فيون أو لوبين في رئاسة فرنسا…ماذا لو؟

بعد الفوز الصاعق لترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، بات كل شيء ممكناً وغير مستبعد في عالم السياسة، وتبرز حالة من القلق في فرنسا من احتمال فوز مرشح يمين الوسط فرنسوا فيون أو مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبين بالانتخابات الرئاسية القادمة.

 


رغم أن فيون مرشح حزب الجمهوريين العريق في الحياة السياسية الفرنسية الذي حكم فرنسا مرات عدة من قبل، إلا أن المشكلة هي مع فيون وليس حزبه وذلك بسبب تصريحاته ومواقفه المعادية للمهاجرين بشكل عام والمسلمين بشكل خاص بحجة محاربة الإرهاب الإسلامي مما سيؤثر على التعايش والاندماج في المجتمع الفرنسي، وبالنسبة للوضع في سورية فإنه يرى أن حكومة فرنسا أخطأت عندما قطعت اتصالاتها مع نظام الأسد ويجب العمل على إعادة تلك العلاقات والتعاون مع نظام الأسد في محاربة الإرهاب، ومجمل مواقف فيون لا تبتعد كثيراً عن مواقف لوبين رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف والذي يقوم على مبادئ عنصرية متطرفة.
استمر فيون في حملته الانتخابية ولم يقبل أن يتراجع أو يستقيل عن ترشحه للانتخابات الرئاسية رغم الفضائح المالية التي طالته، وأمام إصراره لم يجد الحزب مخرجاً في تقديم مرشح بديل عنه مع اعتذار ألان جوبيه عن ذلك رغم أنه كان يحتل المرتبة الثانية في قائمة مرشحي الجمهوريين وعلل جوبيه ذلك بأن فرنسا مريضة وتحتاج لرجل قوي وهو لا يستطيع أن يقوم بذلك.

 
من جهتها فإن لوبين تعرضت هي الأخرى لفضائح مالية مماثلة ولكنها واجهتها بصلف وتحدت حتى الإجراءات القضائية بحقها واستمرت في حملتها الانتخابية.

 
في مواجهة مرشحي اليمين يبرز كأقوى المنافسين ايمانويل ماكرون مرشح حركة إلى الأمام الناشئة وبينوا هامون مرشح الحزب الاشتراكي الذي يتولى الحكم في فرنسا حالياً، وتشير استطلاعات الرأي العام الأخيرة لحصول لوبين على المرتبة الأولى يليها ماكرون بفارق بسيط ثم فيون وبعده هامون في المرتبة الرابعة وسينتقل مرشحان لخوض الجولة الثانية من الانتخابات لاستحالة حسمها من الجولة الأولى.

 
يراهن المتابعون كما العادة على تبدل مزاج الناخبين الفرنسيين في الجولة الثانية وعودتهم لرشدهم لمواجهة لوبين وإلحاق الهزيمة بها لصالح المرشح الأخر سواء كان من اليمين أم اليسار، لكن من يضمن حدوث مفاجأة من العيار الثقيل من خلال تحالف يمين الوسط واليمين المتطرف هذه المرة؟ وقد أشار الرئيس الفرنسي هولاند إلى تأثير فاعل تمارسه روسيا على الرأي العام الفرنسي وهو ما حصل بالفعل في الانتخابات الأمريكية.

 
رغم الحيوية التي يتمتع بها ماكرون والبرامج القوية التي قدمها ومواقفه القوية المناهضة حتى للاستعمار الجزائري لفرنسا إلا ان ما يعاب عليه عدم تقديمه طريقة توفير موارد لتمويل خططه وبرامجه الواسعة، وهل يستطيع تشكيل حكومة تحظى بموافقة البرلمان وهو لا يملك حزباً بل حركة جديدة؟

 
بالنسبة لهامون الشاب صاحب البرامج الطموحة والمواقف الإنسانية الجيدة فلا يبدو أن حملته الانتخابية تسير حتى الأن بشكل قوي وهو لم يستطع إنجاز تحالف كان ضرورياً مع المرشح اليساري الأخر مينشلون كما لم يحظى بدعم واسع من القيادات التقليدية في اليسار وبدون حصوله على ذلك فإن فرص ترشحه للجولة الثانية تبدو ضعيفة جداً.

 
بانتظار استطلاعات جديدة لنرى كيف تغير موقع فيون بعد قراره الاستمرار في حملته الانتخابية رغم الملاحقة القضائية له وهل لا زالت لوبين في المقدمة، ومع ذلك فإن الحذر ضروري وربما تكون ا استطلاعات الرأي غير دقيقة ومخادعة كما جرى في الانتخابات الأمريكية مع ترامب، ويحتاج المرشحون في اللحظات الأخيرة من السباق الرئاسي لعوامل إضافية غير منظورة لترفع من أسهمهم وتغير ترتيبهم ومواقعهم، ورغم أن الدعم الذي تلقاه فيون ولوبين يثير الاستغراب بعد انكشاف فضائح مالية بحقهما، إلا أن الرهان يبقى في النهاية على إرادة الفرنسيين ورغبتهم في رئيس قوي شاب يدفع ببلادهم للأمام ويبعد عنها شبح الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولن تشفع لفيون خبراته العملية الواسعة في مواجهة هامون أو ماكرون الذي ينتظر أن يكون أحد قطبي الجولة الثانية وربما رئيس فرنسا المقبل.

 

 

أضف تعليق