مارين لوبين في لبنان.. المرشحون الآخرون يدفعونها نحو الأمام – مرآة سوريا

اختارت مارين لوبين زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف زيارة لبنان للدفع بحملتها الانتخابية في معركة الرئاسة إلى الأمام من خلال حصولها على استقبال رسمي كرئيس قادم لفرنسا من الصعب أن تحصل عليه في بلد أخر.

 

وفي ظل دولة حزب الله في لبنان أعلنت لوبين من هناك أن بقاء الأسد هو الضمانة لسورية في موقف مغاير تماماً للموقف الفرنسي الرسمي المساند للثورة السورية، وكان مرشح الحزب الاشتراكي بينوا هامون قد قام بزيارة البرتغال التي يحكمها الاشتراكيون، بينما توجه مرشح حركة إلى الأمام اليسارية إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، وتصب تلك التحركات الخارجية لمرشحي الرئاسة الفرنسية لتعزيز مواقعهم وإظهار قدراتهم في إقامة علاقات خارجية أمام الناخب الفرنسي. 

أظهرت استطلاعات الرأي العام الأخيرة في فرنسا إلى استمرار تقدم مارين لوبين يليها إيمانويل ماكرون ومن ثم بينوا هامون ويأتي فرنسوا فيون في المرتبة الرابعة -بعد أن كان المرشح الأوفر حظاً في الفوز بالرئاسة- بسبب تأثره بالفضائح المالية التي أثيرت حوله بسبب قيامه بإجراء عقد توظيف وهمي لزوجته كمساعدة برلمانية. 

تستفيد مارين لوبين في تقدمها على سلم الاستطلاعات من تشتت خصومها واختلافاتهم في أحزاب اليسار ويمين الوسط ما يرجح وصولها بسهولة للجولة الثانية من الانتخابات وتبقى الصعوبة حالياً في تحديد المرشح الذي سيرافقها وإن كان ماكرون لا يزال الأوفر حظاً. 

تستفيد لوبين كذلك من ارتكاب المرشحين الآخرين لمزيد من الأخطاء التي تجعلهم يخسرون المزيد من أصوات الناخبين لتصب في خانتها ويبدو أن هذا هو رهانها الأساسي في الفوز بالسباق الرئاسي وفي ضوء المعطيات الحالية يبدو أنه خيار ممكن، فقد سببت الفضيحة المالية لفيون في خسارته فرصة كانت شبه أكيدة ليصبح رئيس فرنسا المقبل وقد اختار الاستمرار في حملته الانتخابية رغم تراجعه الكبير كما أن حزب الجمهوريين يبدو في حالة مراقبة وعجز عن تقديم مرشح بديل لفيون مع اقتراب موعد الانتخابات وتبدو حظوظ فيون في عودة قوية للسباق الرئاسي من خلال سقطات وأخطاء محتملة لماكرون وهامون، بينما أثارت تصريحات ماكرون خلال زيارته للجزائر انقساماً حاداً في الشارع الفرنسي بعد انتقاده اللاذع للاستعمار الفرنسي للجزائر ووصفه بأنه انتهاك لحقوق الإنسان.

 

ورغم معرفته بمدى حساسية الفرنسيين من إثارة هذا الموضوع أو نقاشه إلا أن ماكرون اختار المواجهة المباشرة مع معرفته بالتأثيرات السلبية لذلك على حملته الانتخابية، ورغم أن سجل هامون خالٍ من الفضائح المالية إلا أنه لم يتلق الدعم القوي والكافي من قيادات حزبه الذين تفوق عليهم في كسب ترشيح الحزب وهم ينظرون إليه باعتباره شاباً ضعيف الشخصية والخبرة ويحتاج للكثير من المران والاهتمام بمظهره ليبدو مقنعاً كرئيس قادم لفرنسا وهو مضطر بكل تأكيد لإجراء مزيد من التحالفات ضمن جبهة اليسار لتحقيق إمكانية وصوله للدور الثاني على الأقل. 

يراهن الفرنسيون باستمرار على سقوط لوبين في الجولة الثانية مهما كان المرشح المواجه لها، ويبدو أن دفع الناخبين بها للجولة الثانية يظهر كنوع من العقاب يمارسه الناخبون على المرشحين الآخرين لإظهار عدم قناعاتهم بهم وبما يقدمونه من برامج انتخابية، لكن مخاوف حقيقية بدأت تظهر مؤخراً من احتمال وصول لوبين هذه المرة بالفعل لسدة الرئاسة الفرنسية بسبب المشاكل المستمرة التي تعصف بالمرشحين الأخرين، وسيتحول ذلك لحقيقة فيما لو تعرض المرشح المنافس لها في الجولة الثانية لمشكلة كبيرة. 

تعتبر لوبين امتداداً لأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا كما تدعم سياسات الرئيس الأمريكي ترامب وقد شوهدت في برج ترامب الشهير، وهي معروفة بمواقفها المعادية للمهاجرين وتعتبر الأولوية لمن يحملون الجنسية الفرنسية كما أنّها تعادي المسلمين صراحة و تعتبر أنّ الإسلام يشكل خطراً يهدد فرنسا ويحولها لـ “دولة إسلامية شمولية” كما تقول.

 

وتدعو لوبين لمحاربة الإسلام ومنع توسعه وهي تستغل ما تتعرض له فرنسا والغرب من اعتداءات إرهابية لتدعم وجهة نظرها وتحذر الناخبين من نتائج كارثية في حال عدم فوزها بالانتخابات الرئاسية القادمة، ولا يغيب عن بالنا تصريحاتها ومواقفها ضد اليهود التي تصنف ضمن معاداة السامية وتأثير ذلك عليها. 

وصول لوبين للرئاسة الفرنسية فيما لو حصل مع وجود ترامب رئيساً لأمريكا، سيشكل ضربة للديمقراطية والتعايش والاندماج في فرنسا وسيكون بداية لصعود اليمين في أوروبا وتفكك الاتحاد الأوروبي، وفي ظل أوضاع سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية صعبة تعيشها فرنسا فمن المتوقع كما في كل مرة أن يعود الناخب الفرنسي إلى رشده ويعمل على إسقاط لوبين لصالح أي مرشح يقف ضدها في الجولة الثانية والحاسمة.