الانضمام إلى فصائل المعارضة .. الأسباب والدوافع؟! – مرآة سوريا

عندما توسعت مظاهرات الثوار في سوريا وعمت المناطق المختلفة وازداد قمع النظام لها بدأت تتشكل فصائل المعارضة من المقاتلين الذين أخذوا على عاتقهم حماية المتظاهرين السلميين أثناء تجمهرهم للتعبير عن رأيهم في مواجهة نظام الأسد.

وكانت هذه التشكيلات العسكرية عشوائية وغير منظمة وكان مجرد امتلاك السلاح كافياً للانضمام إليها وكان يقتصر هدفها في البداية على حماية المظاهرات وعلى نصب بعض الحواجز في مداخل ومخارج القرى التي خرجت عن سيطرة النظام بحيث يمنع أي تواجد أمني أوعسكري قد يضايق الحراك الشعبي السلمي في تلك القرى.

ثم انتقل حملة السلاح من الدفاع إلى الهجوم وهنا برزت الحاجة للتنظيم ولتشكيل كتائب مقاتلة لها تسمية معينة ولها راية معينة ولها شروطها في انتساب المقاتلين إليها ولعل أبرز هذه التشكيلات التي تشكلت في بداية الحراك العسكري هو تشكيل “لواء التوحيد” والذي ضم أكثر الفصائل المتواجدة في ريف حلب الشمالي حيث برز فصيل لواء التوحيد في المعركة التي خاضها في مدينة حلب وكان له دور كبير في السيطرة على الأحياء الشرقية للمدينة في وقت قياسي لم يتجاوز الشهر الواحد.

وفي الآونة الأخيرة توسع حجم الفصائل بعد اندماجها في كيانات كبيرة شمال سوريا تضم الآلاف من المقاتلين حتى أصبحت فصائل المعارضة الآن تعد على الأصابع وأبرزها هيئة تحرير الشام وأحرار الشام وفيلق الشام كما يوجد فصائل تقاتل شمال حلب ضمن عمليات درع الفرات التي تقودها تركيا.

هذه التشكيلات الكبيرة لا بد أن تضع نظاماً واضحاً ومفصلاً لعملية الانتساب إليها من شروط انتساب المقاتل أو خضوعه لدورة تدريبية عسكرية أو شرعية أو الهدف التي يضعه التشكيل في قتاله ضد قوات النظام، كل ذلك بهدف تماسك الفصيل ولكي يصبح قوة ضاربة قادرة على الصمود في وجه التحديات الكبيرة التي يواجهها.

لكن ما الأسباب والدوافع التي تدفع الشخص المدني للانضمام إلى فصائل المعارضة؟

بداية نقول أن الأسباب في بداية الثورة اختلفت عن الأسباب في الوقت الراهن، فسابقاً كان الدافع قناعة راسخة بوجوب الدفاع عن المتظاهرين والعمل على طرد النظام من مناطق سيطرته وتوسيع رقعة المعارضة بهدف السيطرة على كامل التراب السوري وإسقاط النظام في دمشق، هذا كان الهدف العام الذي اتفق عليه المقاتلون يومئذ.

أما في يومنا هذا فأصبح انضمام المدنيين لأحد الفصائل بالدرجة الأولى بدافع الحاجة والعوز وعدم توفر فرص للعمل يستطيع المدني من خلالها كسب لقمة العيش، طبعاً بخلاف المقاتلين القدامى الذين ما زال كثير منهم يحمل نفس القناعة والهدف ألا وهو القتال حتى إسقاط النظام.

مع العلم أن المنضمين الجدد يحاولون تجنب حمل السلاح للقتال ويهدفون للحصول على موقع أشبه بالوظيفة الروتينية الإدارية، كالوقوف على حاجز منصوب في منطقة بعيدة عن جبهات القتال والتماس مع قوات النظام أو في المجالات الإدارية التي توفرها كثير من الفصائل أو المجال الطبي أو الخدمي أو الإنساني وما إلى ذلك.

لذلك مع هذه الأحوال التي تعيشها الفصائل وانخفاض حدة المعارك في مناطق الشمال السوري لم يعد هناك شروط صارمة لانضمام المقاتلين إلى الفصائل حيث تعتمد تلك الفصائل على المقاتلين المتمرسين القدامى في معاركها المفصلية مع قوات النظام وتردف الفصيل بالمنتسبين الجدد من غير المتمرسين بالقتال للقيام بمهام غالباً ما تكون غير قتالية.

وفي حوار لمراسلنا في حلب علي جمعة مع أحد المدربين في إحدى الفصائل حول شروط والمعايير التي يجب أن تتوفر في المنتسبين الجدد، قال المدرب:

“لا يشترط في المنتسب الجديد أن يكون منشقاً أو أن يجيد استخدام السلاح لكن الشرطان الأساسيان هما أن يكون عمره فوق 17 سنة وأن يكون ذو بنية جسدية ملائمة للعمل العسكري، وهناك آلية لانتقاء الأشخاص عبر مكاتب تسمى مكاتب الموارد البشرية يتم فيها التسجيل فقط وينتقل المنتسب إلى معسكرات مغلقة قد تكون مدتها قصيرة لا تتجاوز 15 يوماً، يتعلم فيها المنتسب أساسيات ما يحتاجه في أرض المعركة كالتدريب البدني واستخدام السلاح الخفيف وكيف يتنقل في أرض المعركة ، ومن خلال الدورة الأولى يتم انتقاء الكفاءات ممن يرغبون في تطوير أنفسهم والتدرب على الأسلحة الثقيلة مثلاً ومن خلال الدورة الأولى يتم تقييم الشخص إن كان يصلح للعمل العسكري أو لا عبر مدربين مختصين في هذا المجال حيث يتم فرزه ضمن الفصيل حسب القدرات التي يتمتع بها”.

وبالنسبة لموقف الأهل من انضمام أحد أفرادها للفصائل قال المدرب: “إن العوائل غالباً ما تكون متقبلة لحد كبير لفكرة تطوع ابنها وهذا إيمانا من العائلة بضرورة الكفاح المسلح وهناك عوائل لا ترغب بذلك وتحاول منع ابنها بشتى الوسائل وحالات عصيان الأهل تكاد تكون معدومة عند الراغبين في الانتساب للفصائل”.

أما بالنسبة للمعايير التي يضعها المنتسب لاختيار الفصيل فإن بعض المقاتلين لديهم ميول إسلامية أكثر من غيرهم ويتمتعون بنوع كبير من الالتزام الشرعي فهؤلاء يختارون الفصائل التي يغلب على أفرادها الالتزام الشرعي من الالتزام بالصلاة والحفاظ على ممتلكات الناس وكذلك ابتعادهم عن المخالفات الشرعية التي تؤثر على الجهاد والقتال ضد النظام كالتدخين مثلاً أو الخضوع لإملاءات الداعمين في الخارج الذين يحاولون التأثير على قرار الفصائل على الأرض وهذه الفصائل أصبحت تعرف بالفصائل الإسلامية.

في المقابل هناك فصائل يغلب على مقاتليها عدم الالتزام بما ذكر ومتهاونة في كثير من القضايا التي يرفضها الفريق الأول، وهذه الفصائل تعرف عند عموم الناس أنها فصائل للجيش الحر والمنتسبين إليها أقل من المنتسبين للفصائل الإسلامية وقد يغلب على المنتسبين إليها المكسب المادي والراتب الشهر الأكبر الذي تقدمه لمقاتليها وهذه الفصائل أكثر انتشارها في مناطق ريف حلب الشمالي الشرقي والتي أصبح هدفها الأول قتال تنظيم الدولة وليس نظام الأسد وهذا ما جعلها موقع انتقاد كبير من عموم المقاتلين في سوريا.

هذه لمحة عامة عن الأسباب والدوافع التي تدفع مدنياً أو مقاتلاً سابقاً للانضمام إلى أحد فصائل المعارضة المقاتلة والشروط التي تضعها الفصائل لقبول المقاتلين في صفوفها مع العلم أن أكثر المنتسبين للفصائل من غير المقاتلين أو من الذين يملكون خبرة ضعيفة في القتال ما يجعل حسب مراقبين نسبة القوة الفاعلة والضاربة في أي فصيل لا تتجاوز نسبة 25% بينما النسبة الأكبر هم من الاداريين والعاملين في المجال الطبي أو الخدمي أو الإنساني.

أضف تعليق