نجح بشار الجعفري رئيس وفد النظام لمفاوضات جنيف في إيقاع المعارضة في فخ جديد، وجاء ذلك على خلفية الهجمات الدامية التي طالت مقار أمنية للنظام في حمص وأدت لمقتل العشرات من الضباط والعناصر من بينهم رئيس فرع الأمن العسكري اللواء دعبول ورئيس فرع أمن الدولة العقيد درويش …، فقد سارع الجعفري لاستثمار الحادث سياسياً على الفور واعتبره مفصلياً لإعلان نفي المعارضة علاقاتها بالجماعات الإرهابية عبر استنكارها وإدانتها لتفجيرات حمص، وقد حشر الجعفري المعارضة في زاوية صعبة مما جعل موقفها غريباً ولا يعبر عن مواقف الثورة، فقد أعلن وفد المعارضة عدم علاقته بالتنظيمات التي سماها إرهابية ولا بما تقوم به وهي تنظيمات داعش والنصرة وهيئة تحرير الشام وإخوتهم في المنهج، ويكون بهذا التصنيف قد أعطى المبرر للنظام وروسيا بقصف مناطق تواجد تلك التنظيمات وتعريض حياة المدنيين فيها للخطر وبدون اي حرج كون ذلك يقع ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
ضعف المعارضة جعل أمراً أساسياً وجوهرياً يغيب عنها في مواجهة تحدي الجعفري، حيث أن المقتولين في عملية حمص هم بالأساس ضباط وعناصر أمن قاموا من قبل بارتكاب أبشع الموبقات بحق أبناء الشعب السوري من اعتقال وتعذيب واغتصاب وقتل ممنهج، ويفترض أن يكون مقتل أولئك المجرمين قصاصاً صغيراً لا أكثر مقابل جرائمهم البشعة، وكان يفترض بوفد المعارضة التحول من موقف الدفاع إلى الهجوم واكتساب الفرصة للحديث عما يقوم به رؤساء الأفرع الأمنية بحق الشعب السوري، ولو امتلك الوفد الحنكة والدهاء لكان طالب الجعفري نفسه بالاعتذار عما حصل للشعب السوري بفعل إجرام نظامه قبل أن يطالب هو باعتذار المعارضة عن مقتل عناصر أمن مجرمين.
بسبب قلة الخبرة التي تنتاب صفوف المعارضة، وبسبب خشيتهم كما يبدو من تأثير عملية حمص على سير المفاوضات انساقوا وراء تهديدات الجعفري لهم، في المقابل من الغريب أن نرى صمتهم على استمرار قصف النظام وروسيا رغم الاتفاقيات المبرمة والوعود المتكررة، ولم تعد دماء الشعب السوري سبباً كافياً لديهم كما يبدو للتوقف عن المشاركة في عملية التفاوض ولذلك جاءت خشيتهم من تأثير مقتل شلة من المجرمين واعلانهم البراءة من الحادثة.
لا يعنينا بشيء البحث عن أسباب عملية حمص، ولا من يقف وراءها،ولا كيف تمت العملية؟ وما هي أهدافها الحقيقية؟ فكل ذلك لا يؤثر على النتيجة النهائية التي ينتظرها السوريون بخلاصهم من عناصر أمنية قاتلة لهم.
لا يمكن القبول بتبرير موقف المعارضة المخزي تحت أي ظروف، ولا يمكن اعتبار هذا الموقف براغماتياً لعدم ظهور أي نتائج إيجابية مباشرة له، لكن مخاوف حقيقية بدأت تسود أوساط الناشطين مما قد يتخذه وفد المعارضة من مواقف فيما بعد تخرج عن نطاق ما هو متوقع أو مألوف، فهل ننتظر يوماً قريباً نرى فيه المعارضة تعتذر للنظام عما قامت به وتطلب منه السماح لها بالمشاركة في العملية السياسية، لا يبدو أي شيء غريباً منذ الأن ويبقى الموضوع متعلقاً بانتظار الإعلان عنه في لحظة ربما لا تكون بعيدة، عشنا وشفنا..في أخر الأيام…المعارضة تعتذر للنظام!.