بعد أيام من الاجتماعات المضنية خرجت علينا الهيئة العليا للتفاوض بأسماء وفد المعارضة المشارك في اجتماعات جنيف 4، وقد تضمنت اللائحة المعلنة 21 مشاركاً في المفاوضات بواقع 11 عضواً عن الجناح السياسي و 10 أعضاء عن الجناح العسكري، ووفد استشاري مرافق يتألف من 20 عضواً، إضافة لوفد مرافق آخر من المستشارين الإعلاميين يضم 8 أعضاء، وبذلك يكون مجموع أعضاء الوفد الرسمي المشارك في جنيف 49 عضواً، واستناداً لاجتماعات سابقة من المتوقع ارتفاع عدد المتواجدين في جنيف من خلال مشاركة شخصيات من خارج الوفد الرسمي يمثلون هيئات ومؤسسات المعارضة ويحضرون بصفة مراقبين لصالح تلك الهيئات التي تمول حضورهم، وسيحضر أصحاب المنصات الجديدة بدعم ودفع من دول منصاتهم في القاهرة و أستانة وموسكو من أجل تكريس تواجدهم أمام وسائل الإعلام وإظهارهم مواقف مرنة أمامها لتسويق أنفسهم ومن ثم المطالبة بزيادة التمثيل في الاجتماعات القادمة وعدم القبول بتمثيل ضعيف فيما بعد، وسيضاف للمشهد شخصيات سيقوم ديمستورا بدعوتها بصفة استشارية كما ويبرر ذلك عادة بينما يهدف لتركيز الأضواء عليهم، وسيقوم أيضًا بدعوة لجنته النسائية التي شكلها من قبل تحت مبرر التمثيل النسائي الضعيف في وفد المعارضة.
يزيد عدد الحضور المتوقع عن مائة من شخصيات المعارضة، ومع الأخذ بالاعتبار من سيحضرون بصفة شخصية أو إعلامية ستشهد فنادق جنيف ازدحاماً إضافياً لما تشهده في العادة في فصل التزلج على الثلوج.
بمراجعة القائمة الأساسية لوفد المعارضة المشارك رسمياً في جنيف 4 يمكن وضع الملاحظات التالية :
1- ضم الوفد أحد عشر مشاركاً سياسياً يتوزعون كالتالي : أربعة من الائتلاف، وثلاثة من هيئة التنسيق، وإثنين بصفة مستقل، وعضو واحد عن كل من منصة القاهرة وموسكو، ما يظهر تراجعاً ملحوظاً في قوة الهيئة العليا وانحسار دور الائتلاف الوطني كممثل وحيد للثورة السورية وبروز واضح لدور هيئة التنسيق والمنصات الجديدة، ويتوقع استمرار ذلك في ضوء تهديدات ديمستورا بتشكيل وفد المعارضة بشكل منفرد وسعي دول المنصات لزيادة تمثيل منصاتها في الاجتماعات القادمة.
2- تشكل الوفد العسكري من عشرة أعضاء من أبرزهم محمد علوش كبير المفاوضين في الجولة السابقة ويأتي بصفته ممثلاً للفصائل والهيئة العليا، وواضح عدم شمول تمثيل الوفد لكافة الفصائل العسكرية الفاعلة ميدانياً وبالتالي عدم القدرة على فرض أي اتفاق على كافة الجبهات.
3- ضم الوفد عدداً كبيراً من المستشارين ناهز العشرين دون أن تتضح المعايير التي لجأت إليها الهيئة في تسميتهم ولا الخبرات والإمكانيات التي يملكونها حتى حازوا على صفة مستشار، ولا يفهم سبب العدد الكبير للمستشارين في الوفد سوى كونه جائزة ترضية قدمتها الهيئة العليا لبعض الشخصيات للمشاركة في جنيف تحت تسمية مختلفة، وهنا أيضاً ظهرت المحاصصة في توزيع مقاعد المستشارين العشرين بين الائتلاف والفصائل وهيئة التنسيق.
4- ضمن صفة مستشارين إعلاميين يشارك ثمانية أشخاص ضمن وفد المعارضة وهو عدد كبير ضمن وفد واحد، إضافة لعدم وضوح معايير الاختيار وأسبابه ولا العمل الذي سيقومون به.
5- يلاحظ ضعف التمثيل النسائي وضآلة التمثيل الكردي، وهما مكونان لا يمكن تجاهلهما عند التوجه لإقرار أي اتفاق أو حل سياسي، ويبدو أن ديمستورا لا يريد إثارة ذلك حالياً ويسعى لتمرير الموضوع في انتظار التركيز عليه في الاجتماعات القادمة، ولا مناص في نهاية المطاف من مشاركة القوى الكردية الفاعلة والمسيطرة ميدانياً وهي قوات سورية الديمقراطية والمؤثرة سياسياً ممثلة ربما عبر بالمجلس الوطني الكردي، كما أنه عند تمرير أي اتفاق سياسي ستبرز شروط دولية بوجود كوتا نسائية مشاركة فيه وسيأتي عندها دور اللجنة الاستشارية النسائية التي شكلها ديمستورا من قبل.
في مواجهة وفد المعارضة الكبير يرسل النظام وفداً صغيراً برئاسة الجعفري لإدراكه أن جنيف 4 ليس سوى حلقة جديدة في إضاعة الوقت لأن وقت فرض التسوية لم يحن بعد ويحتاج لمزيد من تطويع المعارضة وتقديمها مزيداً من التنازلات.
كان على المعارضة الاستفادة من الاجتماعات السابقة وأن تعرف أنها لن تستطيع التفوق على وقاحة الجعفري وطول لسانه عبر زيادة عدد الوفد المشارك بل عبر تقديم مشاركين تقنيين يمتلكون مهارات التفاوض الفعال، لكن المعارضة يبدو أنها تعتبر الذهاب إلى جنيف بمثابة سياحة جميلة ولذلك تقوم كل مرة باختيار أعضاء جدد للمشاركة في جنيف وينتظر الأخرون دورهم للذهاب إلى جنيف..أو أستانة…أو إلى أي مكان أخر يتم دعوتهم إليه.