يستمر المسلسل المؤلم لسقوط العديد من شخصيات المعارضة وتساقطها بشكل متسارع خارج إطار الثورة وأهدافها، لا بل أكثر من ذلك ضد الثورة بالمطلق وبشكل فاجع، ولم نكد ننسى أو نستوعب المشهد الأخير والمباغت بعودة الشيخ نواف البشير لحضن النظام وارتدائه البزة العسكرية للدفاع عنه كما قال، حتى جاءت ضربة جديدة ولكن بشكل مختلف هذه المرة، وكانت على يد الشيخ رياض درار الذي وجد ضالته كما يبدو بالالتحاق بصفوف قوات سورية الديمقراطية الكردية في خطوة غريبة ولكنها ليست مفاجئة بالمطلق لمن يعرف الشيخ ويتابع تحولاته، فقد استبق درار ذلك باتخاذ مواقف تأييد واضحة لها للأكراد بشكل متكرر، حتى أنه أثنى على عبد الله أوجلان ومنطقه المتمثل في الأمة الديمقراطية كما قال في مرافعاته، ومع ذلك كان أصدقاء الشيخ يفسرون مواقفه و يبررونها ويؤكدون أن الشيخ نبيل في مقصده وشريف في نواياه وكل ما يريده هو تقديم الدعم والمساندة لقضايا الأكراد العادلة في مواجهة “الظلم التاريخي” الذي لحقهم.
لكن الشيخ رياض كان له أهداف ومآرب أخرى كان يعمل لأجلها بصمت ومن وراء الكواليس، فقد كان يرتب أوراق اعتماده لقوات سورية الديمقراطية بعد أن وجد ضالته المنشودة لديهم، وقد حانت اللحظة المناسبة عندما تم تعيين الشيخ رياض في الرئاسة المشتركة لمجلس سورية الديمقراطية مع إلهام أحمد وذلك خلال مؤتمر المجلس الثاني الذي عقد منذ أيام في مدينة ديريك وبحضور 118 عضواً ممثلين عن الكيانات والأطر السياسية والفعاليات المجتمعية ومن كافة المناطق السورية كما ذكر البيان الختامي للمؤتمر.
اقرأ: مجلس سورية الديمقراطية ينتخب رياض درار وإلهام أحمد للرئاسة المشتركة
رياض درار هو ابن دير الزور وحامل إجازة في اللغة العربية، وقد عمل خطيباً في مساجد دير الزور لمدة أحد عشر عاماً، وساهم في نشاطات لجان المجتمع المدني لكن النظام اعتقله في 2006 على خلفية إلقائه كلمة في تأبين الشيخ الكردي معشوق الخزنوي الذي اختطف ووجد مقتولاً، وقد حكم عليه إثرها بالسجن مدة خمس سنوات.
شارك درار في تأسيس هيئة التنسيق والمنبر الديمقراطي وإطلاق نداء روما، وكانت مواقفه تلقى ترحيباً واسعاً من شخصيات ومراكز أبحاث في المعارضة رغم ما كان ينتابها من إشكالات فكرية وإيديولوجية ومغالطات منهجية من السهل اكتشافها، فقد كانت تروق لهم مواقف الشيخ وكتاباته حول الإسلام والتي كان يكررها باستمرار في كل المقالات والندوات والمحاضرات، حيث يتبنى الدعوة للعلمانية ويربط بينها وبين الإسلام ويدعي أنه لا تناقض بينهما ويرتكب في سبيل برهنته على ذلك الكثير من الأخطاء العلمية المنهجية.
كان الشيخ منفتحاً في كل الاتجاهات لتحقيق أهدافه الشخصية وهذا كان السبب وراء مواقفه المتناقضة، وقد كان مستغرباً من رجل دين مثله وضعه لايك على منشور تافه ومبتذل لنزار نيوف وقد أدى ذلك اللايك الشهير لاستقالته أو إقالته من هيئة التنسيق بشكل ظاهر ومباشر.
لا تجد أي ذكر لنظام الأسد وجرائمه في بيان مجلس سورية الديمقراطية الذي صدر في ختام مؤتمرها الثاني والذي كرس الشيخ رياض درار رئيساً لها، بينما لا يفوت البيان المطالبة بإنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية.
وضع درار أصدقاءه السابقين في حرج شديد ولا يستطيعون تبرير مواقفهم السابقة الداعمة له، فهو بات رئيساً لهيئة كردية قامت بارتكاب جرائم قتل وتطهير عرقي ممنهج خاصة ضد السكان العرب وهي مستمرة في مساعيها لاحتلال مزيد من الأراضي لضمها إلى الكانتون الكردي الذي تسعى إليه، كما أن الشيخ نفسه قد انساق بسرعة وأعجبه المنصب الوهمي الذي وضع فيه فسارع في أولى تصريحاته للقول بأن علاقته مع سورية الديمقراطية فكرية منذ التأسيس وأنه كان يشجع الإدارة الذاتية عبر ما تقوم به وحدات حماية الشعب وقوات سورية الديمقراطية على الأرض وهي أعمال شبيهة بأعمال الصحابة أيام الرسول.
ليس من قاع أعمق يسقط إليه رياض درار بعد هذا …. وربما تكون تسمية الشيخ ضرار هي الأنسب … ولا عزاء للمخدوعين به من قبل ولا من بعد.