أصبح اتفاق وقف إطلاق النار الهش في سوريا قاب قوسين أو أدنى من الانهيار أو كما قال خبراء ومحللون إن الهدنة باتت على المحك نتيجة تواصل انتهاكات قوات النظام والميليشيات الداعمة لها واستمرار الخروقات في عدة مناطق من أرياف دمشق وحمص وحماة وإدلب وحلب وسط قصف جوي عنيف بعشرات الغارات والصواريخ والمدفعية الثقيلة استهدفت قرى وبلدات منطقة وادي بردى بريف دمشق الغربي في محاولة من قوات الأسد وميليشيات حزب الله اقتحام المنطقة والسيطرة عليها بأي وسيلة كانت أو تهجير سكانها.
الدكتور مؤيد الرشيد الناشط السياسي والمدير العام للمعهد الملكي للتنمية البشرية في أبوجا بنيجيريا وفي حوار خاص مع مرآة سوريا قال:”إن وقف إطلاق النار حدث مهم جداً وقرار روسي تركي مشترك جرى في نهاية العام المنصرم ويعد من القرارات النادرة التي تم التصويت عليها بالإجماع وقد تم التحفظ على بعض نقاطه من قبل الدول الغربية فيما يتعلق بتثبيت نتائج المحادثات التركية الروسية وما يخص موضوع الأستانة وكان الهدف الروسي والتركي هو تثبيت نقاط الاتفاق بينهما إلا أن الغرب قاموا بتعديل ذلك القرار ورحبوا بشكل عام بهذه الخطوة الجيدة دون الإشارة إلى المضمون”.
وأشار الدكتور الرشيد إلى أن “موقع وقف إطلاق النار في مجمل الحدث يشير إلى أن تركيا وروسيا هما اللاعبان الرئيسيان في سوريا بعد تراجع الغرب وخاصة الولايات المتحدة عن القيام بدورهم الإنساني والأخلاقي والقانوني ما جعل الروس والأتراك يحتلون الصدارة ويتحكمون عملياً بالملف السوري” لافتاً إلى “تراجع الدور العربي والأوربي والأمريكي في حين أن ما يدعو للاستغراب أن مجلس الأمن صوت بالإجماع على مشروع القرار”.
وأضاف الدكتور الرشيد :” الآن موقع وقف إطلاق النار من الصورة الكلية هو إنهاء تعدد الأطراف في موضوع الحل السوري ورغم أن مفاوضات تجري بين تركيا وروسيا لكن خلافات جوهرية عالقة بينهما بما يتعلق بالملف السوري ود تمكن الطرفان من تجاوز جزء كبير منها واستطاعوا التوصل إلى قدر من التفاهم من أجل إيجاد حل للقضية السورية ولدى تركيا وروسيا إرادة وتصميم على إيقاف إطلاق النار وبالنسبة لي أميل للاعتقاد أن وقف إطلاق النار سيستمر”.
ورأى الناشط السياسي الرشيد أن “السبب الرئيسي للخروقات التي تمت يرجع إلى أمرين اثنين أولهما أن إيران وحزب الله والنظام منذ بداية الثورة السورية لديهم مشروع طائفي في المنطقة ويدافعون عنه باستماتة وعملية التهجير والتطهير العرقي أو الطائفي هي جزء من هذا المشروع القائم في جوهره السياسي على موضوع “الهزيمة الصفرية للطرف الآخر” والتي تعني أن سياسة الإيرانيين مبنية على أن مقاتلي المعارضة من الإرهابيين ولا يمكن التفاوض معهم أو تشكيل جزء من الحل معهم وأما الأمر الثاني فهو سلوك النظام وحزب الله والإيرانيين منذ بداية الثورة وتخيلاتهم بأن النصر الإلهي الذي ينتظرونه ويعملون عليه قادم”.
“موقع وقف إطلاق النار في مجمل الحدث يشير إلى أن تركيا وروسيا هما اللاعبان الرئيسيان في سوريا بعد تراجع الغرب وخاصة الولايات المتحدة عن القيام بدورهم الإنساني والأخلاقي والقانوني”
وأكد الناشط السياسي الرشيد أن” وجهة نظر الروس مختلفة عن الإيرانيين وتدخل روسيا في سوريا مختلف، والوقت لا يسمح للحديث عن دوافعه وأسبابه واستراتيجياته لكنه يختلف عن رؤية الإيرانيين وحزب الله وحلفاء الشيعة بما فيهم النظام ولذلك هم ليسوا راضين عن الخطوة التي يعتبرونها غير محسوبة وأنه في الوقت الذي يخيل لهم أنهم يسيرون باتجاه تحقيق النصر وخاصة بعد سيطرتهم على مدينة حلب ووقف إطلاق النار واعتبارهم أنه تأييد للمعارضة وباعتقادهم أنه يصب في صالح تركيا”.
وتوقع الرشيد أن “يستمر الإيرانيون بإعاقة وقف إطلاق النار وإيجاد المبررات بشكل مستمر لكن يوجد ضمن نص القرار بند لضرورة وجود قوات خاصة تراقب وقف إطلاق النار لم يبدأ العمل به حتى الآن وعلى ما يبدو أننا أمام صدام سياسي وخلاف أكثر وضوحاً بين خطين في حلف النظام وهما روسيا وإيران”.
ورداً على سؤال حول تصريحات المسؤولين الإيرانيين وقولهم إن ميليشيات حزب الله اللبناني الموجودة في سوريا خط أحمر أجاب الدكتور الرشيد قائلاً:” هذا الكلام صدر سابقاً من أهم جهة سياسية بعد المرشد وهو علي أكبر ولايتي وهذا يدل على أننا مقبلون على مشهد جديد من اتساع الفجوة بين الإيرانيين وحزب الله والروس وقد ظهر الآن جلياً أن مشروع الإيرانيين كان موجوداً تحت أقدامنا قبل ظهور الحراك الشعبي في سوريا وأصبح الآن يتجه إلى الصدام الحقيقي ويحتاج الإيرانيون إلى من يدافع عنهم ويدعون أنهم استثمروا المال والدم في سبيل مشروع محاربة الإرهاب ويسمون الحرب على السنة أنها حرب على الإرهاب وأنهم يلتقون مع المجتمع الدولي في هذه الحرب”.
ولفت الدكتور الرشيد إلى أنه “من الواضح استعمال إيران لهذا الملف كملف استقطاب يركب على الإرادة الدولية لكنه يمتلك مشروعاً مختلفاً سيظهر ذلك أكثر في الأيام القادمة فالاتفاقيات وطلبات الأتراك تقول أنه من المفروض خروج جميع المقاتلين الأجانب من سوريا وهذا أصبح مطلباً دولياً وسيتحول إلى قرار دولي بالمستقبل القريب وموقف الإيرانيين سيكون أكثر ضعفاً مع الأيام القادمة”.
وكانت ميليشيا حزب الله أوقفت في الأيام القليلة الماضية وفداً روسياً كان يضم 4 ضباط وفريقاً تقنياً لترميم نبع عين الفيجة في نقطة تفتيش بمنطقة دير حانون ومنعتهم من دخول المنطقة قبل أن يعود الوفد من حيث أتى.
وكان علي أكبر ولايتي المستشار الأول للمرشد الإيراني علي خامنئي صرح سابقاً أن ميليشيا حزب الله لن تخرج من سورية وأن الحديث عن ذلك محض دعاية عدو.
وتخوفت قيادة حزب الله اللبناني بعد إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا وزاد تخوفها التصريحات المتكررة من قبل روسيا وتركيا حول وجود الميليشيات المقاتلة في سوريا.
والجدير بالذكر أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعلن أنه يتوجب على جميع المقاتلين الأجانب بما فيهم عناصر حزب الله مغادرة سوريا تلتها تصريحات إعلامية روسية عن عزم موسكو استبدال ميليشيات حزب الله بمقاتلين شيشان ينتمون للطائفة السنية في حلب.