هل سيستخدم السيسي تفجير الكنيسة القبطية لشرعنة وجود قوات مصرية مساندة للأسد في سوريا؟ – مرآة سوريا

تبنّى تنظيم الدولة الإسلامية، التفجير التي ضرب الكنيسة البطرسية القبطية في القاهرة قبل أيام، عبر بيان مقتضب ضعيف اللهجة، و غير ممهور باسم جناح التنظيم في مصر “ولاية سيناء”.

و قالت الداخلية المصرية في بيان لها عقب الحادثة إنّ عدد القتلى ارتفع إلى 25 مدنيًا، كما كشف رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، هوية الانتحاري الذي فجر نفسه داخل قاعة الصلاة في الكنيسة.

و بحسب النيابة المصرية، فإنّ “محمود شفيق محمد مصطفى”، مصري الجنسية في الثاني والعشرين من عمره، فجّر نفسه داخل الكنيسة بعد أن عاين المكان قبل يوم واحد.

استغلال الحدث سياسيًا و إعلاميًا

و حرصت جهات عدة في مصر على تحقيق مكاسب سياسة و إعلامية من التفجير، و تراشق المتناحران الأبرز في الساحة، نظام السيسي، و جماعة الإخوان، الكم الأكبر من الاتهامات.

حيث اعتبر نظام السيسي عبر مسؤوليه و وسائل إعلامه المختلفة، أنّ جماعة الإخوان المسلمين تقف وراء التفجير، و أنّه – أي التفجير- دليل لا لبس فيه على التنسيق بين الجماعة و تنظيم الدولة الإسلامية، تعزيزًا لاتهامات سابقة، جرى الترويج لها عبر حملات إعلامية و سياسية منسّقة.

و قالت وزارة الداخلية المصرية إنّ الجماعة انتقمت من خلال التفجير لمقتل أحد قيادييها (محمد كمال) على يد قوات الأمن المصرية، و زعمت أنّ قيادة الجماعة في قطر أوكلت مهمة إحداث بلبلة طائفية في البلاد لطبيب يقيم شرق القاهرة، تبين لاحقًا أنه منفذ التفجير.

بينما راحت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي القابع حاليًا في السجن، إلى القول إنّ التفجير يعكس مجددًا عجز نظام السيسي عن حفظ الأمن في البلاد، و عن حماية شركائه بمن فيهم الأقباط الذين لعبوا دورًا مساندًا للسيسي في انقلابه ضد مرسي.

و أصدرت الجماعة بيان إدانة عقب التفجير، وجه اتهامًا مباشرًا للسيسي و أجهزته الأمنية، “التي تقوم بعمليات إجرامية لجر البلاد إلى دوامة العنف و الحرب الأهلية”، مؤكدة أنّ هذه الأساليب “باتت مفضوحة و لم تعد تنطلي على عاقل”، بحسب البيان.

بدورها عملت آلة السيسي الإعلامية، على اتهام قطر بالضلوع بهذا التفجير، و استشهدوا بزيارة منفذ التفجير للدولة الخليجية الصغيرة عام 2015، رغم أنّ قطر أكّدت أنّ زيارته كانت اعتيادية تندرج ضمن نطاق زيارة الأجانب للدولة بغرض الزيارة أو العمل، و لم تطالب مصر أو أية دولة أخرى حينها بإلقاء القبض عليه أو مراقبته.

هل يستغل السيسي الحدث بشكل أوسع؟

“يرى مطلعون أنّ التقارب الروسي-المصري، و النبرة السيسية الخطابية الموالية للأسد، ستثمر بكل تأكيد دورًا مصريًا في سوريا، يتعدى شحنات الأسلحة و الصواريخ التي تتوجه عبر بواخر تجارية في خط بحري يصل الإسكندرية بطرطوس.”

ينوي السيسي استغلال الحدث “الفرصة” على نطاق أوسع مما هو عليه الآن، و تصديره إلى الخارج، معتدًا بتجارب الدول الغربية، كأمريكا و فرنسا و روسيا و غيرها، عندما نقلت قواتها لشنّ عمليات عسكرية في سوريا و العراق، بحجة قتال تنظيم الدولة.

و يرى مطلعون أنّ التقارب الروسي-المصري، و النبرة السيسية الخطابية الموالية للأسد، ستثمر بكل تأكيد دورًا مصريًا في سوريا، يتعدى شحنات الأسلحة و الصواريخ التي تتوجه عبر بواخر تجارية في خط بحري يصل الإسكندرية بطرطوس.

و علاوة على الزيارة الفريدة المعلنة لرئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا، اللواء علي مملوك لمصر، في تشرين الأول/نوفمبر الماضي، والتي أكد فيها على ضرورة “التنسيق الأمني بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب”، و الزيارات الممهورة إعلاميًا بـ “مسؤول اقتصادي-أمني- حكومي”، فإنّ مؤشرات التقارب المصرية-السورية باتت تتكشف على العلن خصوصًا بعد تأييد مندوب مصر للموقف الروسي في مجلس الأمن حول قرار يتعلق بسوريا، و توتر العلاقات السعودية-المصرية الذي اشتدت وتيرته بعد ذلك.

و لا يستبعد مراقبون أن تكون إحدى المعسكرات القائمة على الأراضي السورية و التي تحتضن قوات غير سورية مساندة للأسد، مخصصة لقوات مصرية، و يذهبون في ذلك استنادًا لقراءة شمولية للعلاقة بين الأسد و السيسي، و إلى تقارير إعلامية عديدة انتشرت مؤخرًا حول وجود ضباط قوى جويّة مصريين في سوريا.

بقي الأسد ينفي وجود قوات إيرانية في سوريا، كما حرصت طهران على التأكيد أنّ وجودها العسكري في سوريا يتمثل فقط بمستشارين عسكريين يقدمون النصح لضباط الأسد مكتبيًا، إلّا أنّ ازدياد أعداد المقاتلين الإيرانيين رفقة الأفغان المجندين طائفيًا، أجبرت الطرفين على الاعتراف بالوجود العسكري الإيراني على الأرض.

وهنا يتساءل المراقبون، هل باتت أعداد القوات المصرية في سوريا كبيرة لدرجة أنّ الأسد و السيسي لن يستطيعوا بعد فترة وجيزة نفي الوجود العسكري المصري في سوريا إسوة بالحالة الإيرانية؟

و هل سيستخدم السيسي تفجير الكنيسة القبطية ذريعة لتواجد هذه القوات في سوريا لـ “استئصال أصل الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة”؟

أضف تعليق