـ “أبي علاء” بيانًا نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول فيه إنّه صادر 9 شاحنات محملة بمادة “الكلورايد” بعد دخولها الأراضي السورية عبر معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
حجز الشاحنات التسع مر بتفاصيل دراماتيكية، حيث بقيت رهن الاحتجاز في المنطقة الحرة بمعبر نصيب لمدة 3 أشهر، ثم دخلت الأراضي السورية بتاريخ 21 تموز/يوليو 2015، ثم أعلن “لواء جند محمد” حجز الشاحنات التسع التي تحمل مادة الكلورايد، و أكّد أنّه لن يفرج عنها قبل دخول منظمات دولية، ثم اختفى الفصيل ووجوده الإعلامي، ثم أعلنت جهات ثورية في درعا الإفراج عن الشاحنات، و التي توجهت بدورها إلى مناطق سيطرة الأسد في دمشق.
يقول الناشط الإعلامي في مدينة درعا، “رضا الجنوبي” لموقع مرآة سوريا إنّ العملية لفها الغموض، و بقيت متداولة على الألسن لأيام ثم تم نسيانها لهول الأحداث المحيطة.
و أوضح:”من الغرابة بمكان أنْ يختفي فصيل جند محمد، و الذي احتجر 9 شاحنات دخلت من الأردن عبر معبر نصيب، تحمل مادة الكلورايد، تزامنًا مع تداعيات هذا الأمر رفقة مواقف متتالية من قبل جهات مختلفة في المنطقة الجنوبية”.
و يوضح “الجنوبي” أنّ الكشف الميداني على الشاحنات التسع يكشف بما لا شكّ فيه أنّ الحمولة كانت مادة الكلورايد السائل و البودرة، و اعترف المهندس الكيميائي الذي كان يرافق الشاحنات آنذاك بأنّ المادة صالحة للاستخدام العسكري و المدني”.
و قال:”كان هناك مهندس كيميائي رفقة الشاحنات التسع، و معه 3 مساعدين، إضافة إلى السائقين، زعم الجميع حينها أنّ البضاعة طلبية لمؤسسة مياه دمشق التابعة للنظام، و هي لغرض تنقية مياه الشرب، و كان اثنان من السائقين يحملان الجنسية الأردنية”.
بدوره أكّد ن.م و هو رئيس هيئة مدنية سابق في درعا، أنّ الشاحنات التسع نقلت مادة الكلورايد المسال و البودرة من مستودعات شركة تجارية تبن لاحقًا أنها وهمية، قامت باستيراد كميات من هذه المادة من شركة “ساكلو” السعودية، و تم إدخالها إلى سوريا عن طريق 3 أشخاص، ينتمون لعائلات “دعبول”، و “الهواري” و “المسالمة”، بغرض نقلها إلى العاصمة دمشق، الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.
و قال ن.م الذي رفض كشف هويته إنّ أحد قادة مجموعات فصيل “لواء التوحيد” العامل في درعا، كان مسؤولًا عن تأمين مرور الشاحنات في المناطق المحررة حتى وصولها إلى مناطق سيطرة النظام.
و أضاف:”احتجز فصيل جند محمد عدة أشخاص على علاقة مباشرة بمسألة الشاحنات، و قام بتسليمهم إلى محكمة دار العدل، بينما أبقى على سائقي الشاحنات في مقراته”.
أغلق ملف هذه القضية بشكل مبهم، فقبل نهاية شهر يوليو 2015، وصلت الشاحنات التسع إلى دمشق، و اختفى فصيل جند محمد إعلاميًا، و وقف التعليق على القضية بشكل كامل، و بقي مصيرها مجهولًا.. هل توجهت إلى مستودعات جيش الأسد؟ أم أنّها استقرت في محطات معالجة المياه بدمشق؟.
يقول “رضا الجنوبي” معقبًا:”إنّ الحالة العسكرية و الأمنية السائدة في جنوب سوريا، لا تمنع البتة من مرور شحنات شبيهة في أي وقت كان، لدى بعض فصائل درعا ارتباطات مشوبة، يستغلها نظام الأسد عبر وسطاء مجهولي الهويّة في الغالب، يستخدمهم داخل المناطق المحررة، و بإمكان جميع ناشطي درعا رصد الشاحنات التي تمر بين مناطق سيطرة النظام، و المناطق المحررة”.
فيما يعتبر ن.م أنّ درعا “ما زالت طريقًا سالكًا للمواد التي تصل إلى مناطق سيطرة النظام انطلاقًا من الأردن، تحميه فصائل “مأجورة” لم تتبنّ يومًا المشروع الثوري في سوريا”، محملًا “كل الفصائل الثورية” مسؤولية ذلك لعدم “تطهير المنطقة من ورم مؤسسة البعث الانتهازية و مأجوريها الذين يرتدون لباس الثورة زورًا”، بحسب تعبيره.