لا جدال في أن المنطقة تسير نحو التشدد الذي هو اليوم على المستوى السياسي منذرا بتحوله عسكريا. واللافت أن النظام الإيراني هو الوحيد الآن على المستوى الإقليمي والدولي الذي اعتمد لغة التشدد ضد واشنطن دون سائر الأنظمة التي نالها ما يكفي من هجوم إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وفي طليعتها الصين وفي آخرها كوريا الشمالية. حتى أن رئيس النظام السوري بشار الأسد لم يشر إلى ما يواجهه حليفه الإيراني من تحديات، بل اعتبر في مقابلة مع موقع “ياهو نيوز” الإلكتروني أن “التعاون في أي صراع حول العالم يحتاج إلى تقارب بين الروس والأمريكيين، وهذا جوهري جدا ليس فقط بالنسبة إلى سوريا”.
لكن مجلة “الإيكونيميست” البريطانية ترسم صورة قاتمة لسعي إدارة ترامب إلى البحث عن “مقايضة كبرى” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتضمن، في ما تتضمن، موافقة موسكو على عدم التعاون مع طهران. لكن المجلة تشكك في تجاوب بوتين مع هذا الطلب.
الثابت وسط هذه التحولات هو أن المنطقة تمر بما وصفه وزير خارجية إيران بـ”الايام الصعبة”. وفي رأي أوساط مثقفين شيعة في لبنان أن أتباع هذا المذهب الواقع ضمن “الهلال” الممتد من بحر قزوين حتى شواطئ المتوسط، سواء أكانوا على توافق مع النظام الإيراني أم لا، هم في دائرة دفع الأثمان بالتكافل والتضامن مع المرشد الإيراني. وفي اللقاء الذي عقدته مجموعة من النخب الشيعية، كانت هناك مداخلات عدة تحذّر من نتائج اللطخة التي ألحقها النظام الإيراني بشيعة لبنان من خلال زج “حزب الله” في حمّام الدم السوري، وهو أمر يستحق تأسيس تحرّك شيعي لبناني ضده من أجل حماية المستقبل الشيعي في المنطقة.
ماذا لو اتجهت الأحداث نحو صراع يؤدي إلى هزيمة النظام الإيراني؟ في ظل هذه الفرضية تعتبر هذه الأوساط أن تغييرا كبيرا سيطرأ على المشهد في الشرق الأوسط. ولن يكون في تداعيات هذا التغيير مكاسب فورية لخصوم هذا النظام من الشيعة الذين يصنفون بالجملة أتباع المرشد ما دام صوته هو الأعلى. وهنا تقع مسؤولية على مرجعية النجف وعلى غيرها من المرجعيات قبل أن يحلّ الطوفان.