فرضت الحرب الدائرة في سوريا على معظم السكان ترك مدنهم ومنازلهم، والذهاب إلى مناطق أكثر أمناً أو اللجوء إلى المخيمات.
وزادت ظاهرة النزوح بعدما عمد رأس النظام وأعوانه إلى تهجير المدنيين قسرياً عن طريق اتفاقيات الإجلاء التي شملت عدة مدن منها دمشق وحلب وحمص، ونصت هذه المعاهدات على زجهم في الشمال السوري، ماأدى إلى تفاقم أزمة السكن بشكل ملحوظ.
وأصبح أن تجد منزلاً مناسباً أمراً بالغ الصعوبة، وذلك مع التضخم السكاني الذي تشهده المنطقة إضافة إلى استغلال سماسرة العقارات حاجة الرجل لمنزل يأويه مع عائلته أياً كانت مواصفات هذا البيت.
محمد نازح من مدينة حلب، يروي لنا معاناته مع البحث عن منزل، فقال: “أخرجت قبل أشهر من مدينتي حلب، ولجأت إلى أحد أقربائي في مدينة الدانا بريف إدلب، لتبدأ رحلة معاناتي مع تأمين مسكن يأويني أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة”.
وأضاف محمد “بعد أيام من البحث المتواصل دون كلل أو ملل، تيقنت أن إيجاد منزل في هذه الظروف أمراً ليس بالسهل بتاتاً، حيث أن جميع المكاتب العقارية دون أي استثناء أصبحت تمتهن الاستغلال دون أي رادع أخلاقي أو حتى قانوني”.
واستطرد بالقول ” وعندما وجدت بيتاً بعد أشهر من الانتظار والعناء، طلب مني مالكه 125$ آجاراً شهرياً 375$ مقدماً عن ثلاثة شهور،و100$ تأميناً له إضافة إلى 50$ عمولة المكتب، وهذا يعني أنه علي دفع مايقارب ال 650$ في نفس الوقت مقابل حصولي على مسكن مكون من غرفتين وصالة”.
أما عبدالله وهو شاب مقبل على الزواج، فقال: “اضطررت إلى تأجيل زواجي بعد خطبة دامت سنتين إثر قصف جوي تعرض له منزلي أدى إلى دماره بالكامل”.
وأضاف عبدالله “وجدت في إحدى القرى النائية بيتاً متآكل البنيان ومؤلف من غرفة واحدة في إحدى زوايها حمام وفي الزاوية الأخرى شيء يشبه المطبخ، فضلاً عن أنه مبني فوق حظيرة للحيوانات، وعلى الرغم من ذلك آجاره الشهري 100$”.
وأبو أحمد نازح من مدينة داريا، لخص مأساته مع تأمين مسكن لعائلته، قائلاً: “لقد نفدت معظم نقودي على بيوت الآجار، ولم يبق لدي سوى القليل منها لأنفقه على إطعام أولادي الصغار وتأمين بعض لوازمهم الضرورية، لذلك ذهبت إلى أرض زراعية ونصبت خيمة تحميني أنا وعائلتي من استغلال سماسرة العقارات وذل أصحاب البيوت”.
وأشار أبو أحمد إلى انعدام دور الجهات المعنية والمسؤولين في مساعدة النازحين و المهجرين، وطلب منهم أن يقيموا مشاريع سكنية لإيواء المحتاجين أو أن يعملوا على توفير بيوت بأجور زهيدة، وأكد على ضرورة تحديد أجور المنازل بما يتناسب مع مواصفاته و إمكانيات المستأجر، وذلك منعاً لاستغلاله من قبل أصحاب العقارات.
و ختم حديثه قائلاً: “لابد من تفعيل دور المراقبة والمحاسبة لكي ينال كل مخطىء جزاء عمله”.
وتبقى أزمة السكن واحدة من الأزمات التي تعصف بالشعب السوري، دون وضع حلول أو قيود لها تحد من تزايدها، وتساعد على تحسين مستوى معيشة الإنسان نوعاً ما في ظل الظروف الراهنة.