من هم المعجبون والمتيمون بفراس الأسد؟

يصيبك بالدهشة حجم المتابعة والتفاعل الكبير مع صفحة فراس رفعت الأسد على فيسبوك لكن ما يدهشك أكثر هو التوجهات المختلفة بل والمتناقضة تماماً لمتابعي الصفحة من مؤيد للنظام ومعارض له وناشط أو إعلامي أو حتى إسلامي، وتجد في الصفحة بعض الأسماء التي لا يعجبها العجب أو الصيام برجب كما يقول المثل ومع ذلك يضعون الإعجاب على ما يكتبه فراس الأسد، ويبدو المنظرعلى صفحته غريباً من اجتماع أطياف متناقضة من السوريين في مثل هذه الظروف المأساوية التي تمر بها سورية وكيف يضع معارض لايك لفراس الأسد بينما يقوم شخص من القرداحة أو عائلة الأسد بتوجيه الشتائم له في صورة معكوسة عن المألوف، فما هو الجديد والغريب في صفحة فراس الأسد الذي يجعل عدد متابعيه والناشطين على صفحته بهذا الكم الكبير.

 
أعلن فراس الأسد أنه سينشر ذكرياته على صفحته وأثار ذلك اهتمام المتابعين بطبيعة الحال لما قد يقدمه من معلومات وأسرار غامضة وخطيرة عن حياة عائلة الأسد وبالأخص حول والده رفعت الذي لا يزال بعبعاً يخيف السوريين رغم أنه خارج دوائر السلطة والقرار ويعيش خارج البلاد، ويقول فراس أنه تلقى تهديدات عديدة طالت حياته لمنعه من نشر ذكرياته جاءت من إخوته وأفراد من عائلته وطائفته.

 
إعلان فراس الأسد نشر ذكرياته وليس مذكراته يدل على شيء ما تم ترتيبه، فمن خلال الذكريات يمكن الحديث عما يريده من أحداث منتقاة بعناية ولأهداف محددة بشكل لا يضطر فيه لوضعها في إطارها التاريخي التوثيقي وتتحول الذكريات لما يشبه أحاديث سردية، بينما التحدي الذي لن يجرؤ غلى القيام به لا هو ولا أي من أفراد عائلة الأسد الحاكمة كتابة مذكرات صادقة عما حدث فعلاً يمكن من خلالها تشخيص الحالة السورية المأساوية المستمرة منذ عقود في سورية، ولن نشهد رجلاً من عائلة الأسد يخرج علينا ليتكلم بالحقيقة ويعلن محاكمة العائلة على ما اقترفته من جرائم لا يمكن حصرها بحق الشعب السوري خلال ما يقارب النصف قرن.

 
ربما لو تكلم فراس الأسد قبل الثورة أو في بداياتها لكان له شأن وتقدير مختلف، ويبقى الغريب هو سبب إعجاب المعارضين به وبكلامه الذي ظهر كبالون اختبار ناجح من عائلة الأسد ولو بشكل جزئي حيث استطاع فراس الأسد الترويج لنفسه والظهور بمظهر الإنسان الغيور على وطنه وأفراد شعبه مما لحق بهم ومن ثم يطالب بالحرية والكرامة للناس، ويسعى فراس للظهور كمتسامح وكريم عندما يرفع الحظر عن أشخاص أساؤوا له، كما يتحدث عن مأسي أل الأسد التي تنجصر بزعران يعملون كمهربين وقاطعي طريق، ويتمظهر كوطني عابر للطوائف، وللظهور كراوي للحقيقة كما حصلت يورد حادثة مأساوية كقصة مسلية عاشها وأريد من خلالها إمتاعه وإدخال السرور على قلبه، حيث شهد حالة تعذيب سادية في سجن لسرايا الدفاع عام 1980 ومع أنه لم ينسى أن يخبرنا أن قلبه الرقيق لم يستطع احتمال المنظر إلا أنه نسي أن يحدثنا من هو قائد سرايا الدفاع الذي يتبع له ذلك السجن، وأراد أن يظهر لنا من خلال تلك الحادثة استنكاره المبكر لما كانت تقوم به سرايا الدفاع وكيف أن أحاسيسه كانت مرهفة منذ وقت طويل وربما كان يحتاج الفرصة فقط للتعبير عن تعاطفه مع الضحايا وتحوله داعية للسلام، بينما تكفي تلك الحادثة للقيام بدعوته كشاهد ضد والده رفعت في جرائم تعذيب ممنهجة ضد الإنسانية، وربما سنشهد في أحاديث لاحقة استرسال فراس في سرد المزيد من القصص المرتبة والمنتقاة بعناية لإثارة التعاطف معه هو كضحية لعائلته التي ولد فيها بالصدفة دون أن يكون له علاقة بما اقترفته من جرائم.

 
يأتي تسويق فراس الأسد بطريقة مختلفة عما جرى مع أخوته من قبل وبالأخص سومر، ويبدو من حديثه أنه لا يزال يعتقد أن عائلة الأسد هي الحاكمة لسورية وستبقى كذلك أبد الدهر؛ ولإخفاء ذلك يجعل في حديثه نبرة تواضع مصطنعة غير مقنعة إلا لمن يريد ذلك.

 
لا يحتاج السوريون للاستماع إلى ذكرياتك عن عائلتك المجرمة يا فراس الأسد فالجميع عاش الأحداث ويعرف أدق تفاصيلها بأكثر مما تعرفه أنت عنها، لا يهمنا كثيراً شهادتك على حفلة تعذيب عبثية صغيرة قام بها أحد سجاني والدك المجرم فالسوريون اختبروا بأنفسهم حفلات تعذيبكم السادية الماجنة، لا حاجة لحديثك عن سرقات عائلتكم الكريهة ونهبها لثروات الشعب السوري فالفقراء يعرفون جيداً من كان يسرقهم، ولكن هل تجرؤ في الحديث عن مجزرة سجن تدمر، أو عن مجازر حماة وجسر الشغور، أو عن ترهيب الناس وترويعهم في شوارع دمشق من عناصر سرايا الدفاع التي كان والدك قائداً لها، لا حاجة للناس يا فراس الأسد لذكرياتك المشوهة عن عائلتك القذرة والتي تريد من خلالها الضحك على البعض وشراء ذمم أخرين مع اعتقادك بأنك تستطيع التحول لإنسان بريء طاهر عبر كلام معسول لم يعد ينطلي على السوريين.

 
السوريون عاشوا ذكرياتك الجميلة يا فراس لكن وسط الخوف والحزن والألم، لديك فرصة واحدة وأخيرة لتصبح إنساناً حقيقياً لمرة واحدة في حياتك ولتبرهن على حبك لسورية والسوريين … من الغباء الانتظار حتى نراك تفعل ذلك.