بدأت أمس الخميس الجولة الخامسة من مباحثات جنيف5 برعاية الأمم المتحدة بلقاءات تمهيدية مع الوفود المشاركة في ظروف لا تبدو مواتية لتحقيق اختراق في الأزمة القائمة منذ أكثر من ست سنوات بسبب تعنت النظام وإصراره على أن مكافحة الإرهاب هو مفتاح الحل الوحيد للأزمة بينما يتمسك وفد المعارضة بمسألة “الانتقال السياسي” باعتباره مفتاح القضايا الأخرى جميعها.
وأكد الكاتب والباحث السياسي الدكتور باسل الحاج جاسم أن“مباحثات جنيف لا ينتظر منها أي جديد ولن يكون هناك تأثير ملموس لأنه بالأصل لا ينتظر أي شيء جدي من هذه المباحثات فكل طرف له أجندته الخاصة المتعارضة مع الطرف الآخر” مشيراً إلى أن “الشيء الوحيد المنتظر هو عقد هذه الجولة بانتظار ما ستفرزه خارطة التحركات العسكرية الجديدة على الأرض فالكلمة العليا ستكون لمن يسيطر على الأرض وصاحب المدفع الأكبر”.
وأوضح الحاج جاسم في تصريح خاص لموقع مرآة سوريا اليوم الجمعة 24 آذار/مارس 2017 أن “الظروف أبعد ما تكون عن ظروف مناسبة لأي تسوية ما” لافتاً إلى أن “أميركا عملياً باتت اليوم منخرطة في الساحة السورية و بشكل غير مسبوق مصطحبة معها حليفاً له أجندته البعيدة عن تطلعات الشعب السوري وأهدافه.
وقال الحاج جاسم :”انخرطت اليوم أمريكا بشكل عملي في الساحة السورية التي ارتأت توريط الآخرين فيها طوال الست سنوات الماضية،مع أخذها قوات سوريا الديمقراطية حليفاً لها في هذا التدخل وهذا الحليف له أجندته الخاصة التي هي أبعد ما تكون عن تطلعات و أهداف الشعب السوري بالإضافة لكونه لا يتجاوز 7 بالمائة من مكونات الشعب السوري ,فالاسم”سورية الديمقراطية” للوهلة الأولى يبدو اسم كبير و يعبر عن كل السوريين إلا أن واقع الأمر مختلف تماماً…و من بتحكم بهذه القوة جهة بعينها”.
وأضاف الحاج جاسم بأن “واشنطن تعرضت للتضليل حيث وضعت حليفاً لها في سوريا يفترض أنه يمثل كل السوريين إلا أن الواقع يعكس أمراً مغايراً تماماً بطريقة مشابهة للتضليل الذي تعرضت له بداية تدخلها في العراق وتم اكتشافه لاحقاً وتبدو الإدارة الأمريكية إلى اليوم تجهل حقيقة الواقع السوري”.
وتابع الدكتور الحاج جاسم قائلاً: إنه “من غير المستبعد أن يكون التنافس بين الأجهزة الأميركية أو ربما حتى الخلاف فيما بينها أهم أسباب التضليل الذي تتعرض له إدارة ترامب بجعل أجندة حليفها في سوريا أبعد ما تكون عن السوريين”.
ونوه الحاج جاسم إلى أن “الولايات المتحدة و تحت مسمى سوري أقنعت نفسها أنها تتحالف مع مكون ربما يعادل نصف مكونات سوريا و أكثر…و قد لا تستغرب قريباً تغيير اسم الوحدات الانفصالية بحيث يتماشى الاسم الجديد مع طبيعة المرحلة القادمة كما حدث و فعلت في أكثر من مرة”.
وشدد الباحث السياسي على أنه “من غير الممكن أيضاً عدم ربط توقيت تقدم الفصائل المعارضة على أكثر من جبهة لاسيما في العاصمة دمشق , و بالإضافة لتواجد قوات روسية في منطقة عفرين بالتعاون مع الوحدات الكردية الانفصالية في سابقة هي الأولى اعتبرها مراقبون استفزازاً ليس فقط لأنقرة و إنما لحكومة الأسد أيضاً”.
ويرى الباحث السياسي الحاج جاسم أن ” الانفصاليين ذهبوا بعيداً في تقسيم تركة الجمهورية العربية السورية بين موسكو و واشنطن للدخول تحت مظلة الطرفين استعداداً لأي مواجهات عرقية قادمة بعد اختفاء تنظيم الدولة من الساحة”.
هذا ولا يزال الغموض يهيمن على الآلية التي ستتم من خلالها مناقشة الخطوط الأربعة العريضة مع الاختلاف في الأولويات الرئيسية للتسوية وتمسك كل من وفدي المعارضة والنظام بموقفهما من تلك الأولويات.
ولم تستطع جولات تفاوضية سابقة أن تحقق أي تقدم في المباحثات الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية إلا الاتفاق اليتيم مع انتهاء الجولة الرابعة في الثالث من الشهر الجاري حين أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الاتفاق على جدول أعمال “طموح” للمباحثات المقبلة مكون من أربع “سلال” رئيسية كما أطلق عليها على أن يجري مناقشتها بـ ” شكل متواز” وهي الحكم وإعداد الدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب.