النشامى ينتظرون الموافقة الأممية لإطلاق درعهم

تحدثت تقارير إعلامية مؤخراً عن تحضيرات أردنية للتدخل العسكري المباشر في الجنوب السوري في عملية درع اليرموك مماثلة لدرع الفرات التركية في الشمال، والجديد في تلك التقارير فقط هو تدخل الأردن البري لأن تدخلها الجوي قديم ومعروف .
إثر انقطاع خطوط الأمداد والتموين بشكل كامل من الشمال لفصائل الجنوب، باتت الأردن هي المصدر الوحيد لتوفير الدعم بكافة أشكاله لها وهذا منحها السيطرة والتحكم باطراد على تحركات فصائل المعارضة المسلحة في الجنوب عن طريق غرفة العمليات الشهيرة بالموك، وبالفعل فقد برهنت فصائل الجنوب التزامها بالتعليمات الواردة من الأردن ولم تقم باي نشاط عسكري رغم وجود مبررات ودوافع لإسناد ودعم الجبهات الأخرى التي تعرضت لضغط عسكري كبير من النظام أدى لانهيارها كما حصل في شرقي حلب ووادي بردى وغيرها .
لم تشارك فصائل الجنوب في أستانة 1 وانتظرت إعلان الأردن مشاركته لتقبل هي المشاركة فيما بعد مما أعطى الأردن صفة وأحقية أن تكون دولة ضامنة لوقف إطلاق النار من خلال فعاليته في ضبط الجبهة الجنوبية .
إضافة للفصائل الملتزمة بالموك، قامت الأردن بإنشاء جيش عشائر الجنوب وقدمت له الدعم الكبير ليقوم بمهمة مزدوجة في الحفاظ على أمن الحدود الأردنية انطلاقاً من الداخل السوري والتصدي لتنظيم الدولة ومنع اقترابه من الحدود الأردنية، ويبقى في الجنوب خارج نطاق السيطرة والتبعية للأردن تنظيم الدولة وجبهة النصرة تنظيم الدولة والنصرة والفصائل المرتبطة معها منهجياً، إضافة لقوات النظام والميليشيات المتحالفة معه .
لا يمكن توقع قيام الأردن بعملية عسكرية برية منفردة في الجنوب ولا يمكن مقارنة إمكانياته العسكرية بتركيا، إضافة لتخوفه من تأثير ذلك على جبهته الداخلية التي تعرضت بالفعل لعدة اختراقات أمنية خطيرة، كما أنه يحتاج الغطاء السياسي والعسكري الإقليمي والدولي الذي يجيز له التدخل وتعتبر الموافقة الاسرائيلية مضمونة بالدرجة الأولى، والأهم بالنسبة لبلد فقير وضعيف الإمكانيات كالأردن هو توفير الموارد المالية لتغطية التدخل ونتائجه السلبية المحتملة، هذا ناهيك عن قدرته في تسويق نفسه أمام الأخرين كطرف قادر على التدخل دون الغرق في الوحل السوري وجلب مشاكل إضافية للمنطقة .
مع ذلك يبدو التدخل البري الأردني أقرب من أي وقت مضى لكن بطريقة مختلفة عبر غطاء وقرار أممي يسمح لها بإدخال قوتها لتعمل كقوات سلام أو فصل بين المتحاربين سواء كانت تلك القوات عربية أو دولية، ولا شك أن الأردن يملك من العلاقات السياسية الإقليمية والدولية ما يدفع لترشيحه وقبوله للعب مثل هذا الدور ويشهد له بذلك نجاحه في ضبط إيقاع فصائل الجنوب .
لن تحتاج الأردن لزج قوات برية كبيرة وسيكون دور قواتها تنظيمياً واستخباراتياً وتستطيع الاعتماد على فصائل الجنوب وجيش العشائر كقوة ضاربة تنفذ تعليماتها، ولن يتبقى أمامها في تلك الحال سوى قوات النظام التي ستجبرها أطراف دولية على الالتزام بوقف إطلاق النار، وستتحول جميع القوات فيما بعد حسب السيناريو المتوقع والمرسوم لقتال تنظيم الدولة والنصرة والفصائل المرتبطة بها منهجياً .
رغم ما عانته الأردن من تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيها إلا انها استطاعت الاستفادة وتحويل ملف اللاجئين لمكاسب تدعم الخزينة الأردنية، وهي تحتاج كدولة صغيرة ضعيفة الإمكانيات والموارد لهكذا تدخل عسكري بري في سورية قد يساعد في تخفيف الاحتقان الداخلي فيها ونقله للخارج كما يجلب لها المزيد من المكاسب والفوائد الاقتصادية ويمنحها الفرصة في اقتسام الكعكة السورية الدسمة التي ينتظر الجميع نضوجها لتقاسمها من خلال عملية إعادة الإعمار المتوقعة ولكن كل تلك الآمال تبقى معلقة بانتظار تحقيق حل يضمن الانتقال السياسي في سورية .

أضف تعليق