وسط زحمة أعياد الميلاد في أوروبا قامت شاحنة باختراق جموع المحتشدين في ميادين التسوق في العاصمة الألمانية برلين والقيام بحادثة دهس جماعي أسفر عن وقوع العديد من القتلى والجرحى.
للوهلة الأولى تبدو حادثة برلين نسخة مكررة للحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيس عندما ضربت شاحنة جموع المحتشدين على شواطئ المدينة السياحية الفرنسية وأدت لمقتل ما يزيد عن ثمانين شخصاً وقتها في حادثة هزت فرنسا بعنف.
قبل التعليق على حادثة برلين يجب انتظار نتائج التحقيق الأولية على الأقل ومعرفة شخصية منفذ الاعتداء ودوافعه، لكن تكرار سيناريو نيس في برلين يستدعي افتراضات أولية بأن تنظيم الدولة الإسلامية هو من يقف وراء اعتداء برلين كونه قام بتبني حادثة نيس من قبل.
يبدو اعتداء برلين متوقعاً حتى بالنسبة لأجهزة الأمن الألمانية وهي كانت قد حذرت مراراً من أن ألمانيا معرضة لخطر هجمات إرهابية بعد تلقيها تهديدات وتحذيرات متكررة، لكن المستغرب على الدوام هو مكان وتوقيت مثل هذه العمليات الإرهابية والأهداف التي يهدف تنظيم الدولة لتحقيقها من وراء هكذا عمليات وهذا بالطبع في حال تبنيه للعملية أو ظهور تحقيقات تدل على ذلك.
يصب اعتداء برلين في خدمة أحزاب اليمين المتطرف في ألمانيا وأوروبا بشكل عام ويساعد على رفع شعبيتها وربما وصولها للحكم في نهاية المطاف، وبالفعل فإن تلك الأحزاب تحرز المزيد من التقدم في ألمانيا وفرنسا والنمسا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي.
استقبلت ألمانيا أعداداً كبيرة من اللاجئين وخاصة من السوريين، ولاقت سياسة المستشارة الألمانية ميركل حيال اللجوء انتقادات كبيرة في الداخل الألماني أدى لتراجع شعبيتها وتراجع حزبها في الانتخابات البلدية الأخيرة في ألمانيا، ومن المؤكد أن اعتداء برلين سيجلب المزيد من المتاعب السياسية لميركل في مقابل مزيد من المكاسب لليمين المتطرف، كما أن اللاجئين وخاصة الوافدين حديثاً منهم سيتعرضون لمزيد من المتاعب والمصاعب، في المقابل فإن نظام الأسد وروسيا سيستغلان الحادث لأقصى درجة والعمل على تصنيفه ضمن أجندتهما المعلنة في محاربة الإرهاب وإبعاد شبح المساءلة عن أعمالهما الإجرامية ضد الشعب السوري.