هاجم زعيم المعارضة التركية كمال قلتشدار أوغلو ,الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب السياسة التي ينتهجها إزاء اللاجئين السوريين في تركيا.
ففي خطاب أمام أنصاره اليوم, زج رئيس حزب الشعب الجمهوري بالسوريين في أتون حملته الانتخابية المناهضة للتعديلات الدستورية, والتي سيتم الاستفتاء عليها في السادس عشر من شهر نيسان الجاري.
موقع مرآة سوريا اطلع على الادعاءات التي ساقها الزعيم المعارض في معرض هجومه على الرئيس التركي, والتي تظهر التناقضات الكبيرة في خطاب زعيم أكبر حزب معارض في تركيا.
ففي الوقت الذي أبدى فيه الزعيم المعارض قلقه على الاقتصاد التركي بسبب الـ “36” مليار دولار التي تقول الحكومة التركية أنها أنفقتها على اللاجئين السوريين, فإنه هاجم الرئيس التركي بسبب السماح للسوريين بالمكوث خارج المخيمات قائلاً : “فتحت الباب على مصراعيه للسوريين ، لا بأس ، فقد فروا من الحرب ، لماذا لا تستضيفهم في المخيمات ؟. لماذا سمحت لهم بالانتشار في 81 ولاية ؟”, في حين أنه من المعروف أن أكثر نفقات الحكومة التركية على اللاجئين السوريين هي تلك التي تنفق على المقيمين منهم في المخيمات, والذين لا يشكلون أكثر من عشرة بالمائة من حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا.
قلق الزعيم اليساري غلى الاقتصاد التركي جعله يتجاهل أن أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري يعيشون في تركيا على نفقتهم الخاصة, حيث سببوا وبحسب الصحافة المعارضة نفسها ارتفاعاً في أسعار إيجار العقارات بمعدلات تصل إلى 100% في بعض المدن. هذه الإيجارات التي تعود جبايتها بالمجمل إلى الاقتصاد التركي لا يتم التطرق إليها نهائياً من أي جهة عند دراسة الآثار المادية لوجود السوريين على الاقتصاد.
كما ادعى قلتشدار أوغلو بأن السوريون معفيون من الضرائب عند قيامهم بالأنشطة التجارية مخاطباً أردوغان:”سمحت لهم بافتتاح محال تجارية بحانب المواطن التركي ، المواطن التركي يدفع ضريبة ، فلماذا المواطن السوري لا يدفع ضرائب ؟”, وهذا الادعاء وإن كان صحيحاً في السنة الأولى من الثورة على الأكثر حيث كانت السلطات التركية تتبع سياسة غض البصر تجاه استثمارات السوريين الصغيرة والمتوسطة مراعاة لأوضاعهم الانسانية, فإنه من المعروف أن وزارة المالية التركية بدأت بحملات عديدة ألزمت السوريين بترخيص كافة نشاطاتهم التجارية ودفع ضرائبهم للدولة. لكن زعيم المعارضة في نفس الوقت لم يأتِ على ذكر المئات من المشاريع التجارية والمنشآت الصناعية الكبرى التي أسسها السوريون في تركيا والتي تعود بالنفع على الاقتصاد وتستوعب آلاف العمال السوريين والأتراك.
كما لم يتطرق قلتشدار أوغلو في حديثه نهائياً إلى عشرات الآلاف من العمال السوريين الذين يعملون بأجور زهيدة ودون تأمين صحي مقارنة بنظرائهم الأتراك.
ولم يفوت الزعيم البارز فرصة استغلال الأنباء عن منح الجنسية التركية للسوريين من أجل الهجوم على وجودهم في تركيا وعلى الرئيس التركي, مدعياً أن الأخير سوف يمنح الجنسية لكل اللاجئين السوريين, في حين أن طلبات الجنسية والتي مازالت في مرحلة الدراسة حتى الآن, لم تشمل إلا مانسبته 2 بالمائة من السوريين في تركيا, وهم بعض أصحاب الشهادات العلمية ورؤوس الأموال والذين تقوم أي دولة في العالم بترشيحهم لنيل جنسيتها للاستفادة من خبراتهم العلمية أو الاقتصادية.
أما في مجال الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة التركية للاجئين السوريين مجاناً بشكل عام, فقد حاول قلتشدار أوغلو إثارة غضب الناخب التركي مدعياً إعطاء الأفضلية للسوريين مقابل المواطنين الأتراك, حيث يعلم كل مقيم في تركيا أن هذا الأمر منفي جملة وتفصيلاً ,فالمواطن التركي -وهو الوضع الطبيعي- له الأفضلية في كافة الخدمات سواء من قبل السلطات أو من قبل الكوادر الطبية التي تقدم الخدمة مباشرة للمواطنين.
كما لم يكتفِ رئيس حزب المعارضة باستعمال السوريين في الوضع الداخلي, حيث انتقل إلى المعارك التي تدعمها القوات المسلحة التركية ضد تنظيم الدولة في سوريا, مستنكراً إعلان الحكومة التركية سابقاً نيتها التوجه إلى الرقة, ومستغلاً خوف المواطنين الأتراك من احتمال سقوط ضحايا لهم في سوريا مخاطباً أردوغان من جديد :”تريد اقتحام الرقة ، من أعطى لك التعليمات ؟. لماذا ترسل أولاد الأناضول للرقة ؟”
وفي هذه النقطة بالتحديد تختلف المعارضة التركية عن المعارضات في مختلف الدول الديمقراطية, حيث أنه من الشائع أن تتوحد الحكومة والمعارضة في أي بلد عندما تكون البلاد أمام معارك ضد أي عدو خارجي, وخصوصاً أن القوات المسلحة التركية تخوض حرباً ضد تنظيم الدولة والميليشيات الانفصالية الكردية, وكلا التنظيمين يستهدفان وحدة أراضي تركيا واستقرارها الداخلي, لكن لعبة السياسة والانتخابات سمحت لزعيم المعارضة التركية باستخدام كل الأساليب والمتاجرة بمعاناة اللاجئين السوريين والمحنة التي تعيشها بلادهم لتحقيق نقاط ضد خصومه السياسيين.
وفي الوقت الذي تحول فيه اللاجئون السوريون إلى مادة انتخابية في تركيا ,يرى مراقبون مطلعون أن المعارضة السورية بمختلف مكوناتها هي المسؤول الأول عن تحول مواطنيهم للعبة بأيدي الساسة الأتراك, حيث لم يستطيعوا خلال 6 سنوات من الحرب أن يصيغوا خطاباً عقلانياً يخاطب المواطن التركي, كما عجزوا خلال تلك السنوات عن تأسيس أي كيان يمثل اللاجئين في تركيا وينقل معاناتهم للسلطات ولجمهور المعارضة على حد سواء.